شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م04:01 بتوقيت القدس

الاحتلال يقتل حلم الشيف سجى ويدمر مشروع عمرها

31 مايو 2021 - 12:57

غزة:

 تدور الشيف الشابة "سجى أبو شعبان" فوق أنقاض مشروعها الذي كان يحمل اسم "مطهم ومطبخ بيتنا"، الواقع في الطابق الأرضي من برج الجوهرة وسط مدينة غزة، والذي دمّرته طائرات الاحتلال الإسرائيلي الحربية أثناء الحرب على قطاع غزة، خلال الشهر الجاري.

تقول سجى وهي تجاهد لكتم دموعها: "كنت أتمنى أن أجد أي شيء في المكان ولو طبقًا أو ملعقة، كل شيء مدمر، كل شيء اختلط بأنقاض المكان".

لم يبق من بقايا مشروع "مطبخ بيتنا" الذي أنشأته قبل عام من الآن سجى برفقة 5 من صديقاتها، سوى أنواع من التوابل المحترقة والدقيق الممتزجة بركام الجدران المهدّمة المحترقة والملاعق والأكواب والسكاكين والزيوت النباتية والسمن. لها باتت رمادًا.

وكان الاحتلال الإسرائيلي، شنّ في العاشر من مايو الحالي حربًا على قطاع غزة، استمرت 11 يومًا، قبل التوصل إلى تهدئة برعاية مصرية، لكن الاحتلال الذي استخدم الطيران الحربي في مواجهة المدنيين، دمّر خلالها بالصواريخ الحربية نحو 3000 منشأة اقتصادية، ناهيك عن نحو 1700 وحدة سكنية بينها 7 أبراج أحدها برج الجوهرة الذي كان مشروع سجى يتواجد في طابق الأرضي.

تحاول سجى القفز عن قهرها وهي تحصي خسائر المشروع برفقة زميلتها صابرين السيلاوي، فهو افتتح قبل عام برأس مالٍ شخصي من المشارِكات بلغ 50 ألف دولار، من أجل الحصول على 75 مترًا مكوّنة من طابقين، الأرضي يحتوي على الأفران وأنابيب الغاز وأجهزة التبريد، وهو مخصص لإعداد الطعام، والثاني هو سدّة مخصصة لتخزين وتحضير الطعام ووضعه في أطباق قبل التوزيع.

توضح سجى:"القصف لم يترك شيئًا في المكان، وتقديرات الخسائر بشكل أوليّ بلغت 70 ألف دولار، فقبل القصف كنا قد استوردنا مجموعة من المواد الأساسية للطهي من زيوت وأرز وسمن، جلبناها بكميات كبيرة لتلبية طلبات مرحلة العيد".

وكانت طائرات الاحتلال الإسرائيلي الحربية، استهدفت برج الجوهرة فجر الأربعاء 12 مايو 2021، وسط مدينة غزة، والذي يتكون من نحو 11 طابقًا ويضم عددًا كبيرًا من المؤسسات الإعلامية والأهلية، التي تدمرت بشكل كامل، وأسفر القصف حينها عن انقطاع التيار الكهربائي في المنطقة، ودمار كبير لحق ببيوت المواطنين والمحال التجارية المحيطة به.

وتضيف سجى:" تعرضنا أنا وزميلاتي لكارثة بسبب تدمير مشروعنا، فقد جمعنا تكلفته من مدخراتنا الشخصية"، تصمت قليلا وتتنفس بعمق، وتقول:" لا أعلم ما هي الخطوة القادمة في مشروعنا الغارق بالديون أصلًا، ولا نعلم كيف سنتمكن من العودة لافتتاح المطعم والمطبخ مرة أخرى".

تستغرب سجى إصرار الاحتلال الإسرائيلي على استهداف المنشآت المدنية، وقتل أحلام الشباب عبر تدمير مشاريعهم الاقتصادية في هذه منطقة صغيرة مثل قطاع غزة، والمُحاصر منذ 15 عامًا.

وأكملت: "كان يفترض أن نكون في ذروة عملنا لإنتاج المأكولات هذه الأيام؛ فهناك العديد من الطلبات التي وصلتنا لتلبيتها خلال الفترة التي شهدت العدوان على غزة لكن خسرناها كلها، رغم توقعنا السابق بتحصيل أرباح لتسديد قيمة المشتريات التي جلبناها لكن ما حصل دمّر كل توقعاتنا وجعلنا مثقلات بالديون".

ويتميز مشروع سجى وصديقاتها بأنه نسوي بالكامل، يقدّم المأكولات الشعبية عبر مشروع مختص بها، في محاولة لكسر القوالب النمطية للمطاعم التي تقدّم المأكولات الغربية، واستهدفن في مشروعهن بشكل خاص النساء غير القادرات على تلبية الاحتياجات البيتية ولإعداد الولائم وتلبية طلبيات المؤسسات، من خلال الهاتف أو صفحتهن على الفيس بوك التي زودنها بقائمة المأكولات المتوفرة.

وأتى تدمير المكان في وقت كان الفتيات يتجهّزن لتزويده بمجموعة من الطاولات تمهيدًا لتقديم الوجبات للزبائن في المطعم، كخطوة تطويرية لزيادة ربح المشروع واستجابة لاحتياجات الزبائن.

تعقّب سجى:"كل الخطط والتطوير والحلم الذي كنا نحلم به للأيام القادمة تم تدميرها بل وتلاشيها أيضا، صدقًا لم نجد أي شيء يمكنه أن يذكرنا في المكان".

أما صابرين السيلاوي، فانطلقت في حديثها إلى الصعوبات التي تواجه النساء في الانخراط بسوق العمل، لكنهن تحديّن من أجل تأسيس مشروعهم، لإيجاد دخل لهن يتجاوزن من خلاله الأزمة الاقتصادية التي تعصف بقطاع غزة منذ 15 عامًا، والتي رفعت نسبة البطالة حتى وصلت 54% في مجتمع لا يزيد عدد سكانه عن 2 مليون نسمة، ما جعل المشاريع الفردية صعبة، لذا لجأن للتشارك في المشروع.

تعيل السيلاوي أسرتها المكوّنة من 7 أفراد، كما أن لكل مشارِكة في المشروع أهدافها الاقتصادية المتعلقة بتجاوز أزمة البطالة التي تعصف بقطاع غزة، والشخصية كون كل واحدة تريد تحقيق ذاتها عبر ترك بصمة في مهنة تتميز بها.

تقول السيلاوي:" لم يتمكن ابني الكبير من دخول الجامعة بفعل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، ما دفعني إلى التفكير جدياً في استغلال قدرتي على الطبخ وتطويعها لخلق فرصة عمل لي"، وتنوه إلى أنه بعد تحسن وضعها الاقتصادي إلا أن إسرائيل اعادتها لنقطة الصفر مرة أخرى بعد تدمير المشروع.

وحتى لحظة إعداد ونشر التقرير لم يتواصل أي شخص مع الفتيات الستة صاحبات مشروع "مطعم ومطبخ بيتنا"، ولا يوجد أفق في الوقت الحالي لإعادة افتتاح المشروع قريبًا.

المطبخ قبل التدمير 

المطبخ بعد التدمير

كاريكاتـــــير