شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الثلاثاء 23 ابريل 2024م22:05 بتوقيت القدس

جدلية "طقم الجينز" السنوية..

الالتزام بالمُقَرّ.. "مخالفة" أحيانًا في غزة!

11 اعسطس 2021 - 14:53

شبكة نوى | قطاع غزة:

"لقد كان حلمًا بالنسبة لي" تقول ولاء شعبان، الفتاة التي ستلتحق قريبًا بمدرسةٍ ثانوية لـ "نوى".

كانت ولاء تعدُّ الأيام لترتدي "طقم الجينز" المُقر منذ سنواتٍ طِوال كلباسٍ رسميٍ لطالبات الثانوية العامة، بدلًا من مريولها المقلّم، الذي رافقها منذ الصف الأول. لكن المدرسة التي قررت الالتحاق بها، نشرت عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" نصًا تمنع فيه ارتداء الزي الرسمي منعًا باتًا، وتفرض ارتداء "الجلباب" الكحلي أو الأسود، "مع منع الجينز منه أيضًا".

قصةٌ جدلية، تمر بأحداثها على قطاع غزة كل عام. بطلاتها بعض مديرات مدارس البنات الثانوية في غزة، اللاتي يوقعن على نفس القرار دون تدخل، أو حتى توضيح، من قبل وزارة التربية والتعليم، "التي تترك الأمر فضفاضًا في تصريحاتها للصحافة" وفق حقوقيين.

تضيف ولاء: "الزي والقرطاسية، من أهم محفزات بدء العام الدراسي الجديد"، مردفةً: "أنا في حياتي العادية لا أرتدي الجلباب، وللعلم: ألتزم بشكل كبير بالقوانين التي تضعها المدرسة، ولهذا كنت في كل الأحوال سأشتري زيًا يتناسب مع كونه للمدرسة، لا لحفلة".

وتؤمن الفتاة، أن القرار "المزاجي" على حد وصفها، يخلط الصالح بالطالح، "فكان يكفي الالتزام بمواصفات للزي، أما الزي الذي لا يتناسب مع كونه لمدرسة، فيمكن للمديرة حينها منع صاحبته من دخول الفصل، أو التوجه بدعوة إلى ولي أمرها لتنبيهه حول ضرورة تغييره حسب المواصفات المطلوبة من طول التنورة، أو تصميم القميص".

"لا أدري كيف سيفرق المارون في الشارع بيننا كطالبات أعمارها لا تزيد عن 15 سنة، وبين أمهات يمشين بالقرب منا في الشارع" تزيد، معربةً عن امتعاضها الشديد من وصفه (الزي) من قبل بعض المعلمات "بفستان السواريه"، أو "الزي الخادش للحياء".

وترى ولاء أنه يحق لإدارة المدرسة فرض إجراءاتها في مساحةٍ "لا تتجاوز فيها حقوق الطالبات".

المدرسة التي تحدثت الفتاة عنها، أثارت جدلًا واسعًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أمس، بعد تعميمٍ نشرته، يلزم الطالبات بارتداء "الجلباب" كزي مدرسي، لكنها حذفته بعد وقتٍ قصير، إثر ردود الفعل الغاضبة.

بخلاف ولاء ورأيها، ترى سهام محمود -وهي أمٌ لطالبة- أنه يحق لإدارة المدرسة فرض "الجلباب" لضبط سلوك الطالبات "اللاتي يتعاملن مع الطريق إلى المدرسة على أنه ممر لعرض الأزياء، بل وكأنهن ذاهبات إلى عرس" تقول.

وتبرر: "تغيظني ابنتي أحيانًا، عندما كانت تأخذ ساعةً لتجهيز نفسها قبل الذهاب إلى المدرسة، بينما لو كانت ترتدي الجلباب، سوف لن تستغرق الوقت ذاته من ترتيب وتجهيز ومحاولة التحايل على المعلمات، بارتداء قميصٍ أزرق بدل الجينز، لأنها تريد أن تمشي على الموضة في المدرسة".

وتزيد أيضًا: "يحق للمدرسة كما يحق للبنوك أو بعض الجامعات، فرض زي معين"، هنا تقاطعها ابنتها بالقول: "البنك مؤسسة خاصة وليست حكومية، وهي مخيرة، لكن المدارس تتبع للحكومة، وعليها الالتزام بقرارات الحكومة".

تشعر الفتاة بالأسى من بعض التعليقات على الفتيات اللاتي لا يرتدين الجلباب وهو في الثانوية العامة، حتى وإن كان زيهن فضفاضًا! يقولون –والحديث لها- إنهن خارجات عن تعاليم الدين.

وتكمل: "أحسد الطالبات الجريئات اللاتي تمكنّ من استرداد حقهن في ارتداء الزي –وأكرر، الملتزم بالحدود العامة- عبر شكاوى للوزارة، ولمؤسسات حقوقية"، ملفتةً إلى أن بعض الأهالي لا يرين الأمر بهذه الأهمية حتى يسعوا خلفه بشكاوى هنا وهناك.

وحاولت "نوى" التواصل مع مديرة المدرسة للحصول على تعقيبٍ على قرارها، لكنها لم تجب على الهاتف.

فيما تم التواصل مع وزارة التربية والتعليم التي رفضت التعليق إلا بعبارةٍ واحدة، قالها مسؤول العلاقات العامة أحمد النجار: "ليس لدى الوزارة أي توجه بهذا الخصوص".

يعقب الكاتب والحقوقي مصطفى إبراهيم بدوره، بالقول: "لا يوجد لائحة قانونية، أو حتى قرارات وزارية بشأن فرض "الجلباب" كزي رسمي على الطالبات في مدارس قطاع غزة"، مبينًا أن هذا الأمر الذي يتكرر سنويًا، بات يثير الشكوك حول القرارات الفردية التي تتخذها بعض مديرات مدارس الطالبات هنا.

ويضيف: "عندما نراجع وزارة التربية والتعليم، ترد بأنه لا يوجد قرار بشأن ذلك لدينا، وهذا يترك المجال مفتوحًا للمديرات اللاتي ربما يستثمرن الأمر باعتباره فضفاضًا، ويفرضن ما هو مناسب وفق آرائهن".

يتابع إبراهيم: "يجب على الوزارة التدخل سريعًا، ووضع حد للقرارات الفردية، المرتبطة بأهواء شخصية، أو أيديولوجيات خاصة"، ذاكرًا رصد عدد من الشكاوى التي تقدمت بها طالبات على مدار السنوات الماضية، للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، حول منعهن من ارتداء الزي، وفرض الجلباب عليهن، وهو الأمر الذي نفت الوزارة "أنه تعميم من قبلها" حينما تمت مراجعتها به".

ويرى إبراهيم أن الترهيب والتخويف الذي تمارسه بعض المديرات، يجبر بعض الطالبات وعائلاتهن للخضوع للقرار، بخلاف بعضهن من "الجريئات" اللواتي يعرفن أنهن لن يُفصلن من المدرسة لالتزامهن بالزي المقر رسميًا التنورة والقميص (الكابوي).

كاريكاتـــــير