شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م18:39 بتوقيت القدس

أسلوب علاجي وترفيهي "آمن"

أطفال "التوحد" يكتشفون في الماء "الفرح"!

23 اعسطس 2020 - 14:49
صورة من الأرشيف/الأناضول
صورة من الأرشيف/الأناضول

قطاع غزّة | نوى:

يكتشف عدد من الأطفال المصابين بـ "التوحد" معنىً جديدًا للاندماج، وهذه المرة في حوض سباحة!

داخل المخيم الصيفي الذي أطلقه نادي "الدولفين" للرياضة المائية في قطاع غزة، لعلاج أطفال "التوحد"، يحاول مدرب السباحة عيسى خلف مساعدة أحدهم على كسر حاجز الخوف من محيط البلل الكبير هذا، فتارةً يلفُه بذراعيه ليشعره بالأمان، وتارةً يسند ظهره ليعلمه كيف يطفو على وجه الماء، وتارةً ثالثة يُفلته ليعتمد على نفسه ويحاول السباحة بمفرده.

في زاويةٍ أخرى من زوايا الحوض، كانت أم الطفلة ليان، رغدة أبو خوصة، تلتقطُ صورًا لضحكات ابنتها التي كانت تطلقها من القلب، كلما رأت رذاذ الماء يتطاير بين كفيها، تنظرُ مليًا بين كل لقطةٍ وأختها، وتتمتم: "يا حبيبة قلبي إنتي".

تعبر السيدة عن سعادتها بالتحسن الذي طرأ على نفسية ابنتها بفعل العلاج المائي الذي يعتمده المخيم ضمن فعالياته المختلفة، وتقول بالمختصر المفيد: "لينا تسبح وتضحك، يا ليت المخيم يبقى طول السنة".

تنتظر الطفلة اليوم التالي للمخيم بشغف، "لقد خفت حدة عصبيتها" هذا ما تؤكده أمها، التي لاحظت الفرق هي وكل أفراد العائلة، مضيفةً: "صارت ليان تُعبر عن نفسها بالرسم، تفرغ طاقتها برسومات مبهرة وبكل حب، نمط حياتها كله تغير إلى الأفضل، وتفاعلها كذلك".

وبحسب أم ليان، فإن تكلفة علاج ابنتها مرهقة جدًا بالنسبة للعائلة، التي تعاني مثل معظم عائلات قطاع غزة المحاصر منذ أربعة عشر عامًا تقريبًا، أوضاعًا اقتصادية صعبة.

تردف: "هناك مراكز متخصصة يمكن أن تعتني بليان وأقرانها من مرضى التوحد، لكن برسوم جدًا باهظة، ناهيك عن أدويتها وأسعارها العالية، وهذا يفوق طاقتنا حقًا"، مؤكدةً أنها لما رأت إعلان المخيم سارعت بالتسجيل على أمل أن يحقق تحسنًا ولو بسيطًا على صحة ابنتها النفسية والجسدية أيضًا".

أهالي الأطفال المصابين بـ "التوحد" عمومًا، يعتقدون أن أبنائهم بحاجة دائمة إلى الانطلاق والدعم النفسي والترفيهي بشكل مضاعف، عن ما يحتاج إليه الأطفال الآخرين، وهو ما يصعب عليهم توفيره تحت عجلة الحصار التي باتت تطحن الجميع في رحى البحث عن قوت يومهم.

وفي لقاء "نوى" مع المدرب خلف -المذكور في بداية التقرير- أوضح أن المدربين داخل المخيم يتبعون أساليب خاصة بتدريب أطفال التوحد على السباحة، "مع مراعاة عدم الاستجابة، وعدم الكلام"، من خلال تعليمهم الثبات في الماء ليكون لديهم قدرةً على التعامل معها (الماء) لدى تعرضهم لحادثٍ ما، ولو بشكلٍ مبدئي.

ومن أنواع التدريبات التي يركز عليها المخيم: الطفويات، النفخ في الماء، والتركيز أيضًا على كسر حاجز الخوف من الماء، قائلًا: "العلاج المائي وسطٌ لا يمكن من خلاله حدوث الإصابة كما في الرياضات الأخرى، لذلك نسعى من خلال الماء، إلى تفادي تعرضهم لأي خدوش خلال التمرين".

ويتابع: "المخيم وإدارته أخذوا احتياطاتهم بشكل كامل، كما أن المنشطين والرقابة العالية في المخيم التدريبي، تحرص على سلامة الأطفال قبل كل خطوة يفكرون في اعتمادها ضمن خطة التدريب".

من جهتها، تشرح صفاء الشافعي مديرة المخيم الصيفي الفكرة، فتقول: "اكتشفنا أن مصابي التوحد من الأطفال، لا تلتفت إليهم المراكز والمؤسسات بمخيمات تضمن لهم تعلم الجديد وقضاء الوقت الممتع خلال فترة الصيف، وهذا ما حدث"، مبينةً أنها عرضت الفكرة على بعض الجهات المسؤولة، فرحبوا بها، وقدموا التمويل المطلوب "ثم بدأنا باستقبال الاستمارات، قيمنا الحالات، ثم اخترنا" تزيد.

لكن.. لماذا العلاج المائي؟ تردّ الشافعي بالقول: "هذا النوع من العلاج يُعدُّ الأقل خطورة بالنسبة للأطفال مرضى التوحد، بخلاف أي مخيمات تقام على أرض اليابس، "ففرصة تعرضهم للأذى أكبر إذا ما وقعوا أرضًا أو ارتطموا بأي جسم خلال اللعب".

وتكمل: "الماء كذلك ينظم حركات التنفس وجهاز القلب وضرباته، كما يعدُّ وسيلة ترفيه، ووسيلة تواصل اجتماعي، فنظر الطفل وإدراكه يكون نحو المدرب، أي أنه علاج وترفيه في الوقت ذاته".

في المخيم 20 طفلًا وطفلة، تم تقسيمهم على أربعة مدربين، كل واحدٍ منهم مسؤول عن خمسة بعينهم، حتى يسهل عليهم اعتياده، والتأقلم معه، والشعور بالأمان بقربه داخل حوض السباحة".

ولا يقتصر المخيم على السباحة وحسب، بل يحاول المدربون فيه، التعرف على مواهب الأطفال الأخرى، وتنشيطهم يدويًا بالسبل المتاحة.

كاريكاتـــــير