شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م18:20 بتوقيت القدس

البلدية: من المبكر الحديث عن تعويض

"أكشاك البحر" المُستأجرة.. "كورونا" ضربةٌ في مقتل

23 سبتمبر 2020 - 21:10

"لا أنا قادر أسدّ الدين، ولا قادر أعيل أفراد أسرتي التسعة.. شو أعمل؟"، يتساءل مازن مشتهى (33 عامًا) بعد نحو شهرٍ على الإغلاق العام في قطاع غزة، إثر ظهور إصاباتٍ بفايروس "كورونا" داخل المجتمع.

الشاب الذي استلف من أحد أصدقائه مبلغ (1000) دولار، وكتب على نفسه كمبيالة بقيمة (1500) دولار لصالح البلدية، من أجل استئجار كشك على شاطئ بحر غزة لبيع المشروبات الساخنة، اضطر إلى إغلاق مصدر رزقه، كما العشرات من أصحاب الأكشاك، ليضيع الموسم في عزه "وهو ما لم يكن في الحسبان".

ويمتهن مشتهى بيع المشروبات الساخنة على شاطئ البحر (كورنيش غزة) منذ خمس سنوات، ويشير إلى إن البلدية أجبرت أصحاب الأكشاك على دفع مبلغ (2500) دولار، مقابل تأجير الكشك الخاص ببيع المشروبات الساخنة، "أو ترك المكان لشخص آخر في حال لم ألتزم بسداد المبلغ المطلوب مقابل ذلك".

ويوضح أن كلا الخيارين كانا أصعب من بعضهما، لكنه استطاع تدبر أمره لاستئجار كشك خشبي بأرضية إسمنتية بمساحة 4 أمتار مربعة، مجهز بخط للمياه والكهرباء.

مشتهى يؤكد أنه لم يستفد بالمطلق من الكشك، حيث ظهرت في بداية الصيف أزمة رواتب السلطة، واليوم جاءت كورونا لتصبح المصيبة اثنتين.

مشتهى يؤكد أنه لم يستفد بالمطلق من الكشك، حيث ظهرت في بداية فصل الصيف أزمة رواتب السلطة فكان عدد الزبائن محدودًا، "أما اليوم بعد أزمة كورونا، أصبحت المصيبة اثنتين فالشرطة أغلقت جميع الأكشاك والأماكن السياحية على شاطئ البحر، وتم إبلاغنا بمنع فتحها نهائيًّا تحت طائلة المسائلة القانونية والمخالفة".

وحول إذا ما كانت البلدية على تواصل مع أصحاب الأكشاك، يشير إلى أنه تلقى منها اتصالًا قبل أسبوع، طلبت فيه منه البيانات الشخصية دون إبداء سبب ذلك.

ويقول مشتهى بنبرة محتدة: "اليوم أنا قاعد بالبيت، ومفيش شيكل واحد بدخل على ولادي، حتى ما بتذكرونا بأي دولار من منحة متضرري كورونا، أو حتى تعويض، أو إلغاء القسط، والمصيبة مطلوب منا نسدد ديونا وندفع كمبيالات البلدية، وهيك بنكون اشترينا سمك في مية".

بين الفقر والديون

سكوت البلدية وعدم اكتراثها لما آل اليه حال أصحاب الأكشاك، أثار غضب يوسف حمد، الذي يبيع الذرة والمشروبات على كورنيش البحر منذ أكثر من 15 عامًا.

ويأسف حمد (39 عامًا) على ما حدث مع أصحاب الأكشاك بالقول: "للأسف إحنا وقعنا على شهادة موتنا لما وافقنا على عقد البلدية المكون من 25 بند، بينهم أن البلدية غير مسؤولة عن الأكشاك والأضرار في حال حصلت حروب أو أزمات أو تصعيد في قطاع غزة".

ويضيف الشاب الذي يعيل أسرة من سبعة أفراد: "لكننا وقعنا مضطرين، فالبلدية خيرتنا بين الدفع أو ترك المكان، واليوم للأسف نحن غير قادرين على مراجعة البلدية أو طلب تعويض، وغير قادرين على توفير لقمة أطفالنا بل قد نتعرض للحبس بسبب الديون".

يعتقد فادي الفار أن مصيره بات مجهولًا، في ظل عدم قدرته على توفير متطلبات أطفاله، أو علاج أمه المريضة، أو أخته التي تعاني من أورام.

في الإطار نفسه، يعتقد فادي الفار أن مصير باعة الأكشاك بات مجهولًا، في ظل عدم قدرته على توفير متطلبات أطفاله اليومية، أو علاج أمه المريضة بالقلب المفتوح، أو أخته التي تعاني من أورام، "وفي الآخر البلدية كل ما عملته هو إنها أخدت بيناتنا دون أي تحرك فعلي لمساعدتنا" يقول.

ويلفت الفار (35 عامًا) إلى أنه جمع كل تحويشة العمر، واستدان لتأمين ثمن استئجار الكشك لعام، غير أن الأزمات توالت منذ بداية فصل الصيف، ولم يتمكن من العمل بشكل جيد سوى لشهرين فقط، ثم بدأت أزمات رواتب موظفي السلطة، "وها هي أزمة كورونا أتت لتعدم الدخل بشكل كامل، وبت استدين من كل المعارف لتوفير ثمن ربطة الخبز" يضيف.

ويوجه الفار نداءً إلى البلدية، وكل المؤسسات المعنية، بسرعة تقديم المساعدة لأصحاب الأكشاك، بعد أن دفعوا كل ما في جيوبهم لاستئجارها، قائلًا: "ورانا أطفال يا عالم، وإذا ما فتحت البلد خلال الأيام الجاية، ورجعنا لشغلنا، الوضع في بيتي راح يتأزم أكتر، شو بنتظروا؟! الشباب تحرق حالها علشان تساعدوا أهاليهم؟!".

وخلال سنوات الحصار الإسرائيلي المستمر منذ عام 2006م، لجأ الشبان والعاطلون عن العمل إلى تدشين عرباتٍ وأكشاكٍ متنقلة، بعضها على شاطئ بحر غزة أو قرب المتنزهات العامة التي تحتضن المواطنين خلال فترة الإجازات.

على طاولة البحث

ويؤكد مسؤول قسم الإعلام في بلدية غزة حسني مهنا، أن قضية الأكشاك مطروحة بشكلٍ كامل حاليًا على طاولة البحث في مجلس البلدية.

ويوضح لشبكة "نوى" أن البلدية تواصلت مع جميع أصحاب الأكشاك المستأجرين، لجمع بياناتهم الشخصية، وحجم الأضرار التي لحقت بهم نتيجة الإغلاق الاضطراري بفعل أزمة كورونا.

"ستحاول البلدية أن تقدم لهم ولو مساعدة بسيطة، تعوضهم عن الخسارة والضرر الذي لحق بهم، ولكن من المبكر أن نتكلم عن مسألة الإعفاء التام".

ويقول: "ستحاول البلدية أن تقدم لهم ولو أشياء بسيطة، تعوضهم عن الخسارة والضرر الذي لحق بهم، ولكن من المبكر أن نتكلم عن مسألة الإعفاء التام من دفع باقي الأقساط المستحقة على الاستئجار".

ويشير إلى أن البلدية تحاول مع جهاتٍ ومؤسساتٍ محلية، توفير مساعداتٍ قدر المستطاع، لتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم بفعل الإغلاق، "أما موضوع التعويض، فهو غير مطروح حاليًا إلا بعد أن نرى متى تنتهي أزمة كورونا التي شكلت عبئًا جديد على البلدية".

ويضيف: "بسبب أزمة كورونا زاد الثقل على كاهل البلدية، التي تعمل على تعقيم الشوارع بشكل مستمر، إلى جانب ضمان توافر المياه للناس في بيوتها وعدم انقطاعها، والحرص على عدم التأخر في جمع النفايات، ومعالجة المياه العادمة، والتخلص من مخلفات مراكز الحجر الصحي"، منوهًا إلى تخطيط البلدية القادم لتطوير الواجهة البحرية وتنظيمها بشكل أوضح، وتعزيز وجود الأماكن العامة على الكورنيش للمواطنين بعد تجاوز أزمة كورونا.

"بعد الأزمة سيعود أصحاب الأكشاك لعملهم، "ولكن حينها سيكون هناك إجراءات مشددة ولن تتهاون البلدية فيها".

ويعتقد مهنا أن ذلك سينعكس بشكل إيجابي على أصحاب الأكشاك، الذين سيستقبلون مئات المتنزهين يوميًا، ملفتًا إلى أنه وبمجرد قرار الجهات المسؤولة عودة الحياة إلى المدينة تدريجيًا، سيعود أصحاب الأكشاك لعملهم، "ولكن حينها سيكون هناك إجراءات مشددة ولن تتهاون البلدية فيها، خصوصا فيما يتعلق بإجراءات الوقاية، من حيث المكان والنظافة والتعقيم، ومدى الالتزام بإجراءات السلامة الشخصية".

وفي يوليو/ تموز الماضي أشعل قرار بلدية غزة، كبرى بلديات قطاع غزة، تنظيم الواجهة البحرية، واستبدال الأكشاك والعربات العشوائية بأكشاك ثابتة مقابل مبلغٍ سنويٍ ثابت لا يقل عن (2500 دولار)، جدلاً في الأوساط المحلية، وتحديدًا من جانب أصحاب هذه المشاريع البسيطة، فضلًا عن مواقع التواصل الاجتماعي.

كاريكاتـــــير