شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 18 ابريل 2024م06:58 بتوقيت القدس

لا يلجؤون للنقابة حفظًا لخط رجعة..

صحفيون على مُربّع "كِش ملك".. والحجة "كورونا"

22 سبتمبر 2020 - 12:56

قطاع غزّة | شبكة نوى:

"من نصف راتب قبل كورونا، إلى المكوث في المنزل دون راتب مع كورونا" يختصر الصحفي أحمد قصّته مع المؤسسة التي يعمل فيها بهذه العبارة، إذ أنها (المؤسسة) وقبل وصول الفايروس إلى قطاع غزة، عملت على تقليص رواتب العاملين فيها بنسبة ٥٠٪، لكن بعد الإعلان عن أولى الإصابات داخل المجتمع في الرابع والعشرين من آب/ أغسطس الماضي، كانت الضربة القاضية: "لن نتمكن من دفع رواتبكم يا شباب".

أحمد الذي فضّل عدم ذكر اسمه كاملًا "حفاظًا على خط رجعة مع مؤسسته"، يقول: "هذه هي القشة التي قسمت ظهر البعير، فبعد سنوات من العمل برواتب متدنية لا تصل إلى الحد الأدنى للأجور المنصوص عليها قانونًا، يفاجئنا صاحب العمل بإلزامنا الجلوس في المنزل إلى حين انتهاء الأزمة التي يبدو أنها لن تنتهي"، عادًا ما حدث بمثابة "طردٍ مباشرٍ من العمل، ولكن بطريقة لطيفة".

الصحفي الذي يعيل أسرةً مكونة من سبعة أفراد، لم يتجاوز راتبه خلال فترة عمله منذ ثماني سنوات الـ ١٢٠٠ شيكلًا، بدوام يبلغ ٧ ساعات يوميًا، وفي أوقات التصعيد الإسرائيلي على القطاع، كان أحيانًا يُجبر على النوم في المكتب لمواكبة التغطية.

أنا أصلًا سوف أبيع الموقع" جملةٌ يرددها صاحب موقعٍ إعلامي منذ قرابة عامين، على مسامع العاملين معه كلما مر بضائقةٍ مالية

"ماذا كان ردّ فعلك؟" سألته "نوى" فأجاب: "ليس أمامي خيارات، لم أجب ولم أتفوه بكلمة، لم أخبر عائلتي كي لا أحزنهم، أحاول التواصل وعرض خدماتي في حال احتاجوني بأي وقت، فأنا مستعد أن أعمل ولو بـ ١٠٠ دولار واحدة، ليس أمامي خيار آخر".

وعن إمكانية توجه الشاب لتقديم شكوى في نقابة الصحافيين، كون صاحب العمل اختار البعض ليكمل والآخر اعتذر منه، أضاف: "لا أظن أن النقابة ستفعل لي شيئًا، أخاف أن ألجأ لها وأن يتم استثنائي من العمل مدى الحياة بسبب هذه الشكوى".

وهذه قصّةٌ ثانية، "أنا أصلًا سوف أبيع الموقع" جملةٌ يرددها صاحب موقعٍ إعلامي منذ قرابة عامين، على مسامع العاملين معه كلما مر بضائقةٍ مالية، وهي الذريعة التي ملّتها الصحفية أميرة سمير، التي تعمل محررة في موقعه هذا منذ (20) عامًا.

قبل حوالي شهرين، بدأت أزمة الاستغناء عن صحافيين وصحافيات يعملون في مؤسسات إعلامية في قطاع غزّة تطفو على السطح، بذريعة تأثير فايروس "كورونا"، إلى جانب تقليص رواتب العاملين في الإعلام عمومًا، ولكن كيف هو الوضع الآن مع دخول الفايروس بين أفراد المجتمع مع ضرره المباشر؟

تقول أميرة: "هناك أزمة مالية في الموقع الذي أعمل فيه بدأت قبل نحو عامٍ ونصف، جرى خلالها تقليص راتبي عدة مرات حتى وصل إلى مبلغ زهيد جداً"، وبحسب ما يتم إخبارها في كلّ مرة يتم الخصم من راتبها بأن الموقع "لا يوجد به إعلانات مثلما قبل، الخصومات على الجميع، الوضع الاقتصادي في قطاع غزة صعب".

في حقيقة الأمر، لا أحد يشكّك في صعوبة الوضع الاقتصادي والمالي الذي يمر به القطاع، لكن ما يطرح تساؤلًا جديًا حول إذا ما كانت المبررات هذه حقيقية، هو حصول الصحافية أميرة على ٩٠٠ شيكل كأعلى راتب في حياتها منذ أن بدأت العمل قبل ٢٠ عامًا، بدوامٍ يبدأ من التاسعة صباحًا، وينتهي الساعة الثالثة مساءً.

تعقب أميرة: "أنا أكثر المتضررات من العمل، يخصمون راتبي ببساطة، لا يوجد لي إجازات رسمية سوى في الأعياد فقط، كعيد الفطر والأضحى".

وفي جائحة كورونا، تم إخبار العاملين في الموقع بأن العمل سيكون تطوعًا لمن أراد ذلك، وقد ردّت هي بأن "ليس لديها جهاز حاسوب في المنزل، ولذلك سوف تضطر إلى الدوام المكتبي"، وهنا جاء رد المدير: "لا بأس، لا يوجد عملٌ بالأساس"، ثم ما إن تساءلت "هل بسبب كورونا؟"، حتى أجابها بجملته المشهورة: "لا، أنا بدي أبيع الموقع".

تؤكّد أميرة أن مدير الموقع في كل مرة كان يخصم من راتبها، يعدها بأن يعوضها في الشهر التالي، "وأن هذه بمثابة فترة مؤقتة" لكنه كعادته (والحديث لها) يخلّ بوعده.

قبل حوالي شهرين، بدأت أزمة الاستغناء عن صحافيين وصحافيات يعملون في مؤسسات إعلامية في قطاع غزّة تطفو على السطح، بذريعة تأثير فايروس "كورونا"

وللمرة الأولى، تلجأ الصحافية لتقديم شكوى رسمية لنقابة الصحافيين الفلسطينيين في قطاع غزّة، التي أخذت على عاتقها السعي لحلّ مشكلتها، وهذا حقيقةً ما أكده نائب نقيب الصحافيين في قطاع غزّة، تحسين الأسطل.

يقول الأسطل: "أميرة تعدُّ أول صحافية تلجأ للنقابة خلال جائحة كورونا لتقديم شكوى رسمية، بسبب انتهاك حقوقها في العمل تحت ذريعة الجائحة"، مشيرًا أنهم في النقابة يعلمون بوجود إشكاليات في كثير من مؤسسات الإعلام، "التي يمكن أن تظهر بشكل واضح مع نهاية الشهر الجاري".

وكمساعٍ أولية لتفادي الإشكاليات، يفيد بأن النقابة تواصلت مع وفد الحكومة الفلسطينية، لنقل مخاوفها بخصوص وضع المؤسسات المحلية الإعلامية، ووضع الصحافيين والصحافيات، وتأثير الجائحة عليهم/ ــن، مطالبين بضرورة التدخل.

ونبه في وقت سابقٍ، الصحفيين/ــات إلى ضرورة دعم أنفسهم أولًا، بتقديم الشكاوى للنقابة حال تعرضهم للانتهاكات على أي صعيدٍ كان، ثم الحديث عن قدرة النقابة على تبني القضية.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير