شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م15:06 بتوقيت القدس

قانون حماية الأسرة "محلّك سر"..

ذُبِحت ببلطة.. عن من سنكتُب بعد "صابرين"؟

27 نوفمبر 2021 - 17:44

شبكة نوى، فلسطينيات: بدا صوت عقارب الساعة هذه المرة عاليًا. كل شيءٍ صمَت سوى بكاء "مريم"، تلك الطفلة التي لم تكمل عامها الثاني، تحتضن جسد أمها المسجّى على أرضية المطبخ ينزف دمًا! صابرين خويرة (30 عامًا) ضحيةٌ جديدة لزواجٍ فاشل، دفعت هذه المرة لقاء استمراره ثمنًا "حياتها".

في ذلك اليوم، تجمّع حولها أطفالها الأربعة، هذا يناديها، وذاك يحتضنها، وثالث يحاول إيقاظها لعلّها تجيب، بينما هي صارت من أهل السماء لا روح ولا صوت. أربعة أطفالٍ أكبرهم لم يتجاوز العاشرة، وأصغرهم مريم، شهدوا والدهم يقتل أمهم بـ "بلطة" غير مكترثٍ بنظرات مريم.. الشاهد الأول.

في الثاني والعشرين من هذا النوفمبر، استيقظت فلسطين على جريمةٍ بشعة. امرأةٌ ذُبحت في قرية كفر نعمة غرب رام الله بكل قسوة، ببساطةٍ لأنها كانت "أمًا"، وأرادت لأطفالها مستقبلًا أفضل.

"حتى آخر رمق" كافحت صابرين –حرفيًا- كي تعوّض أبناءها وجود والدهم "الشكلي" في حياتهم، ذلك الرجل "المتعاطي" الذي يقضي أيامًا في السجن أكثر من تلك التي يقضيها داخل منزله، وإن جاء حلّ برفقته التوتّر والغم.

التفاصيل ترويها لـ"نوى" سندس، شقيقه المغدورة صابرين، فتقول: "كانت صابرين تحب الحياة، مرحة إلى أبعد الحدود، تستثمر كل المناسبات لتقضي لحظات حلوة برفقة أطفالها، لعلها تعوضهم وجود والدهم الشكلي في حياتهم".

وتكمل: "تحملت صابرين مع زوجها المدمن ما لا يمكن أن تحتمله امرأة. ظلمٌ وتعنيف متواصل، كنا في كل مرة نحاول إقناعها بالانفصال عنه، لكنها كانت تسكتنا بالأمل الساكن في قلبها بأن يتغير أو يتعافى من آفة التعاطي. هي لم تتدخر جهدًا في إقناع ذويه بضرورة وضعه في مصحة للعلاج لكن بلا جدوى".

تذكر سندس أن شقيقتها كانت تترك منزل الزوجية بالشهور، في محاولةٍ للضغط عليه ليتخذ قرارًا بالعلاج، "وفي بعض الأوقات كانت تقتنع بأن الحل في الانفصال، ثم لا تلبث أن تعود عن قرارها، وتأخذ أطفالها وتعود لمنزلها، حتى أنها كانت دائمًا تصنع صورة وردية له في عقول أطفاله خشية أن يكرهوه".

الأطفال الأربعة الذين كانوا شهودًا على معاناة أمهم، وما تعرضت له من عنفٍ طوال سنين حياتهم، هم ذاتهم الذين بقوا إلى جانبها وهي مذبوحة حتى وصلت قوات الشرطة، ورجال الإسعاف.

الحادثة التي هزت كل الضمائر الحية والإنسانية، لم تحدث أي حراك في اتجاه إقرار قانون حماية الأسرة! رغم كل ما تخللته من تفاصيل مرعبة.

تشرح سندس: "كانت شقيقتي تقيم في منزلها أثناء وجود زوجها في السجن، ثم بعد أن خرج قررت ترك بيتها والمجيء لبيت العائلة وقد اتخذت قرارًا أخيرًا بالانفصال عنه، حتى وصلها خبر مفاده أن زوجها اشترى(بلطة) ويهدد بقتلها فيها".

حينها توجهت صابرين إلى مركز حماية الأسرة، وكان من المفترض أن تعود إلى منزل عائلتها، لكن لا أحد يعرف ما الذي جعلها تعود لمنزل زوجها في ذلك اليوم، رغم معرفتها بنيته المسبقة بقتلها.

بكل الأحوال، الزوج القاتل كان دائمًا يهدد صابرين بأطفالها، "وبأنه سيقوم بحرقهم لو شاهدهم في الشارع" ربما هذا الذي جعلها تنساق لتهديداته وتعود إلى المنزل تكمل سندس.

وتتابع بأسى: "لم نتوقع أبدًا بأن يقدم على ارتكاب هذه الجريمة البشعة بحق زوجته وأم أطفاله، وهي أيضًا لم تكن لتصدق أنه يمكن أن يفعلها أصلًا".

وعن أسباب الخلاف الدائم بينهما، زادت سندس: "كان خلافهما الدائم بسبب محاولاتها المستميتة لتخليصه من الإدمان، ناهيك عن طلباته المستمرة للنقود ليشتري بها الحشيش والمخدرات، بينما كانت هي وحدها من تعتني بأطفالها ومصروف المنزل، ومصاريف القاتل أيضًا".

ليس هو وحده من أجرم بحق شقيقتي (تقول سندس) "صحيح هو قتلها بيديه، لكن طوال فترة معاناتها السابقة، وبينما كان صراخها واستغاثتها تملأ الحي، لم يتحرك أي من ذويه الذين يسكنون على بعد خطوات لنجدتها أو إنقاذها من بين يديه، مضيفةً: "كما باءت كل محاولاتها لإقناعهم بضرورة وضعه في مصحة خاصة للعلاج من الإدمان بالفشل، كانت تحارب وحدها في أكثر من اتجاه".

تكمل سندس رواية ما حدث في تلك الليلة، فبعد أن عادت صابرين إلى منزلها، وكانت تمضي ليلتها في منزل حماتها، أرسل لها زوجها يهددها بأن تحضر لبيتها بسرعة، وإلا خنق ابنها عيسى، فانصاعت لأوامره وعادت.

في ساعات الفجر الأولى، وبعد أن استنجدت الطفلة الصغيرة بالجدة، بكلمات غير واضحة "ماما واوا" جاءت والدته تسأله عن صابرين، أخبرها بأن صابرين نائمة وطلب منها ألا تدخل المطبخ، لكنها دخلت للمطبخ وكانت صابرين ممددة على أرض المطبخ ومغطاة، وحين أزالت الغطاء عن وجهها كانت الفاجعة بأنها مذبوحة، والدماء تغطي وجهها، "ليتهجّم على والدته بعدها ويضربها قبل أن يهرب".

ولا تقبل سندس خويرة ( شقيقة المغدورة صابرين) إلا بتطبيق حكم الإعدام في الزوج القاتل، الذي ارتكب جريمته بكل إصرار وترصد، بينما تطالب المؤسسات النسوية بإقرار قانون حماية الأسرة من العنف، واستبدال القوانين المهترئة التي تعطي المجال لاستمرار قتل النساء بقوانين رادعة.

وانتهت قبل يومين، العطوة العشائرية في قضية مقتل المغدورة صابرين، وتم الاتفاق على دفع 1000 دينار أردني فراش عطوة، ودفع 70 ألفًا أخرى لعائلة الفقيدة تحت بند "مصاريف".

واتفقت العائلتان على إجلاء أهل القاتل (أشقائه وأبنائهم حملة الهويات) من القرية، مع الإبقاء على النساء والأطفال في البيوت التي يُمنع منعًا باتًا بيعها، وعدم التعرض لهم، على أن تكون مدة العطوة سنة كاملة من تاريخ 25-11-2021م.

كاريكاتـــــير