شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 20 ابريل 2024م05:17 بتوقيت القدس

ذاكرة الحرب تصحو من جديد..

"غزة" التي خَبِرَت "الموت" تبكي شقيقة الفقد "بيروت"

06 اعسطس 2020 - 14:50

شبكة نوى، فلسطينيات:  غزة:

هو ذاته المشهد. دخانٌ يتصاعد من فُتات مدينةٍ كانت تعجُّ بالفرح، غيّمَ فوق أهلها كأنه شيطانٌ رجيم، هي ذاتها الصورة تزور ذاكرتنا المتعبة كلما قلّبنا شاشات التلفاز نُحصي مع مذيعيها أعداد شهداء انفجار بيروت.

دماء الضحايا، أجسادهم المبعثرة بين الركام، يا الله، كلنا شممنا رائحة النار، وسمعنا صوت الموت عاليًا جدًا من مكاننا هنا، من غزة.

البحر الذي شَهِد مآسينا، يشهد اليوم في طرف شقيقة الوجع "بيروت" على نفس الحكاية، مئات الضحايا، وآلاف المصابين والجرحى.

ما حدث هناك، بدا وكأنما حدث في غزة، عيون الفلسطينيين كلها شخَصَت تتابع مقاطع الفيديو التي توثق رعب لحظة الانفجار، وقلوبهم رجفت على وقع أنات المكلومين في بيروت المحاطة بالفقد بسبب شحنةٍ منسيةٍ من نترات الأمونيوم مصادرة منذ عام 2014م.هي ضربةٌ في مقتل للذاكرة التي تحاول أن تنسى تفاصيل الموت هذه، انفجار بيروت أعاد ذكريات اعتداءات "إسرائيل" المتلاحقة على هذه البقعة التي تشكل المساحة الأرحب لتلذذ الاحتلال على نكهة "القتل". في غزة دوّن الفلسطينيون: بيروت، الوجع واحد. الفقد واحد".

البحر الذي شَهِد مآسينا، يشهد اليوم في طرف شقيقة الوجع "بيروت" على نفس الحكاية، مئات الضحايا، وآلاف المصابين والجرحى.

بحسب الصليب الأحمر اللبناني، فإن حصيلة ضحايا الانفجار، حتى موعد نشر التقرير، تجاوزت 130 قتيلًا، إضافةً إلى أكثر من أربعة آلاف جريح، بينما تتواصل عمليات البحث عن جثث تحت الأنقاض حتى هذه اللحظة.

عدّادٌ لا يتوقف حوّل الإنسان إلى رقمٍ يتم تداوله في كل لحظة، تمامًا كما كان يجري مع الفلسطينيين في كل عدوان.

"للوهلة الأولى ظننت الصورة في غزّة، بحثت مراتٍ عديدة حتى تأكدت أنها في لبنان"، تقول الشابة هبة محمدين عن أول صورةٍ وقعت عليها عينها لانفجار بيروت، مضيفةً: "سقط قلبي، ظننت أن القيامة قامت في غزة، وأنا لم أسمعها لأنني كنت أستمع إلى الموسيقى عبر سماعات الأذن".

تتابع: "رغم محاولاتي الهروب من أي أحداث مؤلمة تجري في العالم، إلا أن انفجار بيروت أربكني، من اللحظة الأولى أشاهد التلفاز ومواقع التواصل في الوقت ذاته، وأشارك الصور ومقاطع الفيديو، وأتذكر صور ومقاطع رأيتها مسبقًا لشهداء في غزّة، أتذكر ركام المنازل التي دمرها الاحتلال على رؤوس ساكنيها في العدوان، ثم أردد: "يا ليته كابوس نستيقظ منه، وتستيقظ بيروت منه أيضًا".

دعاء الخطيب، شابة أخرى تقيم في قطاع غزة، لم تنفك عن كتابة رسائل مواساة للبنانيين واللبنانيات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولا عن ربط الأحداث ببعضها أيضًا.

هاني عبد الرحمن: "الفلسطينيون وأهالي القطاع تحديدًا، هم أكثر من يشعر بالمأساة التي ضربت لبنان، كونهم مروا بالتجربة التي تجعلهم يدركون كل الآلام النفسية والجسدية التي تمر على أي إنسان

"نحن أهل غزة، لا نملك شيئًا سوى قلوبنا، شهداؤكم شهداؤنا، جرحاكم جرحانا، وجعكم وجعنا، قلوبنا لكم نحن الذين شبعنا من لون الدم ورائحة الموت وبشاعة الدمار، وتحالف الخونة ضدنا، خذوا قلوبنا ولن نبالي، من قلوبنا الجريحة سلامٌ وحبٌ كبيرٌ لِبيروت" رسالة كتبتها الشابة على صفحتها الشخصية في موقع تويتر.

وفي بيت هاني عبد الرحمن، اجتمعت الأسرة للمرة الأولى منذ أشهر أمام شاشة التلفاز تتابع بألمٍ أحداث بيروت، يقول والده: "هاتفتُ أبنائي وكأن الانفجار في غزة، أنا قلق ولم أسيطر على نفسي حتى طلبتُ منهم العودة إلى المنزل".

أما ابنه هاني فيضيف: "الفلسطينيون وأهالي القطاع تحديدًا، هم أكثر من يشعر بالمأساة التي ضربت لبنان، كونهم مروا بالتجربة التي تجعلهم يدركون كل الآلام النفسية والجسدية التي تمر على أي إنسان تحدث حوله كارثة".

مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، شهدت بتلقائية أهلها وقفةً تضامنيةً فورية، وحملةً لم تتأخر للتبرع بالدم لصالح جرحى انفجار المرفأ، رغم يقينهم بأن إغلاق المعابر، وحصار غزة سيحول بين هذه اللفتة الإنسانية ووصولها إلى أشقاء الوجع ببيروت.

كاريكاتـــــير