شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 18 ابريل 2024م23:52 بتوقيت القدس

أعدت العدة لاستقبال العام الجديد..

"رياض" غزة.. "اللُّقمة" وصَلَتْ "الفم" لولا "كورونا"

02 سبتمبر 2020 - 23:12

شبكة نوى، فلسطينيات: فرحةٌ عارمةٌ انتابت قلب "غدير" إحدى المدرّسات في إحدى رياض الأطفال بمدينة غزة، يوم اتصلت بها مديرة الروضة تخبرها بضرورة القدوم إلى المقر، استعدادًا لاستقبال الطلبة في العام الدراسي الجديد، بعد شهورٍ من القحط مرّت على أسرتها بسبب إغلاق الروضة، ووقف العاملات فيها عن العمل، بعد إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس حالة الطوارئ خلال آذار/ مارس الماضي، كإجراءٍ احترازي للحد من انتشار فايروس "كورونا".

"شعرتُ وكأن طاقة فرجٍ كبيرة، كانت مفتوحة، وسُدت في وجهي فجأة، أعرف أن هذه تقادير الله، لكن عائلتي فعلًا تحتاج كل قرش اليوم، الفترة الماضية كانت قاسية جدًا".

تقول: "شعرتُ وكأن طاقة فرجٍ كبيرة، كانت مفتوحة، وسُدت في وجهي فجأة، أعرف أن هذه تقادير الله، لكن عائلتي فعلًا تحتاج كل قرش اليوم، الفترة الماضية كانت قاسية جدًا".

كانت غدير تتقاضى من الروضة قبل "الطوارئ" مبلغ 400 شيكلًا شهريًا، تنفقها على عائلتها المكونة منها ومن زوجها العاطل عن العمل، وابنيهما طلال وياسين، وهو مبلغٌ على قلته يسد رمق العائلة بعد شهرٍ من العوَز، تقول: "منذ انقطع عني هذا الراتب البسيط، أعيش على مساعدات عائلتي وعائلة زوجي، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يستمر مدى الحياة".

كان عنا أمل نعوض مخاسر النصف الثاني من العام الماضي، لكن إجا "كورونا" متل القشة اللي قصمت ظهر البعير".

ميرفت الفقعاوي، مديرة إحدى رياض الأطفال، هي الأخرى بدا صوتها منفعلًا عبر الهاتف، عندما بدأت حديثها بالقول: "كان عنا أمل نعوض مخاسر النصف الثاني من العام الماضي، لكن إجا "كورونا" متل القشة اللي قصمت ظهر البعير".

وتضيف: "مع بداية شهر أغسطس، بدأنا أعمال الصيانة بالروضة، وأعلنا فتح باب التسجيل، وفعليًا بدأ الأهالي بتسجيل أطفالهم، وتسديد رسوم الزي والكتب التي بالفعل قمنا بشرائها، واليوم يطالبنا أولياء الأمور باسترداد نقودهم في ظل فرض الحظر المنزلي".

ما يثير مشاعر القهر لدى الفقعاوي، أن حال رياض الأطفال منذ شهر مارس الماضي شهد أسوأ مراحله، إذ تعرضت رياض الأطفال لمخاسر لا تحصى، ناهيك عن عجزها عن دفع رواتب العاملات فيها بسبب الأزمة.

الفقعاوي التي تعيش مع والديها وأسرة شقيقها في منزلٍ واحد، كانت تشارك بالمبلغ الذي تتقاضاه من رياض الأطفال في مصروف المنزل وعلاج والدتها المريضة، لكن حال الأسرة المادي ساء كثيرًا مع فرض حالة الطوارئ، فمبلغ 800 شيكل الذي كان يتم تحصيله مناصفةً بينها وبين والدها الذي يعمل بأجرةٍ يوميةٍ أيضًا، وكان يستر سوءة حاجة الأسرة، لم يعد موجودًا.

تؤكد الفقعاوي أنها لم تتلقَّ أي مساعدة كونها من الفئات التي تضررت بفعل الجائحة من أي جهة كانت، منذ مطلع مارس، رغم تسجيلها في وقفة عز، ومكتب العمل، "وهذا ما زاد الطين بلة، رغم أنني أعرف فئات استفادت من المساعدات، ووضعها أفضل بكثير من وضعي".

لكن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن، يكمل: "كان من المفترض أن يكون اليوم هو أول أيام انتظام الدراسة في روضتنا، لكن قرار منع التجول، وحظر الحركة بعد كورونا المفاجئ في القطاع شكّل انتكاسةً لنا ولكل رياض الأطفال الخاصة هنا".

أما عماد العديني، وهو الآخر مدير روضة أطفال، فيصف حالهم داخل الروضة قبل أسبوعٍ فقط ويقول: "كانت الحياة تدب في المكان، كنا نعد العدة ببهجة، وكلنا أمل بتعويض خسائر الفصل الماضي، وقد شهدت فترة التسجيل أقبالًا كبيرًا من قبل الأهالي، ما جعلنا نمني النفس بعامٍ دراسيٍ ناجح".

لكن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن، يكمل: "كان من المفترض أن يكون اليوم هو أول أيام انتظام الدراسة في روضتنا، لكن قرار منع التجول، وحظر الحركة بعد كورونا المفاجئ في القطاع شكّل انتكاسةً لنا ولكل رياض الأطفال الخاصة هنا".

يؤكد العديني أنه لم يتلقَّ هو أو أي من العاملات الثمانية في روضته، أي مساندة مادية، سواء من صندوق وقفة عز، أو حتى من مكتب العمل، "ما يعني أن رياض الأطفال تلقت ضربة قاصمة خلال الأشهر الماضية، وها هي تعود لتلقي ضربةٍ جديد، وربما بشكلٍ أكثر إيلامًا" يكمل.

ويلفت العديني إلى أنه لم يتمكن حتى اليوم، من منح العاملات في روضته راتب شهر فبراير الماضي بسبب الجائحة! كما أنه لم يتمكن من طلب المستحقات لدى الأهالي بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، "وهذا الأمر انعكس بشكل سلبي علينا نحن العاملون في رياض الأطفال، وعلى عائلاتنا أيضًا".

وكما سابقيها لم تتلقَّ الأسطل، ولا حتى العاملات لديها في الروضة، أي مساعدة، ولم يستفيدوا من أيٍ من مشاريع الدعم التي أُعلن عنها مع انتشار الوباء في الأراضي الفلسطينية، وبدء سريان حالة الطوارئ.

وتشكو مالكة إحدى روضة أطفال أخرى في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، واسمه غدير الأسطل المصائب التي قالت إنها ترفُّ فوق رأس القطاع منذ بداية عام 2020م، وتضيف: "عن مخاسر النصف الثاني من العام الدراسي الماضي حدث ولا حرج، لم أتمكن من تسديد رواتب العاملات في الروضة، لأن عملنا بالأساس يعتمد على ما نحصله من رسوم".

وفي ظل حالة الحجر وتوقف العمل، لم يعد بإمكاني المساهمة بأي مبلغٍ للعاملات، لأنني بالأساس اتجهت لهذا المشروع بعد نفاذ الأمل بداخلي بالحصول على وظيفة بشهادتي الجامعية.

وتزيد: "أنا اليوم مطالبة بتسديد أجرة المبنى عن الشهور السابقة جميعها، وكنت قد استبشرتُ خيرًا بأنني على الأقل سأكون قادرةً على تسديد ما عليَّ من التزامات، ولم أفكر في ربحٍ يمكن أن أحققه من هذا العام، يكفي أن نستمر في وجه الجائحة التي ألقت بظلالها علينا كعاملين في القطاع الخاص".

وكما سابقيها لم تتلقَّ الأسطل، ولا حتى العاملات لديها في الروضة، أي مساعدة، ولم يستفيدوا من أيٍ من مشاريع الدعم التي أُعلن عنها مع انتشار الوباء في الأراضي الفلسطينية، وبدء سريان حالة الطوارئ.

وتبعًا لـ "التعليم" فإن 695 روضة مرخصة في قطاع غزة تعمل بها 2851 مربية، تحملت خسائر مالية فادحة جراء أزمة كورونا، فيما لم تتجاوز نسبة المساعدة التي قدمتها وزارة العمل لهن 1% من حجم الخسائر.

كاريكاتـــــير