شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م06:10 بتوقيت القدس

صيادو غزة..

"قوارب" أقعدَها الحصار و"عيش" أحرقته نيران "إسرائيل"

10 اعسطس 2020 - 13:52

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

"توقفت حياتي كلها بعد تعطُّل اللنش" قالها الصياد الخمسيني خالد الهبيل بنبرة قهر بينما كان يصف لـ "نوى" ما آل إليه وضعه بعد العطب الذي أصاب قارب الصيد خاصته، الذي كان يعتاش منه وأسرته المكونة من 18 فردًا.

الهبيل هو أحد الصيادين الذين أصابهم حصار غزة وتداعياته في مقتل، عندما منع الاحتلال على مدار سنواته الـ(14)، توريد مئات الأصناف من السلع والبضائع وقطع الغيار للكثير من الآليات والأجهزة والمركبات.

"من لم يُقتل أو يصاب بنيران الزوارق الحربية الإسرائيلية، يمكن أن يتعرض للاعتقال أو الملاحقة، ومن أفلت جسديًا، نالت تعقيدات الاحتلال من رزقه وقوت أطفاله".

ينحدر الهبيل -وهو صيادٌ بالوراثة- من أسرةٍ لجأت من بلدة "الجورة" عام 1948م، كانت تمتهن الصيد منذ عشرات السنين، فأخذ عنها المهنة ليضاف إلى قائمة الصيادين أصحاب الحكايا التي تُروى بالدموع، وأحيانًا بالدم في قطاع غزة. يعلق بالقول: "إن لكل صياد حكاية مؤلمة مع الحصار، فمن لم يُقتل أو يصاب بنيران الزوارق الحربية الإسرائيلية، يمكن أن يتعرض للاعتقال أو الملاحقة، ومن أفلت جسديًا، نالت تعقيدات الاحتلال من رزقه وقوت أطفاله".

منذ نحو 15 شهرًا أصاب عطب ناقل السرعة (القير) في محرك "اللنش" الذي يمتلكه الهبيل، ليجد نفسه و20 عاملًا آخرين في "مهب الريح" بلا مصدر رزق.

وتمنع "إسرائيل" توريد مئات الأصناف من السلع والبضائع، من بينها معدات الصيد وقطع غيار المراكب، بدعوى أنها "مزدوجة الاستخدام، وتخشى وصولها إلى فصائل المقاومة لاستخدامها -كما تدعي- في تصنيع السلاح"، وهو ما دأبت جهات رسمية وأهلية فلسطينية على نفيه، لتأكيد أن "قائمة الممنوعات" الإسرائيلية، هدفها تشديد الخناق على القطاع الساحلي الصغير وحسب.

يتساءل الهبيل بحرقة: "ما الضرر الذي يصيب إسرائيل من إدخال معدات الصيد إلى غزة؟"، مضيفًا: "قطعة صغيرة (القير) أوقفت عجلة حياة عائلتي كلها عن الدوران، وقطعت رزق العشرات ممن يعتاشون من عمل هذا اللنش، عائلتي والصيادين معي، والعمال، وباعة الأسماك، والأسر التي ترتبط بهم".

ويرسو "لنش" الهبيل بلا حراك في ميناء غزة، إلى جانب قوارب صيدٍ أخرى، تحتاج إلى صيانة وقطع غيار مفقودة من السوق المحلية.

ويرسو "لنش" الهبيل الذي يمتلكه بالشراكة مع ثلاثةٍ من أشقائه، بلا حراك في ميناء غزة، إلى جانب قوارب صيدٍ أخرى، تحتاج إلى صيانة وقطع غيار مفقودة من السوق المحلية، بسبب الحصار.

ووفق تقديرات لجان العمل الزراعي، فإن 350 مركبًا صغيرًا (حسكة)، بحاجة إلى محركات في مدينة غزة وحدها، والواقع لا يقل سوءًا في باقي مدن ومحافظات القطاع.

يردف الهبيل: "مشهد المراكب المعطلة في حوض الميناء يثير الحزن، وأصحابها باتوا يعتاشون على المساعدات الإغاثية".

الهبيل نفسه يعتاش منذ توقف قاربه عن العمل على المساعدات الإنسانية، التي يصفها بأنها "لا تُلبي احتياجات أسرته الكبيرة"، ما اضطره إلى الاقتراض مرارًا حتى تراكمت عليه ديونٌ تقدر بنحو ستة آلاف دولار.

وبدأت معاناة نحو أربعة آلاف صياد في غزة، مع القيود البحرية التي فرضتها سلطات الاحتلال، إثر تشديد الحصار على القطاع منتصف العام 2007م.

وتمنع سلطات الاحتلال الصيادين من الإبحار لأكثر من 6 إلى 15 ميلًا بحريًا، متفاوتة بين سواحل مدن القطاع، وحتى هذه المساحة المحدودة، نادرًا ما تلتزم بها.

وتمنع سلطات الاحتلال الصيادين من الإبحار لأكثر من 6 إلى 15 ميلًا بحريًا، متفاوتة بين سواحل مدن القطاع، وحتى هذه المساحة المحدودة، نادرًا ما تلتزم بها، فتلاحق الصيادين فيها، وترتكب بحقهم صنوفًا شتى من الجرائم والاعتداءات.

وبحسب رصد مؤسسات أهلية فلسطينية، فإن غالبية هذه الجرائم والاعتداءات التي ترتكبها زوارق الاحتلال تحدثُ في نطاق ثلاثة أميال بحرية فقط.

وللحروب حكايات أشد ألمًا مع الصيادين، الذين يُعدّون من الفئات الأكثر تضررًا، ولا يتوقف ضررهم عند حد الحرمان من الصيد، فتلاحقُهم حممُ الصواريخ والقذائف الإسرائيلية مراكبهم ومعداتهم الراسية على الشواطئ.

وتعرّض لنش الهبيل في العام 2008م-2009م لاستهدافٍ إسرائيلي تسبب في احتراقه، ولحقت به خسائر مادية جسيمة قدّرتها دائرة الثروة السمكية في وزارة الزراعة في حينه بنحو 86 ألف دولار.

وبسبب قيود الاحتلال لم يتمكن صيادو غزة من صناعة أي مركب جديد منذ العام 2012م، وهو ما زاد الضغط على مراكبهم القديمة، التي أصبح العمل على الكثير منها تحفّه المخاطر.

وبسبب قيود الاحتلال لم يتمكن صيادو غزة من صناعة أي مركب جديد منذ العام 2012م، وهو ما زاد الضغط على مراكبهم القديمة، التي أصبح العمل على الكثير منها تحفّه المخاطر، وفقًا لمنسق لجان الصيادين في اتحاد لجان العمل الزراعي زكريا بكر.

ووضع بكر ما يتعرض له الصيادون من انتهاكاتٍ إسرائيلية، في مصاف "الحرب الحقيقية"، التي تهدفُ إلى دفعهم بالإرهاب إلى هجرة البحر نهائيًا.

وقال بكر لـ "نوى": "في غزة، يعيش الصيادون أسوأ مرحلة في الوقت الحالي، ومنذ أزمة جائحة كورونا، التي ضاعفت معاناتهم المستمرة بالأساس منذ فرض الحصار الإسرائيلي، وفي هذه المرحلة انخفض دخل كثير من الصيادين والعاملين في قطاع الصيد البحري إلى 500 شيكلًا شهريًا، والبعض لا يتعدى دخله شيكلين فقط يوميًا".

ولا يجد بكر أي مبرر لدولة الاحتلال التي تمنع إدخال جميع المواد الأساسية وقطع الغيار التي تخص قطاع الصيد البحري، ومنها "الفيبرغلاس" و"الشاش" التي تدخل في صيانة المراكب القديمة.

يقول: "السبب الحقيقي، هو أن إسرائيل تريد البحر خاليًا من صياديه الفلسطينيين وأصحابه الحقيقيين".

وتشهد السوق المحلية ارتفاعًا جنونيًا في أسعار بعض المواد وقطع الغيار "المهربة" ونادرة الوجود، لا يقوى غالبية الصيادين على شرائها.

وأوضح بكر أن سعر غالون "الفيبرغلاس" الطبيعي سعة 20 لترًا يتراوح بين 1200 و1800 شيكلًا، وبسبب منع الاحتلال توريده، فإن سعره ارتفع لـ 2600 شيكلًا، فيما ارتفع سعر الشاش بنسبة 100%، ومع ذلك لا يوجد في الوقت الحالي أي قطع غيار في السوق المحلية.

  1. أربعة وجوه لمعاناة الصيادين في غزة: انعدام الأمن والحماية، وضيق مساحات الصيد، ومنع الاحتلال توريد مواد ومعدات الصيد، وغياب التعويض عن الأضرار والخسائر.

وحدد بكر أربعة وجوه لمعاناة الصيادين في غزة، وهي: انعدام الأمن والحماية، وضيق مساحات الصيد، ومنع الاحتلال توريد مواد ومعدات الصيد، وغياب التعويض عن الأضرار والخسائر التي لحقت بالصيادين خلال السنوات الماضية.

واستشهد منذ العام 2007م عشرة صيادين، وأصيب نحو 300 آخرين، فيما تعرض نحو 700 صياد للاعتقال فتراتٍ متفاوتة، وفقدان ما لا يقل عن 500 مركبًا سواء بالتدمير أو المصادرة في عرض البحر.

وبحسب تقديراتٍ رسمية وأهلية، فإن خسائر قطاع الصيد البحري المباشرة وغير المباشرة، تقدر بنحو 10 مليون دولار منذ فرض الحصار، إضافة إلى الخسائر المهولة التي تعرضوا لها خلال ثلاثة حروب شنتها دولة الاحتلال على غزة، في الفترة من 2008م، وحتى حرب العام 2014م، التي كانت الأشد على الصيادين، وتكبدوا خلالها خسائر بقيمة ستة ملايين دولار.

كاريكاتـــــير