شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م03:47 بتوقيت القدس

"أخرَجتنا من الجنة وتحجُرنا اليوم" 

سياط "التنمّر" تجلدُ أول "مصابة كورونا" بغزة

25 اعسطس 2020 - 21:38

قطاع غزّة | نوى

"أخرجتنا من الجنة مع بدء الخليقة، وحجرتنا اليوم في البيت" عبارةٌ جاب بها رواد مواقع التواصل الاجتماعي صفحاتهم يلمزون الثلاثينية هبة أبو نادي، المرأة التي أظهرت الفحوصات المخبرية إصابتها بفايروس كورونا داخل قطاع غزة، بالإضافة إلى عددٍ من أفراد عائلتها الذين نقلت إليهم الإصابة عبر المخالطة المباشرة.

"امرأة هي التي جلبت كورونا إلى غزة"، "امرأة حجرت مليوني إنسان يعيشون هنا"، "جهل امرأة تسبب بتسلل الفايروس إلى داخل القطاع بعد أن كانت الإصابة به مقتصرةً على المحجورين العائدين، داخل مراكز الحجر الإلزامي المعتمدة"، عباراتٌ أخرى، كُلها قيلت بحق السيدة التي لم تنقل العدوى حُبًا بكل تأكيد كي تواجه هذا اللوم اللاذع على لسان أشخاصٍ ما كانوا ليقللوا من قيمة "رجل" لو كان هو صاحب التحليل الإيجابي الأول.

هبة أبو نادي، امرأة فلسطينية تسكن مخيّم المغازي وسط قطاع غزّة، أُعلن عن إصابتها بفايروس "كورونا" بعد فحصٍ أجرته في مستشفى المقاصد بمدينة القدس المحتلة

هؤلاء، أبناء المجتمع الذكوري، الذي يرى في المرأة دومًا مادةً خصبة للتندر، نفثوا في وجه هبة عبارات التنمر، وتناقلوا تفاصيلًا، بعضُها رُشت عليه الكثير من "البهارات" كي تصبح القصة ممتعةً أكثر! هؤلاء، هم أنفسهم الذين عادوا ينشرون دعوات الضحية بالكف عن التنمر وإلقاء الاتهامات لها ولعائلتها جزافًا!

هبة أبو نادي، امرأة فلسطينية تسكن مخيّم المغازي وسط قطاع غزّة، أُعلن عن إصابتها بفايروس "كورونا" بعد فحصٍ أجرته في مستشفى المقاصد بمدينة القدس المحتلة، حيث كان من المقرر أن تُجري عمليةً جراحيةً لابنتها المريضة هناك نظرًا للحصار المطبق على القطاع منذ ١٤ عامًا متواصلًا وضعف الإمكانات الطبية والعلاجية داخله.

وضجّ القطاع في الرابع والعشرين من آب/ أغسطس للعام الجاري، بالكثير من اللغط، فور إعلان مركز الإعلام الحكومي عن فرض حظر تجول شامل لمدة 48 ساعة، بعد اكتشاف أربع إصابات بفايروس "كورونا"، وهي الإصابات الأولى التي يتم تسجيلها داخل القطاع، وليس بين المحجورين.

زينب الغنيمي: "الوضع مخزٍ ومعيب، المنشورات التافهة والتعليقات عليها لا تعبر إلا عن تفكيرٍ ضيق الحدود بعيد عن الإنسانية

وكانت وزارة الصحة أفادت بأن المصابين الأربعة، هم من عائلة واحدة، تسكن في مخيم المغازي بالمحافظة الوسطى (ثلاثة رجال، وامرأة)، داعيةً جميع مَن زاروا "سوبر ماركت الندى" مقابل مستشفى شهداء الأقصى، خلال الأسبوع الفائت، إلى التواصل مع وزارة الصحة، وحجر أنفسهم منزليًا لحين التعامل معهم طبيًا.

وبعد تداول اسم المصابة التي قيل إنها نقلت العدوى عبر مواقع التواصل الاجتماعي -حتى موعد نشر هذا التقرير- أصدرت عائلتها بيانًا تنفي فيه إصابة أيٍ من أفرادها "بشكلٍ أظهر بعض المبالغة في التعاطي مع موضوع الفايروس كوصمة" لا كمرضٍ اجتاح العالم بأسره.

"وأيًا كان تفكير العائلة، لم يكن من حق أي مواطنٍ داخل قطاع غزة أو خارجه، نشر عبارات التنمر بحق المرأة المريضة بالفايروس، وتعميمها أيضًا على كل النساء" هذا ما تؤكده مديرة مركز الأبحاث والاستشارات القانونية في غزة زينب الغنيمي.

وتقول "الوضع مخزٍ ومعيب، المنشورات التافهة والتعليقات عليها لا تعبر إلا عن تفكيرٍ ضيق الحدود بعيد عن الإنسانية، فلا ذنب للشخص في المرض سواء امرأة أو رجل، كان على رجل الأمن تطبيق التعليمات ووضعها داخل الحجر الصحي، وهذا ما كان يجب الحديث به، وأيضًا ليس بلغة التنمر".

فيما كتب الصحفي محمد عوض في منشور له عبر صفحته الشخصية في "فيسبوك" يقول: "إن التنمر على السيدة التي أصيبت بالوباء أمر مستفز جدًا، كان الأجدر انتظار توضيح وزارة الصحة حول مجريات الوضع، وبؤرة الانتشار الرئيسية"، خاتمًا منشوره بعبارة "يا ليت نتمنى السلامة للسيدة، والطفلة المريضة التي ترافقها بدلًا من قلة الأدب والتنمر والمزايدات".

وفي اتصالٍ أجراه المذيع في إذاعة الأقصى المحلية محمد سلامة، مع السيدة هبة ابو نادي من قطاع غزة، فقد أكدت أنها في يوم الثلاثاء، الثامن عشر من آب/ أغسطس الجاري، وصلت مع ابنتها المريضة الى حاجز بيت حانون "إيرز" حيث كان من المقرر أن يُجرى لابنتها عملية جراحية في مستشفى المقاصد بالقدس المحتلّة، لكن لسوء حظها لم يكن تنسيقها قد جُهز على المعبر، وهو ما دفعها للتواصل مع المشفى الذي تكفل لها بالتنسيق، قائلةً: "تأخر التنسيق أرغمني على الانتظار في ساحة المعبر من الجانب الفلسطيني أملًا في إتمامه، لكن بعد أربع ساعات تقريبًا وصل التنسيق، لكن لم تتم طباعته من الجانب الإسرائيلي، فطلبوا مني العودة الى بيتي، والمجيء في اليوم التالي".

ووفق ما روت السيدة، فقد عادت إلى منزلها مع علم "النقطتين الأمنيتين" (٥٠٥)، و(٤٠٤) على اعتبار أنها لم تصل الجانب الإسرائيلي، ثم في اليوم الثاني عند العاشرة صباحًا عادت إلى المعبر وسُمح لها بالدخول.

تستنكر السيدة هبة حملة التشويه والتنمر الذي تعرضت له وعائلتها ع صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، طالبةً من الجميع التحلي بالمسؤولية والكف عن إيذاءها وعائلتها بالشتائم، والتشويه، والشائعات.

وتعتقد السيدة المصابة أن إصابتها جاءت من الشخص الذي يستلم بطاقات الهوية من المسافرين، ويعيدها إلى الجانب الإسرائيلي؛ أو من سوء نظافة المكان، أو لربما من وسيلة النقل "العربة المتنقلة"، مؤكدةً أنها عادت إلى غزة في ذلك اليوم الساعة الخامسة عصرًا، ثم غادرت في صباح اليوم التالي عند الساعة العاشرة صباحًا.

وبعد وصول المصابة هبة الى المقاصد بليلتين شعَرت بأعراض الفيروس، وعند إبلاغ الجهات المعنية بغزة، وإجراء فحصٍ لعائلتها، تبين إصابة زوجها وحماها وشقيق زوجها فقط، بينما والدها الذي شارك في توصيلها للمعبر مع زوجها، ظهرت نتيجته سلبيه.

وتستنكر السيدة هبة حملة التشويه والتنمر الذي تعرضت له وعائلتها ع صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، طالبةً من الجميع التحلي بالمسؤولية والكف عن إيذاءها وعائلتها بالشتائم، والتشويه، والشائعات.

وتعدُّ هذه الإصابات، الأولى التي يتم تسجيلها لأشخاص داخل القطاع، بينما تقرر –حسب مركز الإعلام الحكومي- فرض حظر التجول على المواطنين داخل القطاع لمدة 48 ساعة، بما في ذلك إغلاق كافة مقرات العمل الرسمية، والخاصة، والمؤسسات التعليمية، والمساجد، والنوادي، وصالات الأفراح، إضافةً لمنع التجمعات.

ودعا المركز المواطنين إلى عدم مغادرة منازلهم طوال الفترة المذكورة، ولحين صدور توجيهات جديدة بالخصوص، حفاظًا على صحتهم وسلامة المجتمع.

كاريكاتـــــير