شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م17:20 بتوقيت القدس

نساء المناطق الحدودية.. "قَوِيات" يرغبن بالصراخ!

14 يوليو 2021 - 19:51

بيت حانون:

برغم انتهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلا أن آثاره متأصلة في نفوس النساء من القاطنات قرب الحدود، كثيرات منهن يعشن خوفًا وقلقًا مستمرًا، حيث تصطدم أمنياتهن بالانتقال إلى أماكن أكثر أمنًا، في ظل واقعٍ صعب تعيشه عوائلهن بفعل الظروف الاقتصادية.

تقول "آمنة. المصري" (37 عامًا) وهي أم لسبعة أطفال، فقدت اثنان منهم خلال العدوان الأخير: "في النهار تكون الأوضاع مخيفة، فما بالك خلال ساعات الليل، منذ أن سكنتُ هنا وشعور القلق والخوف يرافقني دائمًا، فأنا أفتقد الأمان لي ولعائلتي".

وتضيف: "قديمًا كنتُ أقطن في منزلٍ سيء، فقررت أن أبني آخر في قطعة الأرض الملاصقة للحدود، لكنني لم أكن أتوقع خطورة الأوضاع إلى هذه الدرجة، والأصعب يحدث عند وقوع تصعيد أو عدوان إسرائيلي، ففي تلك الحالة أترك منزلي وألتجئ إلى مكانٍ أكثر أمنًا، وعندما أعود يظل الأثر النفسي للعدوان فترة زمنية مرافقًا لي ولأطفالي".

تشاركها المعاناة "كريمة.عبد القادر"، وهي أم لعشرة أفراد. تقول: "كنا نشعر بنسبةٍ ضئيلةٍ من الأمان، لكن بعد العدوان الأخير فقدنا الأمان بشكل كبير، ففي كل لحظة نتوقع هجومًا من طائرات ودبابات الاحتلال الإسرائيلي".

تكمل كريمة (45عامًا): "نحن نعانى من ضغط نفسي رهيب، يعيشه أزواجنا وأطفالنا بشكلٍ دائم (..) منذ اللحظة الأولى لزواجي في هذه المنطقة، تشكل لدي شعور بالتوتر والقلق الدائم، وإن كنت خط الأمان الأول لأطفالي، فإنني أحمل خوفًا لا يقل عما يشعرون به، وينعكس ذلك في تصرفاتي تجاه عائلتي".

وتشير إلى أن الشعور النفسي الذي تعاني منه وعائلتها، كثيرًا ما يؤثر على سلوكياتهم الحياتية، "ففي كثير من الليالي لم أذق للنوم طعمًا حتى طلوع النهار، والعصبية التي أعاني منها تجاه عائلتي وأطفالي كبيرة، أحاول أحيانًا السيطرة، لكن هناك مواقف راسخة أثرت على حياتنا بشكل سلبي".

تؤكد "آمنة. حسنين" (38 عامًا) سيطرة الخوف المزمن عليها، بمجرد النظر إلى موقع منزلها القريب من الحدود. "الوطأة النفسية شديدة، والاستعداد الفوري للتشرد والنزوح القسري إلى منازل الأقارب أو مراكز الإيواء مرعب، ففي الحالتين نفقد خصوصيتنا واستقرارنا" تردف.

وتكمل: "الشعور بالأمان وعدم القلق أصبح حلمًا يراودنا، الظروف المعيشية الصعبة هي من فرضت علينا السكن في منطقة حدودية (..) نحن النساء نتحمل آثارًا نفسيةً صعبة، ونحمل فوق كواهلنا  مسؤولياتنا تجاه عائلاتنا، ونحتمل –فوق ما يمكن لأحد أن يتخيل- كل الظروف المحيطة بنا، وعلى رأسها الحرب".

أكثر من طاقتهن

الأخصائية باتحاد لجان العمل الصحي سماء العجوري، تقول: "من الأكيد أن السكن في المناطق الحدودية يؤثر بشكل سلبي على جميع الفئات العمرية لكلا الجنسين، ولكن تأثيره على النساء أكبر بكثير، فهن محاور بيوتهن، هن الأمن والأمان، وبالتالي الضغط الواقع عليهن أكبر من الضغط الذي يقع على أي فرد في الأسرة، حين يتوجب عليهن التظاهر بالقوة تحت نيران القصف ليدعموا من حولهن نفسيًا، حتى وإن كن فعليًا يشعرن بالخوف".

وتوضح أن مسؤولية المرأة تجاه أسرتها يُحتم عليها أن تكون أكثر تماسكًا وأكثر صلابة من غيرها، لأن الجميع يستمد القوة والتماسك منها، مضيفةً لشبكة "نوى": "تواجه نساء المناطق الحدودية ضغطًا نفسيًا كبيرًا بفعل الخوف على الأطفال، ومحاولة تهدئتهم واحتضانهم، وتوجيههم للسيطرة على الخوف والقلق الذي يعيشونه، في الوقت الذي يكُن فيه بأمس الحاجة لأحدٍ يؤدي معهن نفس الوظيفة.. بحاجةٍ إلى الصراخ، وإلى أحد يحمل عنهن كل العبء والخوف ولو ليومٍ واحد".

وتشير كذلك إلى أن بعد المناطق الحدودية عن الأسواق والمشقة التي تواجه الأسرة في توفير متطلبات الحياة الأساسية يشكل عبئًا على الأزواج في تلك المناطق، وهو الأمر الذي يدفعهم لتفريغ "مشاعرهم السلبية بالتسلط والعنف على زوجاتهم في أغلب الأحوال".

وتبعًا للعجوري، فإن مشاعر الخوف والقلق التي تنتاب نساء المناطق الحدودية في الأوقات العادية تتزايد خلال الأزمات والعدوان الإسرائيلي حسب طبيعة المكان والمخاطر التي قد تصيب ساكنيه، "إلا أن الأمهات، يحاولن جاهدات عدم إظهار أي من تلك المشاعر، بإعادة ترتيب أنفسهن من الداخل ليظهرن وكأنهن بخير، وهن في الحقيقة عكس ذلك تمامًا".

أما عن الدعم النفسي المستمر، فتلفت العجوري إلى دور مؤسسات المجتمع المحلي في نشر التوعية بين سكان المناطق الحدودية عمومًا، وبين نساء المناطق النائية والحدودية على وجه الخصوص، لمحاولة إكسابهن مهارة التعامل مع الضغوطات وقت الأزمات والحروب، وكيفية التعامل مع المشكلات النفسية والسلوكية، التي قد تظهر لدى الأطفال.

وتؤكد أن برامج الدعم النفسي في تلك المناطق، تركت انطباعًا إيجابيًّا لدى السيدات، وأخذت بأيديهن نحو بر الأمان، "فأصبحت المرأة القاطنة قرب الحدود، مثالًا يحتذى في القوة والصبر والصمود، وهذا ما يجب أن يشعرن به حقًا لتجاوز كل الأزمات والضغوط النفسية التي يعشنها تحت نيران القصف والعدوان" تختم.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير