شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م02:53 بتوقيت القدس

مريضات سرطان الثدي بغزة و"كورونا".. الجُرعة المُرّة

12 اكتوبر 2020 - 16:12

غزة:

"نعيش على أعصابِنا، أدوية السرطان إن توفرت شهرًا للمصابات في قطاع غزة، قد تغيب شهورًا، وهي مُكلفة، ليس بإمكان النساء توفيرها"، بهذه الكلمات وصفَت السيدة صابرين النجار حال مريضات سرطان الثدي في قطاع غزة.

تقول صابرين التي طرقت حديثًا باب الأربعينات من العمر: "أصبت بسرطان الثدي قبل ثلاث سنوات، وتلقّيت العلاج الكيماوي لفترة، قبل أن أتوقف بسبب إصابتي بالكبد الوبائي".

صابرين، هي واحدة من 8000 مريضة ومريض سرطان في قطاع غزة، يعانون الكثير من المعوّقات بسبب الحصار الإسرائيلي، وتبعات الانقسام، لتأتي جائحة كورونا وتزيد الطين بلة: نقصٌ في الأدوية، والفحوصات، ومتابعة جلسات العلاج الكيماوي، والإشعاعي.

"بصعوبةٍ أتحرّكُ داخل البيت، فقد تعرّضَتْ قدمي للكسر، كنتُ قد أُصبتُ بسرطانٍ في القدم عام 1994م، وشفيت لأنني اكشتفته مبكرًا، والآن أعيد الكرّة ولكن مع سرطان الثدي، لكن الفرق أنني الآن أعاني، فالعلاج الهرموني والإبر التي أحتاجها غير متوفرة"، تضيف.

صابرين: انقطاع الابر من مستودعات وزارة الصحة يجعلنا نعيش في قلق دائم

السيدة التي تغلّبت قبل نحو 20 عامًا على ورمٍ باغتها مبكّرًا، الآن لا تستطيع تلقي العلاج الكيماوي بسبب اكتشاف إصابتها بالكبد الوبائي، فاكتفى الأطباء بإعطائها العلاج الهرموني، بالإضافة إلى إبرةٍ شهرية تكلفتها 200 دولار، لا تتوفر بشكلٍ دائم، وهو ما جعلها "تعيش على أعصابها" كما تؤكد.

وتضيف: "انقطعت الإبر مدة 7 شهور من مستودعات وزارة الصحة، ساعدتنا جمعية العون والأمل بتوفير الإبر لفترة، ولكن انقطاعها من مستودعات الوزارة، يجعلنا نعيش في حالة قلقٍ دائم، نحتاج إلى توفّر الأدوية بشكل مستمر يضمن أن نتابع علاجنا بأمان".

تعيش السيدة صابرين برفقة والديها، ويعتمد ثلاثتهم على راتب والدها التقاعدي البالغ 900 شيكلًا فقط، وهي بهذا الدخل شديد التواضع، لا يمكنها توفير نفقات علاجها، ولا حتى علاج والدتها المصابة بأمراض القلب والسكر، ناهيك عن أزمة "كورونا"، التي أجبرتها على التزام البيت، خشية انتقال العدوى إليها، وحتى الامتناع عن استقبال الضيوف.

لا تختلف كثيرًا تجربة هبة شهاب "40 عامًا"، فالسيدة التي تعيش في حي الرمال، تشتكي من إصابتها بورمٍ في الدماغ منذ خمس سنوات، أجرت عمليةً جراحية، ولكن تم اكتشاف كتلة في حجرات الدماغ، وتضخم في الكبد، وألياف في الرحم، وهي كما غيرها من مريضات السرطان في قطاع غزة، تعاني نقص الأدوية.

هبة: نفتقد الكثير من الخدمات مثل الفحوصات والتحاليل التي لا تكون متوفرة بشكل دائم

تقول السيدة (وهي أم لخمسة أبناء): "نفتقد الكثير من الخدمات مثل الفحوصات والتحاليل التي لا تكون متوفرة بشكل دائم، وهناك فحوصات يتم إجراؤها مرة كل عام، وهذا لا يناسبنا، نحن مريضات سرطان، وبحاجة إلى إجراء هذه الفحوصات أكثر من مرة، أشعر بحاجتنا لإجرائها كل ثلاثة شهور وليس كل عام".

تضيف: "هناك أدوية مكلفة نحتاج إليها، وهذا لا يناسب وضعنا الاقتصادي، أنا ربة بيت، وزوجي من موظفي 2005م، أي أن راتبه بالكاد يكفي للإنفاق على الأسرة الممتدة المكوّنة من 13 فردًا".

هذا الواقع تسبب في ضغطٍ نفسيٍ شديد للنساء مريضات السرطان عمومًا، فسابقًا كانت لقاءاتهن في جمعية العون والأمل، وممارسة بعض الأنشطة الترفيهية تخفف بعضًا من الضغوطات النفسية التي يعيشونها، ولكن- والقول لهبة- بعد جائحة كورونا، وعدم قدرتنا على الخروج من البيوت بسبب مناعتنا الضعيفة، انقطعنا عن التواصل، "حتى جروبات الواتساب التي حاولنا من خلالها التخفيف عن أنفسنا، لا تشبه التقاءنا المباشر، وتبادلنا الحديث، وتقوية عزيمة بعضنا" تزيد.

تبدو التجارب متشابهة لدى النساء مريضات السرطان، وإن اختلف البروتوكول العلاجي لكل امرأة،  السيدة شادية الخور من غزة، هي أيضًا مصابة بسرطان الثدي منذ 10 سنوات، وهي تشتكي من ذات المشكلات.

شادية: أكثر ما نعانيه نقص الأدوية، وكذلك حين نذهب إلى مستشفى الرنتيسي لتلقّي العلاج، بصعوبةٍ نصل إلى الطبيب

تقول شادية (37 عامًا): "أكثر ما نعانيه نقص الأدوية، وكذلك حين نذهب إلى مستشفى الرنتيسي لتلقّي العلاج، بصعوبةٍ نصل إلى الطبيب"، معللة ذلك بأن عدد المرضى الذين يتابعون مع الطبيب كبيرٌ جدًا، وهو ما يعكس أزمة نقص الكادر الطبي في هذا التخصص.

وتضيف: "حاليًا معظم العلاج الذي أحتاجه بشكل رئيسي هو المقوّيات والفيتامينات، تصل تكلفها إلى 100 شيكل، أعمل على توفيرها، ولكن بالتأكيد سيكون توفيرها مشكلة بالنسبة لذوات الدخل المحدود، خاصة من يتلقين الأدوية الهرمونية والإبر".

تحاول شادية التعايش مع جو الحجر المنزلي، فهي تخرج إن تطلّب الأمر "ضمن إجراءات وقائية تلتزم بها بشّدة"، وهي تشعر باطمئنان ما دامت ملتزمة بالوقاية بشكل سليم، ولكن تعود لتجزم بالقول: "إن الكثير من زميلاتي عانين بشدة بسبب ظروف الجائحة، هناك من لا يخرجن مطلقًا من البيت، بل هناك أيضًا من رفضن الذهاب لمتابعة علاجهن في الخارج، خشية عودتهن وتعرضهن للحجر، كما حدث مع إحدى صديقاتي".

شنن: هناك نقص حاد في العلاج البيولوجي والكيماوي، ونقص في أدوية الهرمون والأدوية المكلمة

مديرة جمعية العون والأمل لرعاية مريضات السرطان، إيمان شنن، تحكي عن نقص الخدمات المقدّمة لمريضات سرطان الثدي في قطاع غزة، "فهناك نقص حاد في العلاج البيولوجي والكيماوي، ونقص في أدوية الهرمون والأدوية المكلمة"، موضحةً أن جمعية العون والأمل، أطلقت حملةً نهاية الشهر الماضي، لتوفير الأدوية للنساء، وإيصالها إلى بيوتهن عن طريق خدمة التوصيل السريع "الديلفري".

وتعجز النساء مصابات سرطان الثدي، عن توفير العلاج المفقود من وزارة الصحة، بسبب تكلفته العالية، فنحن نتحدث عن علاج هرموني وبيولوجي ومكملات غذائية يصل سعرها إلى نحو 650 شيكلًا –والقول لشنن- لمدة 5 سنوات، وإبرة مقررة شهريًا بقيمة 200 دولار شهريًا، إضافة إلى علاج بيولوجي بقيمة 2500 دولار، وهي بحاجة إلى 17 جرعة وفقًا لشنن.

وقف السلطة الفلسطينية للتنسيق مع الاحتلال بخصوص التحويلات الطبية، وتولّي منظمة الصحة العالمية مسألة تقديم تصاريح العلاج بالخارج، أيضًا تسبب في إعاقة وصول النساء للعلاج خارج قطاع غزة، الذي يعاني نقصًا شديدًا في توفير الخدمة، تضيف شنن، مردفةً بقولها: "كذلك خوف النساء من السفر للعلاج بالخارج، خشية إصابتهن بفيروس كورونا، أو عودتهن إلى الحجر الصحي حال سافرن".

الحل لكل هذه الإشكاليات –وفقًا لشنن- هو توطين الخدمة هنا داخل قطاع غزة، فمصابات سرطان الثدي في قطاع غزة يختلفن عن مريضاته في كافة أنحاء العالم، لما تواجههن من مشكلات في الوصول إلى الخدمات التي تساعدهن على الشفاء، لأسبابٍ كثيرة على رأسها الحصار الإسرائيلي، يتبعه الانقسام الذي تسبب بإضعاف قدرات النساء كثيرًا.

 

كاريكاتـــــير