شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م05:04 بتوقيت القدس

بسبب مشاكل الكهرباء والإنترنت..

الخيار المُر.. "التعليم الإلكتروني" في غزة مجدّدًا

04 سبتمبر 2020 - 10:17

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

من جديد يعود أهالي قطاع غزة إلى التساؤل عما سيكون عليه الواقع التعليمي بعد ظهور فايروس "كورونا" خارج مراكز الحجر الصحي، فالتجربة التي خاضها المدرسون والطلبة بين شهري مارس ومايو الماضيين، لم تعكس نجاحًا حقيقيًّا –تبعًا للآراء التي رصدتها "نوى"- لأسباب عديدة، دفعت بالوزارة إلى استباق العام الجديد 2020/2021 بشهرٍ استدراكي، لم يمض منه سوى أربعة عشر يومًا، حتى عادت المدارس إلى إغلاق أبوابها مجددًا.

وتصف الأم إيمان أبو دغيم (42عامًا) تجربة التعليم الإلكتروني بأنها "ظالمة"، موضحة أن لديها أربعة أطفال في مراحل مدرسية مختلفة، ويتعين عليهم جميعًا متابعة دروسهم عبر الإنترنت،  بينما لا يوجد في المنزل إلا هاتفٌ ذكيٌ واحد.

أبو دغيم: "حاولتُ نهاية العام الماضي عندما أقروا نظام التعليم الإلكتروني، متابعة دروس أبنائي الأربعة، لكن دون جدوى، لأن نصيب كل واحد فيهم لم يتعدَّ ربع ساعة".

تقول: "حاولتُ نهاية العام الماضي عندما أقروا نظام التعليم الإلكتروني، متابعة دروس أبنائي الأربعة، لكن دون جدوى، لأن نصيب كل واحد فيهم لم يتعدَّ ربع ساعة، فإما بطارية الجوال تحتاج لشحن، أو لا يوجد كهرباء، أو أن حزمة الإنترنت لا تكفي لهذا الغرض".

ويتفق معها أحمد أبو حصيرة (33عامًا)، إذ أشار إلى أن التعليم الإلكتروني يحتاج إلى بنيةٍ تحتية اقتصادية واتصالية قوية، لكن الواقع في غزة مختلفٌ تمامًا، فقد تتوافر أجهزة الجوال أو الحواسيب والإنترنت، لكن كل هذا لن يجدي نفعًا مع الانقطاع المتكرر للكهرباء، وعدم انتظام ساعات وصل التيار.

أبو حصيرة: "خلال ساعات وصل التيار الأربع، أو حتى الثمانية، هل عليَّ أن أنجز عملي عن بعد، لا سيما في فترة الحجر، أم أدع أولادي يتعلمون؟ أم يستخدمون الإنترنت للترفيه؟".

وتساءل: "خلال ساعات وصل التيار الأربع، أو حتى الثمانية، هل عليَّ أن أنجز عملي عن بعد، لا سيما في فترة الحجر، أم أدع أولادي يتعلمون؟ أم يستخدمون الإنترنت للترفيه؟ أم ماذا؟ في الحقيقة أجدها معادلةً صعبة؟!".

نتائج غير مرضية

ولا يختلف تقييم الأهالي لتجربتهم مع التعليم الإلكتروني عن رأي المدرسين، إذ تقول سمر أبو عودة، وهي معلمة حكومية في إحدى المدارس شمال قطاع غزة: "إن الأطفال يصِلون إلى مقاعدهم هنا بصعوبة، المدرسة تقع في منطقة نائية ما يضطرهم للسير مسافاتٍ طويلة من أجل الوصول إليها"، ملفتةً إلى أن سكان المنطقة بالكاد يحصلون على كهرباء البلدية، ولا يهتمون أصلًا بالبدائل، "حتى اهتمامهم بالوسائل التكنولوجية محدود، ولربما ذلك بسبب طبيعة أعمالهم المرتبطة بالزراعة" تضيف.

"سكان المنطقة بالكاد يحصلون على كهرباء البلدية، ولا يهتمون أصلًا بالبدائل، "حتى اهتمامهم بالوسائل التكنولوجية محدود، ولربما ذلك بسبب طبيعة أعمالهم المرتبطة بالزراعة".

وتؤكد أبو عودة أن التعليم الإلكتروني في ظل ظروفٍ كهذه يظلم الطلبة في المناطق المهمشة، "فنتيجةً لكل ما سبق، في الغالب الأمهات والآباء هم من سيحُلون الأنشطة والواجبات عن أبنائهم".

في حين توضحُ المُدرسة رنا الخالدي، وهي معلمة في إحدى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أنروا" أن الوكالة طلبت من الأهالي والطلبة إنشاء بريد إلكتروني للانضمام إلى الصفوف الافتراضية، واستئناف المادة الاستدراكية التي وُضعت لتعويض ما فاتهم من العام الماضي.

وذكرت أن "الأونروا" بدأت فعليًا منذ بدء اكتشاف "كورونا" في قطاع غزة خلال مارس/ آذار الماضي بين المحجورين العائدين إلى القطاع، بتحضير منصة التعليم الإلكترونية، التي تعتمد على نظام الشرح عبر مقاطع الفيديو للطلبة، لكل مناهج الفصل الأول.

الخالدي ترى في هذه التجربة أمرًا غير مُجدٍ، "فهو فقط سيقدم المنهج للطلبة كمعلومات عامة، ولن يسُد عن التعليم الوجاهي، بالإضافة إلى أن العشرات من الطلبة لم يلتزموا بالتعليم الإلكتروني أساسًا.

لكن الخالدي ترى في هذه التجربة أمرًا غير مُجدٍ، "فهو فقط سيقدم المنهج للطلبة كمعلومات عامة، ولن يسُد عن التعليم الوجاهي، بالإضافة إلى أن العشرات من الطلبة لم يلتزموا بالتعليم الإلكتروني أساسًا، وآخرين لم يأخذوا المسألة على محمل الجد، وآخرين كان من الواضح أن أهلهم هم من أجابوا الامتحانات بدلًا عنهم، وبالتالي لم يكن هناك تحصيلٌ علميٌ حقيقي لدى الطالب".

ثلاثة سيناريوهات

ويُقرُّ مسؤول العلاقات الدولية والإعلام في وزارة التربية والتعليم معتصم الميناوي بدوره، بوجود تحديات كبيرة تلقي بظلالها على تجربة التعليم الإلكتروني، بدءًا من الكهرباء، وليس انتهاءً بعدم توفر أجهزة إلكترونية لآلاف الطلبة.

ليس أمامنا سوى هذا الحل في حال اضطررنا إليه، وسنحاول قدر الإمكان أن نعالج الإشكاليات وأن نصل إلى الطلبة الذين لا يمتلكون الإمكانيات بسبب الفقر.

ويقول: "لكن ليس أمامنا سوى هذا الحل في حال اضطررنا إليه، وسنحاول قدر الإمكان أن نعالج الإشكاليات وأن نصل إلى الطلبة الذين لا يمتلكون الإمكانيات بسبب الفقر، بوسائل أخرى تتناسب مع الإمكانيات التي تمتلكها الوزارة رغم ضعفها، وهذا يعد تحديًا كبيرًا بالنسبة لنا"، موضحًا أن الوزارة وضعت ثلاثة سيناريوهات للتعامل مع جائحة "كورونا"، الأول: هو مباشرة التعليم بالشكل الاعتيادي من قبل المعلمين والطلاب، والثاني: هو اللجوء إلى الدوام الجزئي لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع، بحيث لا يزيد عدد الطلبة بالفصل الواحد عن (20) طالبًا، والثالث: هو التعليم عن بعد أو التعليم الإلكتروني.

ومضى يقول: "حتى اللحظة لم يُعتمد أي سيناريو، وقرارانا سيظل مرتبطًا بقرار اللجنة العليا التابعة لوزارة الصحة، وتقييمها للحالة الوبائية".

الميناوي: الوزارة تعكف حاليًّا على تدريب عددٍ كبيرٍ من المعلمين، على استخدام البوابات الإلكترونية، وكل البرامج التعليمية التي لها علاقة بالتعليم عن بعد.

ويشير الميناوي إلى أن الوزارة تعكف حاليًّا على تدريب عددٍ كبيرٍ من المعلمين، على استخدام البوابات الإلكترونية، وكل البرامج التعليمية التي لها علاقة بالتعليم عن بعد، أو التعليم الإلكتروني، مبينًا أن هذه العملية تتم من خلال منسِّقي التكنولوجيا في المدارس.

وشدد على أن الوزارة لا يمكن وتحت أي ظرفٍ من الظروف، أن تدفع بالطلبة والمدرسين على حد سواء إلى المدارس، دون توفير ضمان كامل للمعقمات والإجراءات الوقائية، "ولن نقبل أن نكون سببًا ولو بنسبة (1%) في انتشار الوباء بين طلابنا" يكمل.

دوام جزئي

وكانت المدارس الحكومية والخاصة والمدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" قد عكفت منذ بداية عودة الطلاب للفترة الاستدراكية في آب/ أغسطس المنصرم، على تعقيم المدارس، كما منعت وجود المقصف، وخفضت ساعات الدوام، "وهي الإجراءات التي ستعاود الجهات الرسمية اتباعها، مع اعتماد نظام الدوام الجزئي في حال استقرت الحالة الوبائية" وفقًا للمتحدث باسم "أونروا" عدنان أبو حسنة.

أبو حسنة: الإدارة التعليمية عكفت خلال الأيام الماضية على تقسيم طلبة المدرسة الواحدة إلى قسمين، كل منهما سيداوم ثلاثة أيامٍ أسبوعيًّا فقط.

ويوضح أبو حسنة، أن الإدارة التعليمية عكفت خلال الأيام الماضية على تقسيم طلبة المدرسة الواحدة إلى قسمين، كل منهما سيداوم ثلاثة أيامٍ أسبوعيًّا فقط، مشيرًا إلى أن "الأونروا" تدرك أن التعليم الإلكتروني يسد ثغرة، لكنه لا يعوض التفاعلية الأساسية التي تُبنى عليها العملية التعليمية.

أبو حسنة: وكالة الغوث حاليًّا ملتزمة مع الطلبة بنظام التعليم عن بعد، "ولا يمكننا الذهاب إلى خيار الدوام الجزئي في مدارسنا، ما دام قرار حظر التجول قائمًا.

ويقول: "أصبح لدى كوادر الأونروا التعليمية خبرة جيدة في التعليم الإلكتروني، ونملك منصة تعليمية شارك في إنشائها 300 خبير، وقد استطعنا تحويل الفضائية التعلمية إلى قناة "يوتيوب"، ولكن هذا بالتأكيد لا يوازي فاعلية التعليم الوجاهي"، ملفتًا إلى أن وكالة الغوث حاليًّا ملتزمة مع الطلبة بنظام التعليم عن بعد، "ولا يمكننا الذهاب إلى خيار الدوام الجزئي في مدارسنا، ما دام قرار حظر التجول قائمًا (...) نحاول التنسيق مع وزارة التربية والتعليم، وفي حال استقرت الحالة الوبائية سنُفعل الدوام الجزئي" يقول.

ويشدد أبو حسنة على أن خطوة الدوام الجزئي "صعبة" إذ سيتعين على الإدارة التعليمية في "أونروا" حماية الطلبة والمعلمين، والمحافظة على التباعد الاجتماعي، وتوفير كل وسائل التعقيم والحماية الخاصة بهم.

كاريكاتـــــير