شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م14:13 بتوقيت القدس

منهم من خسر عمله والإقامة..

"كورونا".. زوّار "غزة" يدفعون ثمن "الحنين" باهظًا

24 اعسطس 2020 - 09:21

غزة:

حين عاد الشاب محمود موسى من مكان إقامته في سلطنة عُمان إلى بيته في مدينة رفح جنوب قطاع غزة مطلع يناير لهذا العام، كان يمنّي نفسه بزيارةٍ لوالده المسن قِوامُها شهر، يطفئ بها نار شوقه وقلقه، لكن الأمور فجأة كلها انقلبت.

سرعان ما دخلت البلاد في حالة طوارىء بسبب ظهور حالات إصابة بفايروس "كورونا"، وأُغلقت المعابر الفلسطينية بما فيها معبر رفح، الوحيد الذي يخدم قطاع غزة، وهنا انقطع التواصل بين الشاب وعائلته التي بقيت في عُمان، وخسر عمله!

في مقابلة أجرتها معه "نوى"، يروي الشاب الثلاثيني كيف تسبب معبرٌ مغلق، في حمل مستقبله إلى المجهول، وهو الذي جاهد على مدار 6 سنوات في الغربة من أجل صنع مستقبلٍ لأطفاله الثلاثة وزوجته.

موسى:انقطع أطفالي عن الدراسة، وأنا انتهى عقد عملي بسبب الانقطاع عن العمل مدة ستة أشهر متواصلة، ناهيك عن وجودي كل هذه المدة بلا راتب

يقول: "عندما تأخرت، طلبت من زوجتي وأطفالي المجيء إلى مصر من أجل دخول غزة، وقد فعلوا، إلا أنهم علقوا في القاهرة، وهم هناك حتى هذه اللحظة، انقطع أطفالي عن الدراسة، وأنا انتهى عقد عملي بسبب الانقطاع عن العمل مدة ستة أشهر متواصلة، ناهيك عن وجودي كل هذه المدة بلا راتب".

ويبدي الشاب الذي يعمل فني أشعة في إحدى المستشفيات الحكومية في عُمان، أسفه لعدم تفهّم الدول الشقيقة لواقع معبر رفح، "فهم لا يعرفون أن المعبر إذا أُغلق، أصبحت إمكانية التحرك من وإلى غزة مستحيلة"، أما أطفاله، فهو بالكاد يحاول تصبير نفسه بالتواصل الإلكتروني معهم، وطمأنتهم بأن الغد ربما يكون أفضل، "إلا أن لهجة الإحباط كانت في كل مرةٍ تبدو جليةً في صوته الذي يصلهم متقطعًا بسبب مشاكل الإنترنت حينًا، وبسبب الغصة التي تخنقه أحيانًا".

الشاب موسى هو واحد من مئات المواطنين الذين يحتاجون إلى مغادرة قطاع غزة، سواءً للعودة إلى أماكن عملهم، أو لدراستهم في الخارج، أو للالتحاق بعائلاتهم التي تنتظرهم في دول الشتات حيث بدأوا خطوات مستقبلهم الأولى هناك، في الوقت الذي يقتل فيه معبر رفح المغلق منذ آذار/مارس الماضي، كل أملٍ بالعودة القريبة.

تتشابه قصة الإعلامية أمنية زيارة نسبيًا مع قصة موسى، فقد عادت مطلع شباط/ فبراير لهذا العام من المملكة المغربية، من أجل زيارة والدها مدة شهر، ومن ثم العودة إلى بيتها وزوجها ودراساتها العليا، إلا أن حالة الطوارئ التي أعلنت بينما هي في غزة خلطت كل أوراقها.

أمينة:عُدت لزيارة والدي، ثم أُعلنت حالة الطوارئ بينما أنا هنا، فقدتُ الإقامة في شهر نيسان/ إبريل، فهي لا تُمنح لي إلا لمدة عام واحد

تقول أمينة: "عُدت لزيارة والدي، ثم أُعلنت حالة الطوارئ بينما أنا هنا، فقدتُ الإقامة في شهر نيسان/ إبريل، فهي لا تُمنح لي إلا لمدة عام واحد، ولا يمكنني تجديدها إلا بتواجدي هناك، بينما بات عليّ الآن انتظار "فيزا" وكأنني أزور المغرب لأول مرة".

قبل عامين حصلت أمينة على منحةٍ لدراسة دكتوراه الإعلام في المملكة المغربية، وهناك تزوجت وعاشت في قرية بعيدة عن مركز العاصمة، وهو ما يعني أن تأخرّها هنا ليس فقط تضييعًا للإقامة وأزمة في تجديد الأوراق الرسمية، بل المزيد من الضغط النفسي على زوجها الذي لم يتوقع أن تتأخر عودتها لمدةٍ تزيد على سبعة أشهر!

قصة ثالثة للسيدة رحاب السوسي، التي بدلًا من الالتحاق بزوجها في السويد، ها هي تقضي فترة 21 يومًا في الحجر الصحي في دير البلح مع أطفالها الخمسة، بعد أن تم إرجاعهم من الصالة المصرية.

رحاب:سجلنا أسماءنا للسفر عن طريق معبر رفح، وعندما تم فتحه، سافرنا وتم إرجاعنا من الصالة المصرية دون إبداء أسباب

وتروي السيدة رحاب لـ"نوى": "سافر زوجي منذ عامين إلى السويد، وهناك باشر بترتيب أوراقنا أنا وأطفالي الخمسة حتى حصلنا على الإقامة، سجلنا أسماءنا للسفر عن طريق معبر رفح، وعندما تم فتحه، سافرنا وتم إرجاعنا من الصالة المصرية دون إبداء أسباب".

وتشعر السيدة مع أطفالها الخمسة بالإحباط الشديد، صحيحٌ أن الأمور جيدة في مركز الحجر الصحي على حد قولها، وهي وأطفالها على تواصل دائم مع زوجها إلكترونيًا، إلا أن عودتهم بهذه الطريقة الغامضة، أثار في نفسها القلق.

وتكمل: "سحبتُ أطفالي من المدارس وأغلقت شقتي وأفرغتها تمامًا، وحملت معي كل ثيابنا، فأنا كنت ذاهبة إلى هناك نهائيًا برفقة زوجي، الآن انقلبت حساباتنا، المعبر مُغلق، ولا ندري متى سيُفتح المرة القادمة، خاصة وأن الأزمة ما زالت مستمرة".

كاريكاتـــــير