شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م17:46 بتوقيت القدس

يعاني لإنقاذ الضحايا

قبضة الحصار التي أطبقت على عنق الدفاع المدني بغزة

18 مايو 2021 - 01:55

غزة:

ما زال أنين استغاثة ضحايا عائلة "الكولك"، من تحت أنقاض منزلهم الذي دمّرته طائرات الاحتلال الإسرائيلي الحربية، يخترق قلب رجل الدفاع المدني مصطفى حمدان "36 عامًا".

فالرجل الذي شارك في عملية إنقاذ العائلة التي تكن شارع وحدة قرب مدينة غزة، كان يحفر التراب بيديه بعدما يرفع "الكبّاش" الأسقف المهدّمة من على رؤوس المدنيين، ثو يهوي بجسده إلى أعماق الركام، ليكون أول من يسمع أنفاس الأحياء وأنينهم.

وأدلى قصف الاحتلال لمنازل المواطنين يوم 16 مايو لحالي، إلى تدمير عمارتين على رؤوس سكّانهم، ما تسبب في استشهاد 40 مواطنًا من عائلتي الكولك وأبو العوف والافرنجي، استمرت عملية انتشالهم من تحت الأنقاض أكثر من 24 ساعة نتيجة نقص المعدّات.

أقرأ/ي أيضًا: ليل غزة الدامي يثقل قلوب الصغار

لا يأبه مصطفى بحجم "الردم" الذي يتساقط على جسده، بينما يحاول انتشال الأحياء، فهو كما باقي زملاءه في طواقم الدفاع المدني على جعل لإنقاذ الضحايا، منذ يوم 10 مايو الحالي حين أصبح قطاع غزة في مرمى العدوان الإسرائيلي، بينما منظومة الدفاع المدني تعاني ضعفًا في الإمكانيات خاصة بالمقارنة مع حجم الدمار الذي تخلّفه طائرات الاحتلال الحربية.

فهذه الطائرات تتسبب في دمار هائل بالمباني والبنية التحتية، وطواقم الدفاع المدني تجاهد من أجل إزاحة الأنقاض وصولًا إلى الضحايا العالقين تحت الركام أو إطفاء النيران المشتعلة في عدة مناطق. 

يعمل مصطفى ضمن طواقم الدفاع المدني منذ عام 2003، واعتاد الخروج في مهام حرجة في وقت السلم والحرب، أهمها خلال العدوانات الإسرائيلية على قطاع غزة 2008-2012-2014.

يحدثنا الرجل الثلاثيني عن هول الأوقات التي عايشها في العدوان الحالي، فهو لا ينسى مشهد إنقاذ المواطن شكري الكولك وابنته زينب، وأنفاسهما تلهج بالحياة، بعد قضائهما ساعات تحت الركام، فلحظة إنقاذ الضحية تعادل بالنسبة لمصطفى سعادة الدنيا.

اقرأ/ي أيضًا: "عائلات غزة" ... النزوح تحت حمم القذائف والصواريخ

ويتابع: "حجم الدمار نتيجة قصف الطيران الإسرائيلي للبنايات السكنية مهول للغاية، يزيد من معاناتنا في ظل ضعف الإمكانيات المتاحة للقيام بمهمة إنقاذ الضحايا".

ما يُؤلم مصطفى الذي لم يرى أبنائه منذ بدء هذا العدوان، أنه لا يملك أداة إنقاذ مناسبة تُساعده على تأدية مهمته، كرجال الإنقاذ في أي دولة أخرى بالعالم، فالاحتلال الإسرائيلي يتعمد عدم إدخال المعدات اللازمة لعمل فرق الدفاع المدني منذ حصاره لقطاع غزة قبل 15 عامًا.

فهذا جعل منظومة الدفاع المدني في قطاع غزة مهترئة لا تقوى على حجم الدمار الذي يخلّفه العدوان، يقول مصطفى الذي يتابع إن قلة الإمكانيات تجعله يقضي وقتًا كبيرًا في تنفيذ عملية إنقاذ واحدة، الأمر الذي يؤثر سلبًا على قوة الأداء والخسائر في الأرواح.

في حديث لنوى، يقول مدير العمليات في جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة، المقدم رائد الدهشان إن طواقم الدفاع المدني وفي ظل ضعف الإمكانيات؛ يضطرون إلى العمل بالأيدي من أجل انقاذ الأحياء وانتشال أشلاء الشهداء من تحت الأنقاض.

ويوضح أن بعض الآليات والأدوات لديهم تتعطل في وقت الخروج إلى المهمة؛ مما يُضاعف الشعور بالعجز أمام كم الدمار المريب، ويشير إلى أنه: "في ظل الحصار باتت منظومة الدفاع المدني مهترئة والإمكانيات المتواجدة لا تتناسب وحجم الدمار الهائل الذي خلّفه العدوان لليوم الثامن على التوالي".

اقرأ/ي أيضًا: أين يذهب الغزيون .. كل الأماكن مرعبة!!

ويواجه رجال الدفاع المدني خطر تعرّض المناطق التي يصلوها للقصف من جديد -وفقًا للدهشان-كذلك فالإمكانيات البسيطة تجعلهم في مرمى خطر انهيار الركام أثناء القيام بمهمة الانقاذ، لكن هذا لا يُثني الطواقم عن القيام بواجبهم الإنساني في انتشال الشهداء وإنقاذ من بقوا بعد الاستهداف.

ولتفادي العجز في إمكانياتها من نقص في الكباشات والجرافات وغيرها من أدوات حفر وتنقيب دقيقة، تُحاول مؤسسة الدفاع المدني الاستعانة بالبلديات ووزارة الحكم المحلي ووزارة الأشغال وفي كثير من الأحيان الاستعانة بالشركات الخاصة للحصول على معدات ثقيلة تُمكنهم من القيام بمهمتهم في إزاحة الركام وانتشال الضحايا، يقول الدهشان.

ويضيف:"نعمل بيدٍ واحدة، وعلى كافة الجهات الرسمية في الحكومة الفلسطينية أن تقوم بواجبها الإنساني في توفير ما يُمكن من الآليات والمعدات التي تُسهم في تسهيل عمل الطواقم وفرق الإنقاذ بما يُحقق التخفيف من حدة الخسائر في الأرواح جراء العدوان الاسرائيلي".

نائب مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان، سمير زقوت يقول لنوى، إن الاحتلال الإسرائيلي يسعى جاهدًا لجعل القطاعات الحيوية في قطاع غزة على شفير الكارثة في كل عدوان يُنفذه ضد الشعب الفلسطيني.

يلفت زقوت إلى أن الدفاع المدني أحد أهم القطاعات التي عانت خلال سنوات الحصار الإسرائيلي من منع إدخال المعدّات اللازمة من سيارات إطفاء وآليات ثقيلة.

ويجزم إن الاحتلال يتعمّد عدم تمكين طواقم الدفاع المدني في قطاع غزة من القيام بواجباتها خلال العدوان عبر عدم إدخال المعدات اللازمة لمهامها، وهو بهذا السلوك المنظم ينتهك قواعد القانون الدولي الإنساني.

لكن ما يدعم سلوك الاحتلال هو حالة الصمت العربي والدولي تجاه جرائمه، ما يمنحهم شعورًا بالحصانة من الملاحقة والمساءلة القانونية والعقاب، يقول زقوت الذي يطالب المجتمع الدولي بالكفّ عن حالة الصمت هذه والعمل على تغيير سلوك "إسرائيل"، وتمكين الفلسطينيين في قطاع غزة من حقهم في إدخال الإمكانيات التي تحقق لهم حياة آمنة.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير