الخليل:
"لا تخافي علي أنا ابن أيخمان ومجدولين وأخواتي الخمسة وأخي الوحيد والسند، بحبكم"، رسالة مكتوبة بخط يد الأسير الغضنفر أبو عطوان المضرب عن الطعام منذ 62 يوماً رفضاً للاعتقال الاداري، وصلت عائلته في قرية دورا قضاء الخليل.
يرقد الغضنفر في مستشفى كابلانـ، يقاوم بأمعائه الخاوية وإرادته القوية ظلم الاحتلال وقهره، بينما تخشى عائلته أن يصلها خبر باستشهاده في أي لحظة بعد تدهور حالته الصحية.
والدته تمكنت من زيارته في المستشفى بعد 52 يومًا من الإضراب عن الطعام، كانت ملامحه شاحبة وبالكاد يستطيع فتح عيناه، جلست قربه وقرأت القرآن، بينما يتحسس كفّ يدها، ربما يحاول طمأنتها أنه سينتصر حتمًا، ويطمئن لوجودها إلى جواره، بصعوبة يخرج الكلام من فمه، لم ينطق سوى بكلمة واحدة قبل أن يفقد النطق "بحبك".
اقرأ/ي أيضًا :أمهات وزوجات الأسرى يتعلقن بحبال "صفقة تبادل"
أُسر الغضنفر للمرة الأولى وهو في السابعة عشر من عمره ليتكرر مسلسل الاعتقال الإداري بين فترة وأخرى دون توجيه أي تهمة له، وتضيع سنوات عمره بين الاعتقالات الإدارية المتواصلة تتخللها بضعة شهور يمضيها في كنف أسرته، محاولاً قضاء أكبر وقت ممكن بينهم، فلا أحد يعلم متى تحين ساعة الفراق، تقول شقيقته يافا.
بحسرة تتابع:"لأخي حكاية منذ وُلد وقرر والدي أيخمان تسميته الغضنفر، والدي عانى من الأسر والمنع من السفر ومن زيارة القدس والتنقل بين محافظات الضفة بسبب اسمه المرتبط في ذاكرة اليهود بأدولف أيخمان المشرف على أفران الغاز خلال الحرب العالمية الثانية، تلك التي يقولون إن هتلر أحرق فيها اليهود، كلنا كنا معرضون للاعتقال بسبب اسم والدي، لذا سماه أبي الغضنفر وهو يقول هذا الأسد سيقف في ظهري يومًا".
أصبح منزل أيخمان طريقاً معروفاً لدوريات الاحتلال، يخلعون بابه مرّة، يعيثون فيه خراباً مرات، ثم يعتلقون الغضنفر بلا تهمة ليقضي عامين آخرين هكذا بلا أي سبب، أو لمجرد أنه فلسطيني.
تقول يافا:" في الثامن من أكتوبر 2020، استيقظنا فجراً على طرقٍ عنيف، دخلوا البيت، خرّبوا محتوياته وحطموا بعض الأثاث، سألوا عن الغضنفر الذي كان مناوبًا في عمله بالضابطة الجمركية، واتصل به أحدهم قال له "غضنفر، إذا ما سلمت حالك خلال ساعة واحدة بس، راح يتم اغتيالك".
اقرأ/ي أيضًا:الإهمال الطبي ..سلاح الاحتلال القاتل ضد الأسرى الفلسطينيين
تتابع: "تمام السادسة صباحًا، عاد الغضنفر إلى البيت، طلبت منه أمي تسليم نفسه، كان قلبها يفضل أن يعيش أسيراً، بدل أن تفقده للأبد، لا يغادر رأسها ذاك التهديد من الضابط الإسرائيلي الذي جاء بحثاً عن الغضنفر "ابنك هادا راح أرجّعلك اياه مصفّى" فسلم نفسه في ذات اليوم".
تفتقد يافا وشقيقاتها الغضنفر بشدة، فذكرياتهم قليلة معه بفعل اعتقاله المستمر، لكنه كان يحاول استثمار وجوده حراً في المكوث مع العائلة، تقول:" كان يأخذنا كل ليلة في رحلة شيقة لذكريات الأسر، يحدثنا عن مهارته في صنع المعمول، وكيف تمكّن من تحدي ظروف الأسر ونجح رغم كل شيء، كثير من الحكايات، كان يقول لنا: اشبعوا من بعض قد ما تقدروا، ما حدا بعرف شو مخبي القدر".
ستة أشهر تلاها تمديد لستة أشهرٍ أخرى وقبل أن تنتهي يصله تهديد بتجديد آخر، هنا وجد الغضنفر عمره يتسرب من بين يديه، وأعلن في الرابع من مايو/ آيار الماضي، ومن معتقل "ريمون" إضرابه. قال يومها:" سأثبت أن "الصبر" خيارٌ قابلٌ للتطبيق، وأن "الخوف" خرافة في أساطير الجبناء".
يرفض اليوم الغضنفر قرار تجميد الاعتقال الإداري بسبب الظروف الصحية ليعاد اعتقاله بعد تحسن حالته الصحية وفق ما تؤكد شقيقته يافا.
وحذر نادي الأسير من توقف قلبه نتيجة إضرابه المستمر منذ62يومًا، إذ يعاني من نقصانٍ حاد بالوزن، وضعفٍ في دقات القلب، وآلامٍ في الصدر والمفاصل والخاصرة، وحالات غيبوبةٍ متكررة. يرفض تناول الطعام والماء والعلاج، حتى المدعمات، والفيتامينات.