شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاربعاء 24 ابريل 2024م02:58 بتوقيت القدس

أنشأ أول مزرعةٍ لهذه السلالة بغزة..

ماعز "السانين" وحكاية حلمٍ آمن به "محمد"

06 ديسمبر 2021 - 20:00

شبكة نوى، فلسطينيات: أربع سنوات مرّت، والمهندس الزراعي الشاب محمد الزعانين يتنقل من جمعية إلى أخرى بأوراق مشروعه الريادي الخاص بإنشاء مزرعة نموذجية لـ"ماعز" يمتاز بإنتاج وفير من الحليب.

كان بمجرد أن يعرف بوجود جمعية يمكنها أن تمول أفكار الشباب الريادية، يسجل اسمه على الفور، لكنه في كل مرةٍ يعود محملًا بالخيبة، بعد رفض كل واحدةٍ منها "المغامرة" بتمويل هذا المشروع "المحفوف بمخاطر الفشل" على حد قولهم.

الشاب الذي يحتفل اليوم بنجاح مشروعه بعد قصة كفاحٍ طويلة، استقبل "نوى" في مزرعته، وبدأ يروي الحكاية. فبعد أن أُغلقت في وجهه السبل لإيجاد وظيفةٍ في تخصصه، قرر التفكير خارج الصندوق، وتطوّع في وزارة الزراعة، لتكون هذه الخطوة فاتحة الخير الوفير.

يقول بينما يتفقد أمهات الماعز ومواليدهن: "شاركت مرة بحملات التطعيم التي تنفذها الوزارة لمزارعي الأغنام، وخلال حديثي مع بعضهم اكتشفت أن الإنتاجية من الحليب غير مجدية، حينها بدأت أسأل نفسي: ما الذي يمنع أن تكون لدينا مزرعة نموذجية لإنتاج حليب الماعز، تسد العجز في قطاع إنتاج الحليب والأجبان في قطاع غزة؟".

عاد إلى بيته يومذاك مرهقًا، إلا أن ذلك السؤال بقي عالقًا في رأسه، ليجد نفسه فجأةً أمام شاشة الكومبيوتر، يخوض في بحثٍ مستفيض حول سلالةٍ معينة من الماعز يمكن أن تُحدث قفزة نوعية في هذا المجال، ليجدها أخيرًا، اسمها "سانين".

يضيف: "هذه الدراسة خلقت داخلي إيمانًا بنجاح الفكرة في حال التطبيق، فجهّزت على الفور مقترحًا كاملًا، وبدأتُ أقدمه للمؤسسات التي تهتم بهذا النوع من المشاريع".

لكن الرد كان واحدًا على الدوام "نحن لا نستطيع الاستثمار في مشروع لا نعرف جدواه"، بل إن مدير إحدى المؤسسات الرائدة في المجال الزراعي قال له بالحرف الواحد: "إذا أصحاب الخبرة لم ينجحوا في مشاريع مماثلة، هل ستنجح أنت فيما فشلوا فيه؟"، وكان هذا الرد كافيًا وقتذاك ليفهم أن فكرته مرفوضة.

يتابع الشاب بفخر وهو ينظر إلى إنتاج مزرعته النموذجية: "لا أخفيكم، مرت علي أوقات شعرت فيها باليأس وفقدت الأمل، لكنني كنت أجبر نفسي على الوقوف بسرعة، والعودة إلى البحث من جديد".

عاد الأمل يتقد في قلب الزعانين بعد أن تعرف على شريكته اليوم في المشروع، أخصائية التصنيع الغذائي داليا أبو طاحون، الحاصلة على براءة اختراع أحد أنواع الجبن. "لقد ارتأينا إمكانية تطوير الفكرة، لتتحول إلى "تربية ماعز، لإنتاج الحليب، وتصنيع الألبان والأجبان المختلفة".

يزيد: "تقدمنا بالفكرة لحاضنة "يوكاس"، وهناك وجدنا تشجيعًا عظيمًا على الاستمرار، وبالفعل، بعد اجتيازنا المقابلة، ومرورنا بفترة تدريب، اختير مشروعنا ضمن 25 مشروعًا آخر تم تصفيتهم من أصل 500 فكرة ريادية زراعية".

لكن الإشكالية التي واجهها الزعانين وشريكته داليا، كانت تكمن في "الميزانية" التي رأت الحاضنة أنها كبيرة جدًا ولا يمكن تغطيتها، "وهذا جلنا نؤجل فكرة الإنتاج والتصنيع لمرحلة تطويرية مستقبلية، والاكتفاء بمشروع المزرعة القائمة على توريد سلالة ماعز لإنتاج الحليب في الوقت الحالي".

رغم ذلك توالت العقبات في طريق محمد، فاستيراد السلالة من الماعز، احتاجت ثمانية شهور لتصل غزة بسبب إجراءات الاحتلال على المعابر، ناهيك عن حاجة تلك السلالة لجوٍ خاص بارد نوعًا ما، "وهنا استمرت محاولات أقلمتها مع البيئة والمناخ الجديد قرابة الشهرين، ذلك باستخدام المراوح"، فيما كان لا بد من إضافة بعض الفيتامينات للأعلاف، كي تتعود تدريجيًا على البيئة الجديدة التي ستعيش فيها".

لكن أكثر الأوقات صعوبةً كانت خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في مايو/ آيار الماضي، يعقب محمد: "لم يكن بمقدوري ترك المزرعة والنزوح بعيدًا في ظل العدوان، فالمال هو بالفعل معادل للروح، ما بالنا ونحن نتحدث عن مشروعٍ أخذ من عمري سنوات، ما بين الحلم والتنفيذ (..) لم يكن بوسعي أن أضحي، خاصةً وأن إناث الماعز في ذلك الحين كانت قد قاربت على أن تضع مواليدها، ليبدأ موسم الإنتاج الفعلي للحليب".

ورغم أن خسائر أصابت المزرعة وبعض الأمهات والمواليد خلال العدوان، إلا أن الشاب الزعانين يرى أن حلمه بالفعل أصبح واقعًا، خاصة أنه سيدخل قريبًا في مرحلة جديدة من الإنتاج، ستصبح المواليد فيها أمهات.

يعمل محمد وشريكته اليوم في تصنيع الأجبان بالطرق التقليدية البسيطة "مؤقتًا"، حتى يتمكنا من توفير آلات خاصة للبسترة، وأحواض للتجبين، والعديد من الأدوات والأجهزة التي تمكنهم من تصنيع الأجبان بجهد ووقت أقل وجودة أعلى.

ويقتصر اليوم عمل التصنيع على متطلبات الزبائن الذين يتواصلون عبر صفحة خاصة أنشأها الشريكان للترويج لمنتجات الحليب والألبان والأجبان المختلفة، التي تنتجها مزرعتهما.

يطمح محمد وشريكته لإنشاء معملٍ متكاملٍ لتصنيع الأجبان والألبان، يمكنهم من تغطية احتياجات السوق المحلي، وتدعيم المزرعة بسلالاتٍ جديدة ذات معدل إنتاج عالٍ، وإنتاج أنواعٍ وأصنافٍ جديدة من الأجبان.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير