شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م09:03 بتوقيت القدس

أهل بلدتها يصفونها بـ "الجبل"

عن سِتّة كَراسٍ متحركة في بيت "محفوظة" (فيديو)

04 سبتمبر 2020 - 12:05

طولكرم/ شبكة نوى- فلسطينيات:

بمساعدة شقيقتها وكرسيّها المتحرك، وصلت مايا عامر (18 عامًا) إلى فرع جامعة القدس المفتوحة بطولكرم شمال الضفة الغربية، لتقديم امتحان المستوى في اللغة الإنجليزية، استعدادًا لبدء دوامها في السنة الجامعية الأولى.

مايا التي تتهيأ لجراحة إزالة زوائد لحمية من قدميها -خضعت لها عدة مرات في السنوات الأخيرة- هي واحدة من خمسة أبناء  للأم محفوظة عامر، يعانون "ضمور العضلات"، ويتحركون بواسطة كَراسٍ كهربائية، بعد أن فقدت نجلها الأكبر الثلاثيني سالم قبل عامين بنفس المرض.

حصلت مايا على معدّل 93% في الثانوية العامة، وقررت دراسة علم المكتبات بعد أن حصلت على منحةٍ دراسية، إلا أن الوصول إلى الجامعة، وبالنسبة لشخصٍ مصاب بهذا المرض، صعبٌ جدًا.

حصلت مايا التي تقطنُ بلدة "علار" شمال المحافظة، على معدّل 93% في الثانوية العامة، وقررت دراسة علم المكتبات بعد أن حصلت على منحةٍ دراسية، إلا أن الوصول إلى الجامعة التي تبعد عنها بلدتها ساعة على الأقل، "وبالنسبة لشخصٍ مصاب بهذا المرض، صعبٌ جدًا، ويحتاج إلى مرافقٍ دائم" تقول.

مايا، وهديل، وعدالة، وحنان، وشقيقهن محمد ( 20 عامًا) بدأ المرض يتسلل إلى أجسادهم تدريجيًا مع سنوات عمرهم الأولى، حتى إذا ما وصلوا سن الرابعة عشر، فقدوا القدرة على المشي تمامًا.

تقول والدتهم (63 عامًا): "أنجبت 12 ولدًا وبنتًا، ستة منهم مصابون بضمور العضلات"، تصمتُ قليلًا وتردفُ بحسرة: "ما خليت من جهدي جهد وأنا رايحة جاية فيهم، المرض وراثي، وما اله دواء".

تنقلت الأم بأبنائها بين المستشفيات الفلسطينية والإسرائيلية أيضًا، وحملتهم إلى الأردن أثناء تشخيص مرضهم، ومحاولة تقليل آثاره، تضيف لـ "نوى": "إن الأعراض الأولى لا تظهر عليهم إلا بعد سنوات من ولادتهم، بينما يتجذّر المرض في أجسادهم مع مرحلة البلوغ".

يتسبب "ضمور العضلات" علميًا في ضعف العضلات ثم فقدان الكتلة العضلية تدريجيًّا، وتعيق الجينات الشاذة (الطفرات) التي تسبب المرض، إنتاج البروتينات اللازمة لبناء عضلةٍ سليمة.

يشار إلى محفوظة عامر في طولكرم، على أنها الأم التي كرّست حياتها في خدمة أبنائها، وتحمّلت أوجاعهم واحدًا تلو الآخر،  وأصرّت على تعليمهم جميعًا.

يشار إلى محفوظة عامر في طولكرم، على أنها الأم التي كرّست حياتها في خدمة أبنائها، وتحمّلت أوجاعهم واحدًا تلو الآخر،  وأصرّت على تعليمهم جميعًا.

كانت تروي قصتها وتبتسم عند النظر إلى بناتها القاعدات على كراسيهنّ المتحركة في فناء البيت، تغنّي معهن وترقص لترفّه عنهن، كواحدةٍ من أنشطة يوميات مواجهة مرضٍ لا دواء له. تتمتم: "هذا من رب العالمين والحمد لله على كل حال" .

فقدت الأم نجلها "سالم"، وكان الأقرب إليها، عنه تتحدث: "كان أول ولد جبته، عملنا له عملية في كتفه لنعرف سبب المرض، قالوا إنه وراثي وما في إله علاج (..) لما توفى كل الدنيا حزنت عليه، بقى فش أفتح (أذكى- أنبه) منه".

تستمد مايا قوتها من والدتها، وتقول: "أمي مثل الجبل في قوتها وتحملها.. ولولاها لما استطعنا مجابهة هذا المرض"، مضيفةً: "الإعاقة هي إعاقة العقل وليست إعاقة الجسد، الكرسي المتحرك هو اليوم صديقي الصدوق، وهو بمثابة أرجلي التي تصل بي إلى حيث أريد".

بداية مشوار مايا مع كرسيها كانت صعبة جدًا، كان كثير التعطل، يحتاج إلى صيانةٍ دائمة، "لكن الأصعب منه كان في حينها نظرات الشفقة والتعاطف التي كان الناس يطلقونها نحوها كلما رأوها.. كانت أكثر إيلامًا بالنسبة لها".

رغم ذلك، تزيد: "الحمد لله، ما أعطاني إياه الله حرم منه الكثير من المعافين، وأكرر: الإعاقة هي إعاقة العقل وليست إعاقة الجسد".

من بين الأخوات المصابات بضمور العضلات، "هديل" التي تبلغ من العمر 29 عامًا، وهي الآن موظفة في مدرسة حكومية، ومسؤولة عن غرفة المصادر فيها بعد أن أنهت دراستها في تخصص التربية.

لحقتها عدالة (27 عامًا) في دراسة الخدمة الاجتماعية، لكنها بلا عملٍ حتى اللحظة. فيما أنشأ محمد صفحةً لبلدته على "فيس بوك"، ويقوم بتحديث أخبارها وبث المعلومات عنها.

مصدر دخل العائلة هو "أهل الخير"، صحيحٌ أن الأب ناجي عامر (63 عامًا) يتلقّى معونة وزارة الشؤون الاجتماعية بسبب إصابته "بمرض عصبي"، إلا أن قيمتها لا تتجاوز 750 شيكل، وتصرف مرةً كل ثلاثة شهور.

مصدر دخل العائلة هو "أهل الخير"، صحيحٌ أن الأب ناجي عامر (63 عامًا) يتلقّى معونة وزارة الشؤون الاجتماعية بسبب إصابته "بمرض عصبي"، إلا أن قيمتها لا تتجاوز 750 شيكل، وتصرف مرةً كل ثلاثة شهور. بينما لا يتلقى الأبناء المصابين أية معونات رغم حالتهم الصحية، "بحجة أننا في رعايته" تعلّق ماريا بأسف.

 

كاريكاتـــــير