شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م18:43 بتوقيت القدس

الأسيرة جرار.. القلب موجوعٌ ويشتاق "سهى"

12 يوليو 2021 - 19:20

رام الله - شبكة نوى :

"أعظم الله أجرك بوفاة ابنتك الصغرى سهى"، هذا هو نص الرسالة التي نقلها محامون، اليوم، للأسيرة الفلسطينية النائب خالدة جرار التي قضت في سجون الاحتلال، أكثر مما قضت بين أحضان ابنتيها الشابتين سهى ويافا.

وذاع، فجر اليوم، خبر وفاة الابنة الصُغرى للأسيرة جرار، سهى (31 عامًا).

وبينما نعى روّاد مواقع التواصل الاجتماعي الشابة جرار، تبادلوا أسئلة تحرق القلب، عنوانها: "كيف ستخبرون والدتها؟".

وخالدة جرار (58 عامًا)، مناضلة فلسطينية ولدت في مدينة نابلس عام 1968، ومارست العمل النضالي ضد الاحتلال منذ ريعان شبابها، واعتقلت هي وزوجها غسان جرار إثر ذلك عدة مرات، كان آخرها في الـ31 من تشرين الأول/ أكتوبر 2019، علما بأنها كانت قد تحررت من السجن في نهاية شباط/ فبراير 2019.

حصلت جرار على ماجستير في الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهي عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ونائب في المجلس التشريعي الفلسطيني.

ابنتاها يافا وسهى أيضًا، ناضلتا ضد الاحتلال، وهن ناشطات في مجال الدفاع عن الأسرى وحركة المقاطعة العالمية لـ(إسرائيل)".

اقرأ/ي أيضًا:حملة لإطلاق سراح القيادية خالدة جرار

عام 2015، أصدر الاحتلال الإسرائيلي قرارًا باعتقال جرار إداريًا، وأفرج عنها في فبراير 2019 ليُعاد اعتقالها في أكتوبر من العام ذاته دون أي تهمة، شهران بقيا لتنعم بالحرية مجددًا لكن هذه المرة بطعمٍ مر.

عندما أفرج الاحتلال عن جرار في فبراير 2019، لم تشتكِ أي انتهاك تعرضت له، ولم تتحدث عن معاناتها أبدًا، بل اكتفت في مقابلة لنوى حينها بالحديث عن واقع الأسيرات.

قالت يومها: "الأسيرات بحاجة إلى مزيدٍ من العمل لأجل حريتهن، بحاجة إلى المزيد من التضامن والمزيد من التلاحم لأجل قضيتهن، وقضية كافة الأسرى في سجون الاحتلال، الأسيرات جزء لا يتجزّأ من الحركة الأسيرة، ومن نضال الأسرى لمواجهة مصلحة السجون، وإجراءاتها القمعية".

وأضافت: "إنهن يتعرّضن لهجمة احتلالية كبيرة، ويتُقن إلى الحرية، ويؤكدن على الوحدة الوطنية، والتلاحم الداخلي، وتفعيل الدور الشعبي لنصرة قضايا الأسيرات والأسرى عمومًا".

وفي مقابلة صحفية أجريت مع زوجها غسان جرار، قال: "إن خالدة تخشى وفاة أمها وهي في الأسر، تمامًا مثلما حدث عندما توفي والدها، ولم تتمكن من وداعه، لكن ما لم تحسب له "أم يافا" حسابًا هو فقدان ابنتها".

الصحفية الفلسطينية هند شرايدة، كتبت على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" تقول في نعي "سهى": "كانت سهى خائفة على والدتها من الإصابة بفايروس كورونا، فهي تعاني من أمراض مزمنة جرّاء احتشاء في الأنسجة الدماغية، نتيجة قصور التزويد بالدم الناتج عن تخثر الأوعية الدموية، وارتفاع في مستوى الكولسترول.

وتعرّفت هند على سهى قبل عامٍ ونصف، حين أجرت معها مقابلة بشأن والدتها، وأوضحت حينها أن أمها "خالدة" تحتاج لفحوصات أسبوعية، وجرعات منتظمة ومحسوبة من مُميّع الدم الذي لا تقطعه بتاتًا، فجرعة زائدة قد تتسبب لها بنزيف داخلي، أو أخرى أقلّ من اللازم قد تكون كفيلة بتخثر الدم وإحداث جلطات، "خاصة وأن أُمِي نجت من جلطتين، جسد أمي الذي نجا من جلطتين لا يحتمل كوفيد المميت".

ولم تعش سهى ويافا طفولتهما كباقي الصغار، فالاعتقال كان جزءًا من حياتهما وكثيرًا ما استمر لسنوات، حتى أن والدهما اعتقل أثناء طفولتهن سبع سنوات إداريًّا.

خالدة الأم

الكل يعرف خالدة المناضلة في وجه الاحتلال، التي لطالما وقفت كجبال نابلس أمامه أثناء المواجهات، ولطالما تعرضت للاعتداء وظلّت عزيمتها صلبة لا تنهار.

اليوم، نحن أمام خالدة الأم، التي فقدت ابنتها، وربما يُكتب عليها عدم حضور الجنازة حال حرمها الاحتلال من الوداع الأخير.

عشرات الأسئلة تنهش العقول بمرارة، تُرى هل تتسع زنازين السجون الضيقة لصرخات أم ماتت ابنتها وتحتاج إلى مساحة بحجم الكون تملؤها بالصرخات، علّها تخفف بعضًا من لهيب قلبها؟!

الناشط الفلسطيني إياد الرفاعي، وهو أسير محرر، كتب على صفحته في "فيس بوك" حول معايشته لتجارب أسرى تلقوا خبر وفاة أقارب لهم: "حضرت ثلاث حالات وفاة لأقارب أسرى وأنا في سجون الاحتلال، لا يمكن وصف حالة الأسير عند تلقيه مثل هذا الخبر، أن يكون محرومًا من النظرة الأخيرة لأم أو أب أو أخ أو ابن. لا يستوعب عقل بشري حجم ذاك الألم.. رحمك الله يا سهى، وربنا يصبرك يا خالدة".

اقرأ/ي أيضًا:الحرّة خالدة جرار.. "نورتِ البلد!"

خالدة الأم اليوم بحاجة إلى مواساة كل من يؤم بيت عزاء "سهى"، فالموت مصيبة بكل الأحوال، فكيف بموت الفجأة الذي يخطف شابة، ربما آخر مرة عانقت فيها أمها دون أن تحول بينهما القضبان كانت لحظة اعتقالها حين اختطفتها غربان الليل، وحملتها في الجيبات العسكرية نحو سجن الدامون.

خالدة "أم يافا" علمت بوفاة ابنتها حتمًا، فأخبار الموت لا يمكن كتمها طويلًا، كتبت محامية هيئة شون الأسرى منشورًا على صفحتها بموقع "فيس بوك" حول ما قالته خالدة: "الخبر كثير بوجع.. موجوعة لأني مشتاقتلها لسهى حبيبة قلبي، بس سلموا عالكل وخليهن يديروا بالهن عحالهن وطمنوهن أنا قوية.. قوية".

وعقّبت الخطيب بقولها: "النائب خالدة جرار، الأسيرة اللبؤة في سجن الدامون التي فقدت ابنتها عرفت بالخبر قبل ساعة من زيارتنا لها، نحن المحامون محامو الهيئة: حنان الخطيب وهبة مصالحة ومحاميها من الضمير محمود حسان والذي تقدم بطلب يسمح بمشاركتها في الجنازة وتوديع ابنتها".

حتى الآن لا أخبار نهائية حول إمكانية أن يفرج الاحتلال عن "أم يافا" لتعانق "سهى" العناق الأخير، لكن حملة المطالبة بذلك ما زالت مستمرة، ومع كل هذا فالقلوب يعتصرها الألم، كيف لأم أن يكون تحررها مرًا إلى هذا الحد؟!

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير