شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 20 ابريل 2024م04:54 بتوقيت القدس

90% منها غير مطابقة للمواصفات

غزة.. صواعق "موت" في صهاريج وقودٍ "هَرِمة"

05 يوليو 2021 - 19:19
صورة أرشيفية من حريق النصيرات
صورة أرشيفية من حريق النصيرات

غزة: 

في الحادي عشر من نوفمبر لعام 2014م، أعلنت وزارة الداخلية في غزة مقتل عاملين فلسطينيين من عائلة بهلول، وإصابة آخرين بجروح، جرّاء انفجار صهريج وقود عند معبر كرم أبو سالم، جنوب شرق القطاع، أثناء عملية ضخ وقود.

سبب الحريق كان انفجارًا نجم عن شرارةٍ عرضية في عملية ضخ الوقود للصهاريج الناقلة، تبعًا لتحقيقات الداخلية، وأنه وقع في منطقةٍ تخضع للسيطرة الإسرائيلية، ويُمنع على عمال شركات الوقود الفلسطينية دخولها.

والحقيقة أن الحادث وقع في المنطقة الفاصلة بين الأراضي الفلسطينية، وتلك التي تحتلها "إسرائيل"، التي لا يمنع فيها دخول عمال شركات البترول، أو موظفي الإدارة الفلسطينية العامة للبترول.

تأخرت سيارات الدفاع المدني والإسعاف نصف ساعةٍ كاملة، حتى فارق أحمد وابنه الحياة

وتُوفّي في ذلك الحادث أحمد بهلول وابنه، وهما أصحاب شركة "بهلول" للوقود، والمُشرفان على عملية الضخ والتعبئة بنفسيهما، ووحدهما، كما في كل مرة. أما الحادثة، فوقعت أثناء إشرافهما على عملية الضخ لمركبتين، إحداهما بسعة 35 ألف لتر، والأخرى بسعة 40 ألف لتر.

وبسؤالنا لأحد أبناء المتوفى بهلول، ويُدعى يوسف -ويعمل حتى الآن في نفس المجال- أوضح أن عملية النقل تتم بإشراف العاملين أنفسهم، ودون مرافقين من الدفاع المدني، أو أيٍ من الجهات المختصة، "حتى أنه وعند حدوث الانفجار في المعبر، تحديدًا في المنطقة التابعة للجهة الفلسطينية على حد قوله، تأخرت سيارات الدفاع المدني والإسعاف نصف ساعةٍ كاملة، حتى فارق أحمد وابنه الحياة".

هل هناك فحص؟

وخلال بحثنا في قضية الإشراف والفحص للسيارات الناقلة للوقود من "كرم أبو سالم"، تبيّن أن الفحص "دوري اعتيادي"، يتمُّ في موعد الترخيص كحال أي مركبةٍ أخرى.

ولا تشمل عملية الفحص التأكد من مدى صلاحية "الصهريج" ولا من عمره الزمني، كما لا تخضع سيارة النقل للفحص في كل مرةٍ يتم فيها تعبئتها، بما يضمن خلوها من الوسائل أو المواد المحفزة على الاشتعال، التي قد تتسبب في انفجار هائل كذلك الذي حدث.

يقول يوسف: "على الرغم من الحادث المروع، وتكرار حوادث مشابهة في السنوات التالية، لم يتغير شيء فيما يتعلق بإجراءات السلامة، وظلت عملية النقل تسير بذات الوتيرة"، مضيفًا: "الحكومة ألصقت سبب الانفجار بشرارة، واتهمت طريقة الإشراف على عملية نقل وضخ الوقود التي نتبعها نحن العمال في المحطة بالقصور، ناهيك عن حديثها بأن كل شيءٍ تم في الجانب الإسرائيلي".

الانفجار يعني عدم الإشراف على خلو الصهريج من أي مادة قابلة للاشتعال غير السولار

مصادر خاصة أخبرت معدة التحقيق، بأن عمليات البحث والتحقيق بعد الانفجار الذي حدث بتاريخ حدث بتاريخ 11- 11- 2014، وعطّل عمل المعبر لثلاثة أيامٍ متواصلة، أثبتت وجود أبخرة لمادة سريعة الاشتعال، هي البنزين، داخل الصهريج الذي كان يعبأ بمادة السولار، "وهذا يعني عدم الإشراف على خلو الصهريج من أي مادة قابلة للاشتعال غير السولار".

وتقول دراسة أولية حصلت عليها الصحافية، لأحد الباحثين في الجامعة الإسلامية: "إن شبكة التفريغ الموجودة في المعبر غير صالحة للعمل، ذلك لعدم مطابقتها للمواصفات، بعدما تبيّن أن فحص المقاومة الكهربائية للشبكة، كان مقداره من 20 -40 "أوم" (والأوم، هي وحدة قياس المقاومة الكهربائية)، علمًا بأن الحد الأقصى المسموح به هو 51 "أوم" فقط".

طرق النقل

وفي الدراسة الصادرة تحت عنوان: "إدارة المخاطر في محطات الغاز والوقود بقطاع غزة باستخدام نظم المعلومات الجغرافية"، ذكر الباحث يحيى العطار، أن عمليات تعبئة صهاريج الوقود الفلسطينية، سواءً من جهة معبر رفح للبترول، أو معبر "كرم أبو سالم"، تتم بطريقتين، الأولى: عبر خزاناتٍ محمولة (ناقلة): وهي الخزانات المثبتة على سيارات، وتتم تعبئة الوقود فيها، ونقله من مكانٍ لآخر، وتكون مقسّمة 3-7 حُجرات، وتكون سماكة حديد الصهريج فيها 4 ملم.

عشرات الصهاريج تجاوزت عمرها الافتراضي (20 عامًا) وباتت واجبة الإعدام

أما الثانية: فتتم عبر خزانات ثابتة، حيث يُخزن فيها الوقود سواء في المحطات، أو المخازن، أو المعابر، وتكون إما تحت الأرض أو فوق الأرض، وسماكة الحديد فيها تصل إلى 6 ملم.

 ويتم فحص الصهاريج، وفقًا للدراسة، بواسطة المديرية العامة للدفاع المدني الفلسطيني، استنادًا إلى لائحة الوقاية والسلامة الخاصة بمحطات الوقود وصهاريج النقل، وضمن آليةٍ تحدَّدُ بالشراكة مع الإدارة العامة للبترول ووزارة النقل والمواصلات.

الكارثة الأكبر

ثم حدثت الكارثة الأكبر، تلك التي أثبتت خللًا عظيمًا في تصنيع الصهاريج واستخدامها، ومخالفاتٍ في تخزين الوقود والإشراف عليه، وعلى فحص الصهاريج، ذلك بعد أن وقع حريق في أكثر الشوارع ازدحامًا داخل مخيم النصيرات، في مارس/ آذار من العام الماضي.

وأثبتت نتائج التحقيقات في الحريق الذي نتج عنه وفاة 25 مواطنًا، أن السبب الرئيسي، يرجع إلى "انفجار صهريج، تم تصنيعه ليكون ثابتًا وليس متحركًا"، حسب ما صرّح به ووكيل وزارة العدل بقطاع غزة محمد النحال.

النحال :تحويل الصهريج من ثابت إلى متحرك، عملية تحتاج إلى خبراء تصميم، والشركة المالكة ، حولته بطريقةٍ "بدائية

وأشار النحال إلى أن الضعف الشديد في جسم الصهريج الناتج عن الاهتزازات، أدى إلى انفكاك الصهريج، وتسرب الغاز بشكل مفاجئٍ وسريع، ما أدى إلى تكوين سحابة غاز في محيط دائرةٍ بقطر 30 مترًا، الأمر الذي أدى إلى اشتعال السحابة، وحدوث الحريق.

وأوضح النحال أن عملية تحويل الصهريج من ثابت إلى متحرك، هي عملية هندسية تحتاج إلى خبراء تصميم، لكن الشركة المالكة للصهريج، حولته بطريقةٍ "بدائية"، لم تراعِ فيها معايير السلامة، ولا معايير المصنعية الواضحة في القانون، "فالعربة المتحركة التي وُضع عليها الصهريج، لا تحتوي على نظام امتصاص الضربات والاهتزازات".

وألزمت نتائج التحقيق صاحب محطة الغاز للتعبئة، والمالكة للصهريج الذي تسبب في كارثة النصيرات، بالإغلاق نهائيًا، بالإضافة إلى فصل عددٍ من الشخصيات الاعتبارية في بلدية النصيرات، من المسؤولين عن تطبيق إجراءات الأمن والسلامة في آلية التشغيل، وتحديد موقع الصهريج "الذي لم يكن مناسبًا للمعايير، إذ كان يتموضع قرب مخبزٍ ضخم، يخزن كميةً كبيرةً من المواد المشتعلة" وفقًا للنتائج التي أقرّها النحال، رئيس لجنة التحقيق التي شكلتها لجنة متابعة العمل الحكومي في قطاع غزة العام الماضي.

د.محمد المغير، المدير العام للدفاع المدني، الذي بدأ عمله في إدارة الجهاز بعد حادث حريق النصيرات، وثّق حوادث حصلت منذ عام 2014م، حتى عام 2020م، بمعدل حريق واحد تقريبًا كل عام، ناتج عن خلل في النقل والتعبئة.

يقول: "إن المشكلة في الظروف التشغيلية لتعبئة سيارات نقل الوقود، إذ كانت هناك لائحة قانونية واضحة للسلامة، لكنها لم تكن تُطبق حتى لحظة وقوع حادث النصيرات، الذي أدى إلى كارثة كبيرة، جعلت الجميع يعيد حساباته".

ويوضح أن الظروف التشغيلية التي تضمن السلامة، تقتضي تحييد الشحنات الكهربائية أثناء التعبئة والتفريغ، من خلال ما يُسمى بسلك "التأريض"، الذي يؤدي وظيفة تفريغ الأنابيب من الشحنات الكهربائية، التي قد تسبب الاشتعال.

 

المغير: أصحاب شركات وقود واجهوا النظام الجديد بالرفض بدعوى "المخسر"

العملية السابقة، تبدأ من نقطة وجود الصهاريج جهة الاحتلال، حتى وصولها إلى الجهات الفلسطينية، أي أثناء عملية ضخ الوقود من أولها إلى آخرها، ذلك لضمان السلامة في الجانبين.

ويضيف المغير: "على مدار سنوات حكم السلطة الفلسطينية وحتى العام الماضي 2020، لم يكن هناك آلية للفحص مطلقًا، وهناك عشرات الصهاريج المتهالكة التي لا يجوز نقل الوقود من خلالها، حيث لا تنطبق عليها مواصفات الأمن والسلامة"، مشيرًا إلى أن حادث النصيرات، فتح جميع ملفات الوقود، وما يتعلق به من تخزين، ونقلٍ، وتعبئة "بل وجعلنا نعيد حساباتنا".

ويفيد بأن 90% من الصهاريج، لا تتطابق مواصفاتها مع الشروط الواردة في القانون، "فالقانون يرى ألا تزيد العبوة عن 30000 لتر، وأن لا تزيد السرعة عن 40 كيلو/ ساعة، ذلك تجنبًا لتوليد الكهرباء الساكنة، لكن "هناك عبوات مصممة لـ 45-50 ألف لتر".

ويلفت المغير إلى هذه الصهاريج "غير المطابقة للمواصفات"، صممت داخل قطاع غزة، وبيعت في السوق، ويتعامل معها أصحاب محطات الوقود بيعًا وشراءً.

ويتابع: "هذه الشركات اضطرت لمخالفة المواصفات القانونية، تماشيًا مع الحصار، ولأنها تريد تعبئة سيارات أكبر بكمية وقود أكثر، خوفًا من إغلاق المعابر، ومنع سلطات الاحتلال إدخال الوقود، ولم يكن هناك متابعة كافية من قبل الإدارة العاملة للصناعات".

القانون واضح

ويتابع المغير: "حينما بدأنا العمل منذ العام الماضي، كان علينا التقيد بالقانون الذي يوجب إعدام الصهريج، حينما يكمل 20 عامًا من الاستخدام، وفي قطاع غزة لدينا صهاريج عمرها أكثر من 35 عامًا وما زالت تعمل حتى الآن! وإعدامها يعني خسارة كبيرة  للعاملين وأصحاب المحطات"، مردفًا بالقول: "واجهتنا موجة صهاريج معدمة، ستكلف أصحاب المحطات الكثير من الخسائر، لذا بدأنا بإعادة صيانة هذه الصهاريج تماشيًا مع الوضع، وقد عالجنا 90% من الصهاريج التي فُحصت".

ويلفت المغير إلى أن أصحاب شركات الوقود واجهوا العمل بالنظام الجديد ببعض الرفض والتعنت، وغيرهم من أصحاب الشركات الكبرى، رفضوا الفحص بحجة أن ذلك سيؤثر عليهم اقتصاديًا، لمعرفتهم بأن هناك صهاريج سيطولها الإتلاف.

وبرغم ذلك، تمكنت اللجنة المكونة من جهاز الدفاع المدني، والهيئة العامة للبترول، ووزارة النقل والمواصلات، بالإضافة إلى وزارة الحكم المحلي، حتى الآن –والحديث للمغير- من فحص 70 صهريجًا، من أصل 128 موزعة على 51 محطة في قطاع غزة.

يزيد: "وحتى هذه اللحظة، رئيس جمعية أصحاب محطات الوقود، على سبيل المثال، لم يقبل بفحص صهاريج محطته، وكذلك فعل نائبه، وأعضاء مجلس إدارة الجمعية، خوفًا من إتلاف صهاريجهم"، مؤكدًا أن مخالفاتهم –برفض الفحص- أحيلت للنيابة.

ولعل التعنت الذي واجهته اللجنة (المكونة من الدفاع المدني، والهيئة العامة للبترول، والنقل والمواصلات، ووزارة الحكم المحلي) أثّر سلبًا على سير عملها، إذ غيّرت فكرة إتلاف الصهاريج، إلى فكرة إعادة صيانتها، ثم شكّلت لجنةً لإعلان مناقصة من أجل فحص الصهاريج، لتنسحب بعدها الشركة التي رست عليها المناقصة، بسبب ضغوطات جمعية أصحاب المحطات، ما اضطرهم للتعاقد مع شركة أخرى.

ولكن خلال بحث معدة التحقيق تفرقت المسؤولية، بين الهيئة العامة للبترول، والدفاع المدني، ووزارة النقل والمواصلات، إذ يقع على عاتق الهيئة بصفتها المشرف على تنظيم نقل وتعبئة وتصنيع الصهاريج في القطاع، الإشراف على حضور الدفاع المدني ليتولى توفير الأمن والسلامة، أما وزارة النقل فيقع على عاتقها تأمين الأمن والحماية والسلامة في عملية النقل، "ولم يحدث أيًا من ذلك، إلا بعد فاجعة حريق النصيرات"، حسب اعتراف المسؤولين والعاملين في محطات الوقود.

الكل مسؤول

إياد الشوربجي مدير الهيئة العامة للبترول أوضح مهام الهيئة بفحص صمامات الأمان في أعلى الخزان، وتسهيل إجراءات تراخيص عمل الصهاريج.

الشوربجي: جدية التأكد من سلامة الصهاريج بدأت بعد فاجعة النصيرات

ونوه إلى أن أي بلاغ يأتي من قبل الدفاع المدني، كشكوى على أي شركة غير متعاونة، ولا تلتزم بإجراءات السلامة، فإن مهمة الهيئة محاسبتها، مؤكدًا أن كل هذه الإجراءات، "بدأ العمل عليها بشكل جدي بعد فاجعة النصيرات، حيث كانت المسؤولية قبل ذلك غير محددة".

وأكد الشوربجي، وجود لجنة "تصويب أوضاع المهن الخطرة"، التي تعمل على تحسين أوضاع محطات البترول والغاز، "وقد بدأ ذلك فعليًا مع محطات البترول".

الأمان على الطريق

بدوره، يقول حسن عكاشة، مسؤول الشؤون الإدارية في وزارة النقل والمواصلات: "إن مهمة الوزارة تقتضي الإشراف على نقل الوقود وفحصه أيضًا"، مقرًا كسابقه بأن الموضوع "بدأ جديًا بعد حريق النصيرات".

ولأن وزارة المواصلات يتمثل دورها بالتأكد من سلامة الصهريج، وتوفير عوامل السلامة المطلوبة لأمن الناقلين وأمن الشارع، فقد حددت هيئة المواصفات والمقاييس، القانون رقم 97 لعام 1997، الذي يوضح جميع المعايير التي يجب أن يلتزم بها مصنعو صهاريج نقل السولار، والبنزين، والمحروقات بشكل عام.

وفي الوقت نفسه، ينبه عكاشة إلى عدم توفر العديد من المعدات، التي لا يسمح الاحتلال بوصولها إلى غزة، "لذلك حدّدت اللجنة معايير مبنية على الإمكانات الموجودة، التي يمكن لوزارة النقل تطبيقها، وهذه المعايير صادرة عن هيئة المواصفات والمقاييس".

ويدخل ضمن نطاق عمل "النقل والمواصلات"، البت في أمر أمان الصهريج من عدمه، وإن كان يجوز له السير على الطريق، أو استعماله أصلًا، "أي تطبيق ما جاء في قانون 97 للهيئة العامة للمواصفات".

شبكة نوى، فلسطينيات: عكاشة: القانون 97 لهيئة المواصفات حدد المعايير لصناعة ومصنعي الصهاريج

ويوضح عكاشة أن فحص الصهاريج تم بالتعاون مع الجهات المختصة، التي كانت ترفض في البداية، مشيرًا إلى أن تكلفة فحص الصهريج الواحد، تتراوح بين 1000- 1500 شيقل، وتتم كل ثلاث سنوات.

ويذكر أن هناك لجنة "آلية نقل الصهاريج"، التي تشرف على نقل المحروقات بأنواعها كافة، عبر هذه الصهاريج، في أوقات آمنة، ودون المرور بالشوارع المزدحمة.

لماذا الرفض؟

المهندس عائد أبو رمضان، أمين سر جمعية أصحاب شركات البترول والغاز، تحدث عن تحفظ الجمعية على العمل مع اللجنة التي شُكلت من قِبَل الحكومة، لمتابعة فحص الصهاريج، ووصفها بـ "البدعة" التي تم إسقاطها على شركات البترول، قائلًا: "نحن مع الأمن والسلامة، وأي حادث، سنكون أول المتضررين فيه، وبسبب شُح الإمكانيات لدى الدفاع المدني، نعتمد على أنفسنا في مواجهة أي طارئ سواءً في المحطات، أو في مخازن البترول الموجودة في بعض المحطات".

ولكن لدى أبو رمضان تحفظٌ آخر على التسعيرة التي أقرّتها اللجنة برئاسة وزارة الحكم المحلي، "التي تفسر القوانين على هواها" على حد تعبيره.

 فحسب أبو رمضان، قانون ترخيص الشاحنات في الضفة يفرض على أصحاب الصهاريج دفع رسوم 200 شيكل، ولكن في غزة، "فُرضت تسعيرة لترخيص الصهريج الذي تقدر عبوته بــ 30 ألفًا، قدرها 2400 شيكلًا، وبعد التفاوض خُفِّضت لــــ 1400 شيكل، وهناك مفاوضات مع جهات أخرى تُعامل بطريقةٍ أُخرى وتدفع رسومًا أقل، وهذا يعني أن التسعيرة غير واضحة أيضًا" يقول.

واتهم أبو رمضان "الجهات المسؤولة" بالابتزاز، "فهي هددت بسحب التراخيص من محطات البترول التي رفضت الفحص، ووصل الأمر إلى القضاء، لكن حتى التعامل القانوني مع الرفض أيضًا غير واضح" يزيد .

ويضيف رمضان: "نحن في الجمعية مع كل الفحوصات حسب القانون، ولكن وجه الخلاف في طريقة تطبيق الفحوصات، والمناقصة السرية التي أرسَت عطاءها على شركة فحصٍ خاصة، تُمارس عملها لأول مرة، ولا نعرف أي تفاصيل عن حصولها على أحقية الفحص، وهي لا تملك الخبرة الكافية" .

واستنكر أبو رمضان قرار اللجنة، بعدم إتلاف الصهاريج التي لا تصلح، "وإعادة صيانتها وترخيصها لأسبابهم الخاصة"، ملفتًا إلى أن جمعيته، لم يكن لديها أي رفض لإتلافها، "فلماذا لم تتلفها اللجنة؟" تساءل.

وأردف يقول: "حتى شركة الفحص جديدة وغير معتمدة، تعمل للمرة الأولى، وقد طلبنا من وزارة الحكم المحلي بأن تعطينا أي معلومات عنها، أو تفاصيل عن العقد معها، لكنهم لم يرسلوا لنا أي رد".

ونوّه أبو رمضان إلى أن من حقه أن يتأكد من مطابقة الشركة لكل المواصفات، والتزامها بما هو موجود في القانون، وما إذا كانت ورشتها معتمدة ومطابقة للمواصفات"، مضيفًا: "كل هذه أسئلة لم تجبنا عنها وزارة الحكم المحلي".

تطبيق القانون

وردًا على ما قاله المهندس أبو رمضان، قابلنا م.سعيد عمار وكيل وزارة الحكم المحلي، وعضو اللجنة الرئيسية للأمن والسلامة، الذي قال: "القانون واضح، ولكن القانون لم يكن يُطبّق لا في الضفة ولا في غزة، ونحن أول من طبقه، الضّفة تُرخِّص المركبة التي تحمل الصهريج برسوم 200 شيكل، وهو ترخيص عادي، كترخيصها لأي سيارة عادية تسير على الطريق، دون فحص الصهريج، والتأكد من استيفائه لكافة شروط السلامة، وصلاحيته للعمل".

ويضيف: "ما قمنا به هو تطبيق القانون لا أكثر، الذي يوجب علينا فحص الصهريج أولًا كشرطٍ لحصول المركبة على ترخيص سير، كأي سيارة أخرى". 

ويلفت عمّار إلى أن أكثر من نصف عدد الصهاريج في غزة رُخّصت وباشرت عمَلَها منذ بداية تشكيل اللجنة، "والجهات الإدارية اتخذت الإجراءات معها وهذا يعني أن معظم أصحاب المحطات استجابوا للفكرة ودعموها" وفقًا لما يراه.

عمار :كان لدينا قصورٌ  ونعترف به وقد أدركنا الخلل، وعملنا على تطبيق قانون لم يُطبق لا في الضفة ولا في غزة مسبقًا

المشكلة التي يعترف بها عمار، أن العمل في هذا القانون لم يبدأ إلا بعد "كارثة النصيرات"، ويقول تعقيبًا: "من رفضوا التعاون معنا من أصحاب محطات الوقود، كانوا يردّدون جملة :"أين كنتم طوال السنوات السابقة؟!"، مضيفًا: "نحن كان لدينا قصورٌ حقيقي، ونعترف به، ولكن هل يجوز أن يكون الرد هكذا، ونحن قد أدركنا الخلل، وعملنا على تطبيق قانون لم يُطبق لا في الضفة ولا في غزة مسبقًا".

ويكمل: "حينما بدأنا بعمل فحوصات، بحثنا عن المواصفات العالمية، وجهّزنا قائمة مصغرة للفحوصات المتوفرة بغزة، وقمنا بعمل مناقصة، وشكّلنا لجنة واخترنا شركة مناسبة بعد اختبارات كثيرة،  للبدء بالعمل وكانت اللجنة برئاسة المهندس حسن عكاشة من وزارة النقل والمواصلات" .

وعن الرسوم المدفوعة لفحص الصهريج، التي تقول جمعية أصحاب محطات الوقود إنها تصل إلى 1400 شيكل، يلفت عمار إلى أن هذا الرقم يزيد وينقص حسب حجم الصهريج، "فالصهريج الذي تبلغ مساحته 10000، تختلف تكلفة فحصه عن الصهريج الذي تبلغ سعته 40000 .

وعن طريقة اللجنة في ضبط الأمر، ومخالفة الصهاريج غير المرخصة، يوضح عمار أن "أي مركبة تحصل على رخصة قيادة ورخصة مركبة وتأمين، وكل ذلك لا تحصل عليه مركبة نقل الوقود إلا بعد فحص الصهريج واستيفائه شروط النقل والسلامة، وإذا لم يُفحص، تصبح المركبة غير مرخصة وعلى شرطة المرور مخالفته".

ويزيد: "تحدثنا مع أصحاب محطات الوقود في الضفة الغربية، واكتشفنا أن الرسوم المدفوعة هي 200 شيكل، كرسوم لترخيص المركبة، وليست رسومًا لفحص الصهريج".

كاريكاتـــــير