شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 20 ابريل 2024م03:44 بتوقيت القدس

في خان يونس..

(100) حالة تسمم.. الشبهة تدور حول "مطعم حمُّص"

17 اعسطس 2020 - 12:22
صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

شبكة نوى، فلسطينيات: لا تكاد سيارة الإسعاف تنتهي من نقل حالةٍ، إلا وكان يأتيها اتصالٌ جديد لنقل حالةٍ أخرى. هذا ما حدث بالضبط صبيحة أمس الأول، عندما اكتظت أقسام الاستقبال والطوارئ في كلٍ من المستشفى الجزائري شرق خان يونس جنوب قطاع غزة، ونظيره الأوروبي جنوب المدينة بما يقارب 100 مواطن حسب تصريحات الطب الوقائي.

غالبية الحالات كانت من عائلةٍ واحدة، وجميعهم كانوا يعانون أعراض النزلة المعوية: قيءٌ وارتفاعٌ في درجة الحرارة، وآلامٌ مبرحة في البطن، وإسهالٌ شديد.

مع تزايد أعداد الإصابات، بدأت الأنظار تتجه إلى أحد المطاعم الشعبية في بلدة بني سهيلا، الذي صدف أن تناول المصابون منه طعام عشاءهم الأخير. تنقل زوجة أحد المصابين بالتسمم الرواية كما حدثت لـ "نوى"، فتقول: "كل أفراد العائلة تناولوا عشاءهم من هذا المطعم، ومن حسن حظي أنني وطفلي لم نتناول طعام عشاءنا هذه الليلة، فكنا بمأمن من الإصابة كما حدث مع البقية".

تضيف الزوجة التي فضلت عدم ذكر اسمها: "أنا لا أحب تناول الطعام من أي مطعم، لكن والحق يُقال، فإن المطعم الذي أكل منه أبناء عائلتي هو من المطاعم المعروفة بنظافتها وجودة طعامها"، مستدركة: "لكن حالات التسمم كلها لحقت بجميع من تناول الطعام من هذا المطعم".

تؤكد السيدة أن زوجها ما زال يعاني من أثر التسمم الغذائي الذي أصابه، مثله كمثل كافة سكان البناية من أطفال ونساء ورجال أصيبوا بذات الأمر، وتبدي استغرباً كون أن الطعام الذي تناوله أفراد عائلتها لم تبدو عليه أي علامات للفساد.

وهذا تمامًا ما أكده المواطن أبو جهاد أبو جاموس والذي يمضي وقته منذ بداية الحدث بين المستشفيات، إذ أصيب ابنه وزوجته بتسمم بعد تناولهما وجبة حمص من ذات المطعم.

أبو جاموس الذي نقل ابنه وزوجته إلى المستشفى، فوجئ بعشرات المواطنين، يعانون نفس الأعراض، ولذات السبب، لكن ما وصفه بـ “حالة الهرج والمرج التي صاحبت الحدث لم تمكنه من اتخاذ إي إجراءات تتناسب مع حجمه، مطالبًا الجهات المسؤولة بإظهار الحقيقة كاملة، ومعرفة تداعيات وأسباب الحادثة.

الصحفي أحمد البريم، هو واحدٌ من أفراد عائلة استيقظت على وقع هذه الحادثة المؤسفة. أكد أن عائلته تنتظر نتائج التحاليل المخبرية التي من شأنها أن تُظهر أسباب التسمم الذي أصاب العشرات من أبنائها.

وقال لـ "نوى": "لن نوجه أي اتهامات بحق المطعم قبل أن تقول المؤسسة الرسمية الكلمة الفصل في هذه الموضوع"، مؤكدا ًأن المسؤولية لا تقتصر على المطعم حال ثبوت تقصيره أو إهماله، بل تتحمل وزارة الاقتصاد جزءًا أكبر فيها، على اعتبار أنها المسؤولة عن إجراءات الرقابة على المطاعم المختلفة.

في تعقيبٍ للمهندس ياسر أبو العلا، مدير دائرة الصحة والبيئة ببلدية بني سهيلا، على الحادثة، قال: "فور ورود إشارةٍ بوجود حالات تسممٍ غذائي، تعاملت البلدية بحالة من المسؤولية تجاه الحدث، كونه يتعلق بأرواح المواطنين من ناحية، وسمعة مطعمٍ له اسمه من ناحية أخرى".

وتابع: "البلدية من خلال مُراقب دائرة الصحة، تواصلت مع بعض الحالات، وسجلت شهاداتهم، كما قامت اللجنة المشتركة بأخذ عينات من المواد الغذائية والمياه".

وعن الأسباب الفعلية لحالات التسمم أوضح أبو العلا، أن الأمر مرهونٌ بنتائج التحاليل المخبرية، التي من شأنها أن توضح الأسباب الحقيقية التي تقف خلف الحادثة، ملفتًا إلى أن وزارة الاقتصاد أخذت على عاتقها إغلاق المطعم لحين انتهاء التحقيق.

ويؤكد أبو العلا أن البلدية لم تشهد على مدار سنوات طويلة أي حالات مماثلة، لاتخاذها إجراءات متابعة ورقابة مستمرة بشكل شبه يومي، إذ تهتم –والحديث له- بأخذ عينات من المياه والمواد الخام المستخدمة، ناهيك عن الفحوصات الخاصة بالعاملين في المطاعم، واشتراط امتلاكهم شهادات خلو من الأمراض.

وكشف أبو العلا أن اللجنة الصحية، أشعرت المطعم المقصود ببعض الملاحظات، حول مؤشراتٍ لوجود تلوث في المياه، قبل ما يقارب أسبوعين، وتم الاستجابة من قبل صاحبه، وتصويب أوضاعه.

ورغم أن موضوع تلوث المياه لا علاقة له بقضية الحمص، إلا أنه (أبو العلا) لفت إلى أن بعض المطاعم تستخدم المادة المبيضة للحمص لمنحها اللون الأبيض، رغم تأكيدنا أنها محرمة دوليًا، وفي حال ضبط مثل هذه المُبيِّضات يتم التعامل معها وفق المقتضى القانوني، إذ يتم إغلاق المنشأة وتحريز المواد المستخدمة بشكلٍ أولي ومن ثم متابعة الإجراءات القانونية كاملة.

وأضاف: "لا يقف دور دائرة الصحة والبيئة على ذلك، بل يتم توعية المواطنين بمخاطر المواد المستخدمة وضرورة الانتباه لمسألة أن المواد الحافظة يمكن أن تعطي تأثيرًا مختلفًا، وتعطي مؤشرات بأن الطعام جيد لكن في الحقيقة يكون فاسد"، مشددًا على أهمية الانتباه لحفظ الأغذية، ضمن شروطٍ وظروفٍ معينة، ودرجة حرارة مناسبة، لأن هناك فساد لا يظهر في الشكل أو الطعم.

ويتوقع أبو العلا، أن يتم اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة في حال ظهور نتائج التحليل والتحقيق، بما يضمن أن يكون رادعًا وحافظًا لحقوق المواطنين وحماية المستهلك، مؤكدًا أن البلدية حريصة على أن تكون الإجراءات صارمة وحازمة ورادعة.

وحذر أبو العلا مجددًا من التهاون في حياة المواطنين وصحتهم، لافتًا إلى أن الأمر لا يكلف أصحاب المنشآت، في مقابل الحفاظ على حياة المستهلك، "فالأمر لا يعدو فحوصات دورية للعمال، واستخدام درجة تبريد مناسبة خاصة في فصل الصيف، مع الأغذية سريعة الفساد كالحمص والوجبات السريعة" يزيد.

د. مجدي ظهير مدير دائرة الطب الوقائي بوزارة الصحة أكد بدوره لشبكة "نوى" أن اتخاذ أي إجراءات قانونية، يبقى رهن ظهور نتائج التحاليل المخبرية "خلال اليوم أو غدًا". ملفتًا إلى أن الإجراءات القانونية تتمثل بدايةً بإغلاق المنشأة، ورفع قضية، ثم تحويلها للنيابة، في حال ثبت تورط المطعم بمخالفات أدت لعملية التسمم، "وفي حال ثبتت عدم مسؤولية المطعم، سيتم إعادة فتحه، والبحث عن الأسباب وراء عملية التسميم" يقول.

كاريكاتـــــير