شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 20 ابريل 2024م13:09 بتوقيت القدس

تنافس المستوردة جودةً وسعرًا..

أوراق الخربشات المُهمَلة "ألواح رسم" بين يدي هُدى

22 سبتمبر 2021 - 17:55
صورة من تقرير لمصدر الإخبارية
صورة من تقرير لمصدر الإخبارية

شبكة نوى، فلسطينيات: كل مرةٍ تسرحُ بخيالها برفقة عشرات المتدربين من الطلبة في مدارس غزة، فتنسج معهم أحلى الحكايا. يغيبون في عالمٍ من الترادفات والتشبيهات والاستعارات، ويفرّغون ما ترسمه عقولهم "نصوصًا على ورق".

يتابع القلم تدحرجه تارةً، ويتوقف في أخرى بعد أن تضيق على قلبه المساحة. يشطب عبارةً، ويضع خطوطًا تحت أخرى، ثم يغدو أسير ورقةٍ ثانية وثالثة، فعاشرة! المفاجأة أن الحكاية لا تنتهي هنا. "الحكاية عندما تريد أن تنتهي تختتم باسم كاتبها على ملفٍ إلكتروني يُترك على سطح مكتب أحد أجهزة الكومبيوتر في قاعة التدريب". تقول الكاتبة، والمدربة في مجال الكتابة الإبداعية، هدى ثابت لـ "نوى".

عندما تنتهي هدى من أي ورشة عمل تعقدها، تنظر حولها فتجد مئات القصاصات المهملة! يتركها المتدربون خلفهم، دونما اكتراث إلى مصيرها المحتوم في سلة قمامةٍ هنا، أو في نار أحدهم هناك!

لا تعرف السيدة صاحبة الفكر الخلّاق، كيف؟ ولا متى؟ راودتها الفكرة، إلا أن هذه الوريقات الممتلئة بالشطوب، تحوّلت ببعض محاولات التفكير خارج الصندوق إلى قوام مشروعٍ أضحت هي مديرته: شركة لتنمية الثقافة والفنون، تنتج ألواح رسم معالجة، تنافس بجودتها المستورد خامةً وسعرًا.

تضيف: "عدم الإضرار بالبيئة كان أول ما فكرت به، كل هذه الأكوام من الورق ستُرمى في مكب، لكن هل يمكننا الاستفادة منها في صناعة شيء ما مفيد؟". كانت هدى كل فترةٍ تجمع من بيتها آلاف الأوراق التي كانت تُبدي الملاحظات على ما كُتب فيها! صار لديها أطنان منها، فبدأت تفكر جديًا بمعية زوجها عن طريقةٍ تمكنها من الاستفادة من تلك الأوراق المهملة، وحماية البيئة في الوقت ذاته".

تكمل: "اهتدينا بعد عملية تفكير وبحث وقراءات طويلة، إلى فكرة تحويل هذه الأوراق إلى ألواح رسم، وبالفعل بدأنا بتطبيق الفكرة وتجربتها على أرض الواقع، حتى وجدنا أنها بالفعل ممكنة".

وتمر عملية إعادة التدوير وفق ما ذكرت ثابت بعدة مراحل: "في البداية نقوم بفرمِ الأوراق قبل أن نضعها في حوض ماء كبير، ثم نتركها مدةً لا تقل عن أربع ساعات، مع إضافة بعض المواد اللازمة لتجويد المنتج، وفي المرحلة التي تليها نقوم بتصفية الورق المنقوع من ثلاث أرباع كمية الماء عبر مناخل بدائية، ليصبح الورق حينها عجينة يسهل تشكيلها، ثم يفرد على إطارات تمت صناعتها بشكل يدوي وباستخدام أدوات بسيطة أيضًا".

في المرحلة التالية –تكمل- يتم تجفيف الألواح في الشمس لعدة أيام، حسب حرارة الجو، "في الصيف  تجف خلال يومين، لكن في الشتاء تحتاج لوقتٍ أطول"، لتخضع بعد ذلك لعملية سنفرة وتهذيب، قبل طلائها بشكل نهائي لتصبح جاهزةً للاستخدام والاختبار".

أما في المرحلة الأخيرة يتم فحص جودة المنتج من خلال الرسم عليه بأدوات الرسم المختلفة، "وقد أثبت نجاعته، بل وتميزه عن الألواح المستوردة بإمكانية مسح الرسومات والتعديل عليها، أو حتى تغييرها تمامًا، ناهيك عن إمكانية إعادة تدويرها مرات ومرات".

تشير هدى إلى لوحات فنية استخدمت لإنجازها الألواح المعالجة بالتدوير، وتقول: "بعد اختبار الألواح داخليًا عبر فريق الفنانين التابع للشركة، وزعنا عددًا منها على مؤسسات ذات علاقة لتجربتها ومدنا بتغذية راجعة حول جودتها، وبالفعل، جاءنا الرد بلوحاتٍ استخدمت بكل الأشكال، أكدت جميعها نجاح التجربة".

لا تدعي ثابت التي تدير فريقًا من المتطوعين والفنانين والمختصين الذين عملوا معًا لإنجاح التجربة "البطولة"، لكنها ترى أنها من مكانها الذي تعمل فيه مع أطفال، يجعلها حريصة على أن تكون قدوة حسنة، لتفتح أمام تفكيرهم الأفق واسعًا لكل الأفكار والإبداع تحت مظلة المسؤولية.

تضاهي ألواح الرسم المعالجة التي تم إنتاجها على يد هدى وفريقها، تلك المستوردة، في القوة والصلابة والمتانة، ما جعلهم يعملون على إنتاج مزيد منها، ثم العمل على توزيعها على نقاط البيع المختلفة، بأسعار منافسة.

تطمح ثابت أن يكون مشروعها بداية انطلاق لمشروع أكبر يوفر فرص عمل لشبان وشابات من المتعطلين عن العمل، وتعمل حاليًا على ألا يقتصر تجميع النفايات الورقية وإعادة تدويرها على ما ينتج من أوراق لورشاتها التدريبية وحسب، "بل امتد الأمر لوزارة التربية والتعليم بالعموم، التي فتحت أبوابها لنا للحصول على النفايات الورقية، ناهيك عن البنوك التي يمكنها منحنا الأوراق بعد فرمها، نظرًا لخصوصية البيانات والمعلومات فيها".

لا تنضب أفكار ثابت فهي تتمنى تعميم الفكرة ونشرها في كل بيت للحفاظ على البيئة، ما جعلها تسعى لتنفيذ مبادرةٍ  لتخصيص صناديق صديقة للبيئة،ـ يتم من خلالها تجميع النفايات الورقية من البيوت، وإعادة تدويرها،

مؤكدة أن أبواب شركتها مشرعة أمام أي شخص يريد أن يتعلم أو يشارك في عملية إعادة التدوير، أو تطبيقها بشكل منفرد، أو التطوير عليها، للتخلص من النفايات بإعادة تدويرها وتحويلها إلى أدوات صديقة  للبيئة.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير