شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاربعاء 24 ابريل 2024م08:28 بتوقيت القدس

كهرباء مقطوعة وأبوابٌ مغلقة..

أمٌ تصفُ أطفالها فترة الحجر: "نشّفوا ريقي"

29 اعسطس 2020 - 20:10
صورة من الأرشيف
صورة من الأرشيف

شبكة نوى | قطاع غزّة:

"حرفيًا (نشف ريقي) وأنا أحاول إقناعهم بعدم الخروج من المنزل" هذه آية مهدي تقول ذلك وهي تحاول منع أطفالها الخمسة من الخروج إلى الشارع للعب مع أولاد الجيران، وتتساءل بانفعال: "كيف أفعل ذلك مع أطفال لم يدركوا بعد وجود خطرٍ لا يمكن رؤيته بالعين المجردة؟".

 تضيف السيدة بأسى: "والله قطّعوا قلبي، لا كهرباء، ولا تسلية، ولا حتى مياه وفيرة يمكن أن يستمتعوا تحتها بحمامٍ ينعش صيفهم الحار".

أمهات غزة: "اليوم، لا هدنة مع كورونا، ولا تفاهم مع الأطفال".

أسبوعيًا، وقبل الإعلان عن إصاباتٍ بـ "كورونا" داخل قطاع غزة الاثنين 24/ أغسطس- آب الجاري، وفرض حظر التجول، كانت آية تصطحب أطفالها إلى البحر للاستجمام، "وحتى في أوقات التصعيد، وبمجرد إعلان الهدنة، كنتُ أصطحب أطفالي إلى محل البقالة القريب لتغيير الجو، والتخفيف من الشحنات النفسية السلبية التي طالتهم بسبب المكوث في البيت" تكمل، وتستدرك: "اليوم، لا هدنة مع كورونا، ولا تفاهم مع الأطفال".

خمس أيام من الحجر حتى اليوم، مرّت على قلب الأم كأنها خمس سنوات، ومع الحديث عن العودة إلى نظام التعليم الإلكتروني، تعلّق: "نتابع أخبار الجائحة بقلق وتوتر، وفرض حظر التجول يزيد الأمور سوءًا، كلّ هذا يحدث في أصعب الأوقات على قطاع غزة"، متساءلة باستهجان: "أي تعليم؟ وأي راحة بال هذه التي سنعلم بها أبناءنا بأربع ساعات كهرباء يمكن أن تأتي في منتصف الليل؟ من دون ماء ومن دون رواتب؟!".

ربّما يجسّد حال آية، مأساة وقوع قطاع غزّة تحت الحصار منذ قرابة 14 عامًا، لتتضاعف آثاره اليوم باختراق "كورونا"، هذا العدو الذي يأتي مرافقاً لأزمة كهرباء طاحنة بسبب منع الاحتلال إدخال الوقود لمحطة كهرباء القطاع، فلا يراها أهلها إلا أربع ساعاتٍ في اليوم، لا تكفي لتلبية حاجةٍ واحدة من حاجات مليوني إنسان يتنفسون نفس الهواء هنا.

مسألة انقطاع الكهرباء، هي واحدة من بين مئات الأزمات التي تسبب بها الحصار، لا بل ونجم عنها أزمات أخرى، كأزمة وصول المياه إلى المنازل على سبيل المثال، وتشغيل أجهزة طبية لأصحاب الأمراض المزمنة. وبالإضافة إلى الكهرباء، هناك: التشديد على دخول المعدات الطبية والأدوية، ومنع السفر إلى خارج القطاع إلا باستثناءات محدودة منها السفر للعلاج، "فكم من مريضٍ مات قبل صدور "تصريح" خروجه، بذريعة "الفحص الأمني"، وهي الفترة التي يحددها بالتأكيد مزاج "الإسرائيلي" هنا.

مسألة انقطاع الكهرباء، هي واحدة من بين مئات الأزمات التي تسبب بها الحصار، لا بل ونجم عنها أزمات أخرى، كأزمة وصول المياه إلى المنازل على سبيل المثال، وتشغيل أجهزة طبية لأصحاب الأمراض المزمنة.

"من هاتف ماما، إلى هاتف بابا" بهذه العفوية، قال الطفل سامي ضاهر "إنه يعيش إجازته المدرسية" بعد دوامٍ لم يبلغ الشهر، مضيفًا: "أتمنى أن لا يعود نظام التعليم الإلكتروني، فأنا أفضل استخدام الموبايل في لعب البابجي".

حسب والده، فإنه بمجرد سحب الهاتف المحمول من يده، تبدأ المشاكل بينه وبين شقيقته، خلافات وعراك بالأيدي لا حلّ لها مع فرض حظر التجول، فالكل محبطٌ بسبب أخبار "كورونا" بغزة، والكل يضجر من سماع أصوات الأطفال يتعاركون.

وعند نفاذ شحن الموبايل، يحاول سامي التسلل من البيت –بحسب والده– الذي يراقبه، يبدأ بمناداة أصحابه من أولاد الجيران من خلال نافذة المطبخ، يسمعهم يتهامسون ويتفقون على النزول والالتقاء "خلف المنزل" عند انشغال أسرهم، إلا أن مباغتة الأب والأم الدائمة له، تُفشل مخططات الأطفال التي وصفها بـ "الشيطانية".

يحاول الأب خلق مساحاتٍ جديدةٍ للعب، إلا أن الطفل يرفضها، فهو لا يحب الرسم مثلًا، يحب لعب الكرة وهذه تحتاج إلى مساحة تقيدها جدران البيت.

يكمل والده: "جربنا السماح له باللعب مرةً في البيت، فأثار غضب أمه عندما كسر واحدة من أحب التحف إلى قلبها، لذلك راحت القصة إلى التكيف مع الموجود بكل الأحوال، ومحاولة إسكات الطفل بـ "الموبايل"".

كورونا"، هذا العدو الذي يأتي مرافقاً لأزمة كهرباء طاحنة بسبب منع الاحتلال إدخال الوقود لمحطة كهرباء القطاع، فلا يراها أهلها إلا أربع ساعاتٍ في اليوم، لا تكفي لتلبية حاجةٍ واحدة من حاجات مليوني إنسان يتنفسون نفس الهواء هنا.

على عكس ذلك تمامًا، تجد وردة الشيخ نفسها برفقة أطفالها، وقد عادت إلى ألعاب حقبة التسعينات، فما بين السلم والثعبان، والاستغماية ولعبة الكراسي، ومسابقات أخرى ثقافية، تقضي السيدة وقتها تحاول إشغال أطفالها عن فترة انقطاع التيار الكهربائي، "هذا بعد مراجعة دروسهم بالتأكيد". 

"يبدو الأمر بالنسبة إليهم غريبًا، فهم ليسوا معتادين على أن ألعب معهم هكذا"، تقول الأم، التي توضح أن دخول فايروس "كورونا" إلى قطاع غزّة، وعدم إدراك الأطفال مخاطره، بل و"زنّهم" المتواصل للخروج من المنزل، هو الذي دفعها لابتكار أي شيء لإشغال أوقاتهم حتى معاد النوم.

ولمعاد النوم قصّة حزينة في بيت وردة، عندما تجد الأم أجساد أطفالها افترشت الأرض، لعلها تحظى ببعض البرودة بعيدًا عن حماوة الأسرة في ظل انقطاع التيار الكهربائي، وارتفاع درجات الحرارة، "هذا يؤزم نفسيتي كثيرًا، ويوترني، ورغم أنني وفرت من مصروف عائلتي بعض المال لمد خطٍ بديل من مولد الشارع، إلا أنه يفصل خدماته عند الساعة الثانية من منتصف الليل، بسبب أزمة الوقود" تردف بنبرة حزن، وتتمتم: "الله يفرجها علينا بس".

كاريكاتـــــير