شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاربعاء 17 ابريل 2024م01:32 بتوقيت القدس

أصحابها: بين حانا ومانا ضاعت لحانا

"استراحات" بموافقة البلدية تحت أسنان جرافات سلطة الأراضي

10 اعسطس 2020 - 21:15
رمضان ملكة على بقايا مبنى الاستراحة المهدّم
رمضان ملكة على بقايا مبنى الاستراحة المهدّم

غزة:

جولةٌ على كورنيش بحر غزة، كفيلةٌ بأن تريك مساحة الغطاء الذي تسببت البلدية بخلقه عبر تأجير مساحات واسعة لأصحاب الأكشاك والمعرشات والاستراحات.

البلدية التي لم تترك سوى مناطق محدودة لعبور المواطنين، أخفت بسد الأكشاك الحديثة ذاك جمال الشاطئ عن عيون المارة، وحرمتهم من مواجهة البحر والتقاط صورةٍ فسيحةٍ لمشهد سقوط الشمس في عرضه. لكن ليست هذه هي المشكلة.

أصحاب الاستراحات هناك، وبعد أن استأجروا مساحات استراحاتهم خلال العام من بلدية غزة، بعد إعلانها رغبتها تأجير مناطق من الشاطئ، فأسسوا لمشاريعهم هناك، اصطدموا بمعضلةٍ كُبرى عنوانها "سلطة الأراضي" التي كبّدتهم مؤخرًا خسائر فادحة.

المشكلة باختصار يرويها رمضان ملكة صاحب استراحة الغروب على شاطئ بحر الشيخ عجلين، فيقول: "نشرت البلدية مطلع العام إعلانًا لإنشاء استراحاتٍ وتأجيرها مدة خمس سنوات، وهي بذاتها –أي البلدية- تواصلَت مع من كانوا يقيمون استراحات على الشاطئ في السنوات السابقة ثم توقفوا".

يعمل ملكة صاحب استراحة على شاطئ بحر غزة منذ 32 عامًا، وهو كما غيره ممن كانوا يديرون استراحات في القطاع، يملك خبرة قوامها 20 عامًا في هذا المجال، "لكن مع تدهور الوضع الاقتصادي، وانتشار عشوائية الأكشاك، وتكبّد أصحاب الاستراحات خسائر فادحة، اضطروا للتوقف جميعًا عن العمل منذ عام 2017م، حتى تواصلت معهم البلدية بداية العام الجاري من أجل العودة".

اتفقت البلدية مع المستثمرين الذين تواصلت معهم -تبعًا لملكة- على إنشاء خمس استراحات من الباطون والمعرشات، "وهذا كلف أصحابها توفير مواد بناء من إسمنت وحديد وغيرها، بالإضافة إلى إيجار مقداره 25 ألف دولار لخمس سنوات، مقابل تنظيم عمل الأكشاك بما لا يؤثر سلبًا على دخلهم، فتحمل اسم نقاط بيع، وليس استراحة" يضيف.

بعد توقفٍ لسنوات، كان أصحاب الاستراحات يمنون أنفسهم بتنظيمٍ أفضل لعمل الشاطئ وفقًا لوعد البلدية، وبعودة موفقة لعمالهم الذين فقدوا مصدر دخلهم منذ ذلك الوقت، لكن بعد المباشرة في العمل وبدء البناء، فوجئ ملكة بجرافة من طرف سلطة الأراضي، تهدم المبنى الذي شيّدهُ بحجة أنه غير مرخص من قبَلها، ما جعله يتكبّد على الفور مبلغ 40 ألف دولار، إضافة إلى خسائر أخرى نتجت لاحقًا عن تلف كميات الحديد والأسمنت التي خزّنها لغرض البناء، وكذلك اضطراره لبيع معرّشٍ كلفه 120 ألف شيكل بسعرٍ زهيد.

ووفقًا لملكة فإنهم –أصحاب الاستراحات- التقوا برئيس بلدية غزة يحيى السراج بعد التواصل معهم، واتفقوا معه على تنظيم عمل الأكشاك، لكن فوجئوا بأنها -البلدية- أجّرت نحو 50 كشكًا ليعمل أصحابها بما يشبه الاستراحات، خلافًا لما تم الاتفاق عليه مسبقًا، ناهيك عن مشكلتهم مع سلطة الأراضي، التي كانت في السابق تمر مرةً واحدةً كل عام دون أن يكون لها أي دور، لتظهر الآن على الساحة "فيما يبدو  لتحصل على جزءٍ من الإيجار" يزيد.

هنا يقول ملكة: "الأصل هو تسوية الأمر مع البلدية بعيدًا عن تأثير ذلك على المستثمرين، إلا أن أكثر ما ينغّص علينا، هو أن العقود لم يتم توقعيها حتى الآن، بل إن صيغتها مختلفة عما تم الاتفاق عليه شفويًا".

يوافقه الرأي حسان قنوع صاحب استراحة "حسام"، الذي يعاني المشكلة ذاتها، فالخلاف بين البلدية وسلطة الأراضي يعيق عمل استراحته التي عاد إليها بعد توقفٍ لمدة ثلاث سنوات، وكان يتمنى واقعًا يعوضه وعماله خسائر السنوات الماضية.

أبو محمد السوافيري، هو شريك قنّوع في الاستراحة، استهل حديثة لـ"نوى" بالقول: "بلدية غزة تتواصل معنا من أجل توقيع العقد الذي تمت صياغته ببنود مختلفة عن تلك التي اتفقنا عليها في البداية"، مبديًا استغرابه كل ما يجري معهم، فهم ساروا من البداية بشكلٍ سليم وقانوني، وفقًا لإعلان البلدية، حتى ظهرت سلطة الأراضي فجأة.

يعمل السوافيري كما صديقه حسام منذ 28 عامًا على شاطىء البحر كصاحب استراحة لولا توقفه ثلاث سنوات منذ عام 2017م كما معظم أصحاب الاستراحات بسبب الخسائر التي مُنيوا بها حينذاك، وحين عادوا وفقًا لاتفاقهم مع البلدية، كان التوافق على إنشاء نقطتي بيع أمام كل استراحة، وأن يقيموا هم "كوفي شوب" من الباطون، بشرط أن يبتعد عن الكورنيش (20 مترًا)، وفقًا لاتفاقٍ شفوي.

ويتفق ثلاثتهم – قنوع والسوافيري وملكة- على أهمية تنظيم الواجهة البحرية لمدينة غزة، لما لها من مظهر جمالي وحضاري مهم، ولكن بعد ما حدث وتحوّل الكورنيش بشكل شبه كامل إلى صفٍ من الأكشاك المتقاربة، صارت المنطقة أقرب ما يكون إلى استراحة واحدة كبيرة، يتساءل الثلاثة: "هل بقي هناك واجهة بحرية؟".

جلب السوافيري وقنوع مواد البناء كلها من أجل المباشرة في العمل، وفي ذات الوقت كانت سلطة الأراضي قد بدأت بهدم البناء الذي أنجزه زميلهم ملكة، ما دفعهم إلى التوقف فورًا، لمتابعة الأمر مع سلطة الأراضي، "لكن هذا التوقف لأكثر من شهرين تسبب في تلف جزء من مواد البناء – الاسمنت- ما كبّدهما خسائر قدرت بنحو 30 ألف دولار حتى الآن" يضيف السوافيري.

"كأنني موظف بلدية" يصف السوافيري حاله، وهو الذي بات يتواجد يوميًا هناك من أجل حل المشكلة، "هم يقولون إنها مع سلطة الأراضي وليست معهم، ونحن ضعنا في الوسط، بلدية غزة تقول إنها تدفع مبالغ مالية كبيرة نظير تنظيف وحماية الشاطئ، ولهذا تقوم بتحصيل الإيجارات" يزيد.

تواصلت "نوى" مع بلدية غزة، التي أكدت عدم وجود مشكلةٍ على الإطلاق مع أصحاب الاستراحات، ورفضت أي تصريح بخصوص المشكلة التي يؤكد أصحابها أنها ما زالت قائمة.

سلطة الأراضي كذلك ردّت بالقول: "نحن ممنوعون من التصريح بأي شيءٍ حول هذا الخصوص بقرارٍ من الحكومة".

آثار هدم جز ء من استراحة الغروب 

كاريكاتـــــير