شبكة نوى، فلسطينيات
اليوم الثلاثاء 30 مايو 2023م06:52 بتوقيت القدس

ريم ترسم خارطة النجاح على سبّورة النزوح

20 مايو 2021 - 22:20

غزة:

رغم النزوح القسري الذي تعانيه ريم التوم "17 عامًا"، مع عائلتها؛ إلا أنها سعت لاستثمار سبّورة الفصل الدراسي في المدرسة التي نزحوا إليها برفقة آلاف المواطنين الفلسطينيين، لمتابعة دروس الثانوية العامة.

ريم التوم، هي شابّة فلسطينية، نزحت مع عائلتها من منطقة التوام شمال قطاع غزة، قبل خمسة أيام سيرًا على الأقدام، مع آلاف المواطنين، هربًا من صواريخ الموت التي أطلقتها طائرات الاحتلال الحربية بغزارة، لتكون مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" ملاذًا لهم.

فوفقًا لتقديرات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" فقد نزح نحو 42 ألفًا من الفلسطينيين في قطاع غزة إلى مدارسها هربًا من العدوان الإسرائيلي على مناطقهم خاصة الحدودية، قدّر الصليب الأحمر عدد النازحين بـ75 ألفًا، حيث لجأ نحو 25 ألفًا إلى منازل أقاربهم.

تقول ريم:" مرننا بوقت عصيب جدَا ما بين قذيفة من بارجة وصاروخ من طائرة، تسبب في تدمير شبابيك وأبواب المنزل حتى أرفف المطبخ انهارت، بما فيها من أواني و"كاسات" زجاجية كلها تحطّمت شدة الانفجارات التي استهدفت منازلنا وأراضينا الزراعية عشوائيًا".

تضيف وهي طالبة في الفرع العلمي:" نزحنا أنا وعائلتي وعددنا 20 فردًا، بيننا عائلة أخي وأختي وعائلتها؛ إلى مدرسة وسط مدينة غزة، بحثًا عن الأمن وهربًا من جحيم القصف والخوف، وعلى أمل أن أجد مكانًا لأتابع دراستي قبل بلوغنا موعد امتحان الثانوية العامة".

لكن ريم المتواجدة في مدرسة ذكور الرمال وسط مدينة غزة، برفقة نحو ألفٍ من النازحين والنازحات؛ تجد صعوبة بالغة في التركيز في دراستها، فالقصف المتواصل والخوف الشديد وإزعاج الصغار بسبب الازدحام يتسبب في تشتت تركيزها، وتصل أحيانًا لحالة من اليأس والإحباط، لكن تشجيع عائلتها يدفعها للمواصلة.

تقضي ريم حاليًا مع شقيقها التوأم محمد وقتهما على سبورة الصف بمدرسة ذكور الرمال التابعة للأونروا بمدينة غزة، لمراجعة دروسهما استعدادًا للامتحانات التي يحين موعدها بعد أقل من شهر.

في ذات الوقت، فهي تؤكد إن نفسيتها وشقيقها كما باقي طلبة الثانوية العامة في قطاع غزة؛ صعبة وسيئة، فالخوف وتدمير منازلهم، واضطرارهم لمتابعة الأخبار، هي أوضاع لا تسمح بوجود أجواء دراسة، خاصة مع تفكيرهم الدائم أن الموت يلاحقهم، وخوفهم من فقدان أعزّاء عليهم.

تضيف: "ليس فقط الخوف من القصف الإسرائيلي علينا؛ فالتفكير في عائلتنا أيضًا مخيف، والدي يعمل سائق سيارة اسعاف في المستشفى الإندونيسي شمال قطاع غزة، ولم نشاهده منذ بداية العدوان كونه على رأس عمله".

تعلل ريم سبب إصرارها على متابعة الدراسة رغم الأوضاع القاسية، بأن وضع والدها المادي صعبًا، وكل ما يتحصّل عليه من راتبه البالغ 700 شيكلًا "نحو 210 دولارًا" يذهب لفواتير المياه والكهرباء وبعض نفقات البيت ولا يكفي لتسديد احتياجات أسرتهم المكوّنة من 12 فردًا، فكيف حين تلتحق بالجامعة.

تكمل:" لذا أحاول الاجتهاد لأحصل على منحة دراسية تسمح لي بدراسة مجال التمريض، وهو تخصص إنساني يساهم في مساعدة المرضى والتخفيف من آلامهم، وأخي يرغب بدراسة الصحافة والإعلام ليساهم في فضح جرائم الاحتلال".

لدى خروج العائلة من منزلها هربًا من نيران القصف، تركت ريم كتبها الدراسة وأقلامها، وهي تضطر مع شقيقها محمد للاستعانة بكتب صديقه يسكن قرب المدرسة التي نزحوا إليها، فيستعير كتابًا وسرعان ما يرجعه ويستبدله بآخر، وهكذا.

وعلاوة على دعم صديق محمد المهم لهما، فهما أيضًا يتلقيان دعمًا من شقيقتهما التي تكبرهما أسمهان، والتي اضطرت لترك الجامعة رغم تفوقها بسبب صعوبة وضعهم الاقتصادي، وترغب في عدم تعرّض أشقائها محمد وريم لذات التجربة المريرة.

هنا تدخّلت أسمهان "20 عامًا" لتقول :"تشجيعي لهما نابع من كوني تعرضت لتجربة قاسية بعدم قدرتي على مواصلة التعليم، لذا أريد لهما الحصول على منحة دراسية، خاصة أن ريم ذكية وتمتلك رغبة إتمام التعليم، وأرغب أن تتجاوز أزمة عدم قدرة العائلة على توفير الرسوم لها".

لكن أسمهان تدرك أيضًا أن استمرار وجودهم في المدرسة كلاجئين يعيق دراستهم، لذا تأمل إن طالت المدة أكثر أن يتم توفير فصل دراسي خاص بهما، يستطيعان من خلال متابعة الدراسة.

ولإضفاء الطمأنينة أثناء مراجعة الدراسة، تكتب ريم على يمين السبورة أبياتًا شعرية للقدس وآيات من القران الكريم المحفّزة، والجزء الآخر تراجع الدروس والمنهاج به، وهي أحد الطرق المعروفة لتثبيت الحفظ.

تتمني ريم أخيرًا من وزارة التربية والتعليم مراعاة ظروفهم الصعبة والتسهيل عليهم في الامتحانات القادمة، مضيفة:" سنة صعبة جدًا علينا، بدأت بجائحة كورونا ومن ثم العدوان الإسرائيلي علينا وتشريدنا من منازلنا".

كاريكاتـــــير