شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م13:10 بتوقيت القدس

يأكل فراخ الحمام ويحتل أعشاش أقرانه..

"المينَة الهندي".. الطائر "الوقِح"!

28 مايو 2023 - 10:22

غزة:

"لفتني شكله الجميل، هو عصفورٌ لكنه أكبر من العصافير، ولزقزقته صوتٌ ساحر. لونه بنّيٌ قاتم وطرف ذيله أسود، وحول عينيه هالةٌ صفراء ساحرة الجمال. لم أعرف اسمه إلا بعد أن هاجم أعشاش الحمام الذي أربيه، وأتلف البيض فيها".

في العام الماضي، زار طائر "المينة الهندي" مزرعة إجلال أبو طير (56 عامًا) لأول مرة، ومنذ ذلك الحين، حاولت السيدة تعويض خسارتها الفادحة التي تسبب لها فيها، ليفاجئها هذا العام أيضًا بتخريب مزارع العدس والقمح والشعير التي تمتلكها!

السيدة التي تسكن بلدة عبسان الكبيرة، شرقي مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، وتعمل في الزراعة منذ نعومة أظافرها، تقول لـ"نوى": "هذا العام التخريب كان أكبر، ولم أسمع أي طرف من جهة مسؤولة يتحدث لنا نحن المزارعين عن هذا الطائر أو كيفية التعامل معه! إنه يهاجمنا بشكلٍ مباغت، ولا نملك فكرةً عن كيفية حماية رزقنا منه".

تخبرنا إجلال المكناة بـ "أم محمد"، أنها سمعت عن هذا الطير الكثير، وأن ما يجعل بقاءه مفيدًا هو مساهمته الكبيرة في القضاء على سوسة النخل، "لكن رغم ذلك على المسؤولين أن يجدوا لنا حلًا فيما يتعلق بضرره" تستدرك.

ذات المشكلة عانى منها الشاب خالد الجمل، وهو من سكان شرقي محافظة رفح، إذ اضطر للتوقف عن تربية الحمام المنزلي منذ عدة أشهر رغم أنه كان يحقق له بعض الدخل، بسبب توالي هجمات طائر المينا على الفراخ والبيض، والتهامها في أعشاشها.

خالد كان مضطرًا لإطلاق طيوره كي تبحث عن رزقها في المزارع بسبب غلاء أسعار الأعلاف، خاصةً أنه يسكن على مسافة قصيرة من خط التحديد، وهي مناطق زراعية يمكن للطيور أن تجد فيها ما تقتات به، لكن الفتحات في بيت الحمام، الموجودة كي يخرج ويعود منها، مكّنت الطائر الخبيث من التسلل، ومهاجمة الأعشاش.

طائر المينة ذكي كما يؤكد خالد، ويختار وقت الصباح الباكر للهجوم، ويتابع: "عادة تنقسم الطيور لقسمين، جزء يدخل بيت الحمام والآخر يراقب المنطقة من أعلى، وإذا جاء شخص أو شعر بالخطر يبدأ المراقبون منهم بالصراخ".

ولاحظ خالد تزايدًا كبيرًا في أعداد هذا الطائر في المنطقة التي يقطن فيها، بحيث بات يُشاهَدُ على الأرض، وقرب مناطق تجميع النفايات الصلبة، وعلى الأسطح، وتصادف أن شاهده يهاجم طيورًا صغيرة وأعشاشها، مثل طيور الدوري والبلابل.

لارا وماندي سرداح، شابتان توثقان الحياة البرية في قطاع غزة، وقد رصدتا وجود هذا الطائر القادم من الهند في قطاع غزة منذ عدة سنوات، وتزايد أعداده مؤخرًا.

تقول ماندي: "هذا طائر يعد من الطيور الغازية، والدخيلة على البيئة الفلسطينية، ومن اسمه فهو هندي، ويا للأسف فإنه ضار جدًا، إذ يهاجم بشراسة الطيور المقيمة مثل الدوري والزغاليل، ويخرب أعشاشها وبيضها".

ينتمي هذا الطائر إلى فصيلة الغرابيات، ومن غير المعروف تمامًا كيف دخل قطاع غزة، ولكن وفق رواية مزارعين -تحديدًا من المناطق الشرقية لقطاع غزة- فقد أطلقه الاحتلال الإسرائيلي كي يهاجم سوسة النخل التي أضرت بالنخيل في المناطق التي يسيطر عليها، "لكن لا يوجد اعتماد رسمي لهذه الرواية" وفق الشابتين سرداح.

عام 2015م، ظهرت علامات الرصد الأولى لهذا الطائر بأعداد قليلة، كما تقول لارا، "لكن مع الأسف صارت أعداده كبيرة جدًا لدرجة أن الذاهب في نزهة للشاطئ سيجد عددًا لا بأس به موجودًا هناك، فالطير الواحد منه يضع خمسة بيوض على الأقل، وهذا ما يجعل تكاثره سريعًا، والأدهى من ذلك أنه طير لا يخاف ولا يهرب كباقي الطيور".

ووفق ما أوردت مجلة آفاق للبيئة والتنمية، فإن طائر المينا يتمتع بقدرة عالية على التكاثر، حيث ينتج كل زوج منه دورتين من الفراخ في الموسم، ويستمر موسم تكاثره من شهر آذار إلى أيلول، يعشش في الحدائق داخل تجاويف الأشجار والجدران، وفي الشوارع داخل فجوات أعمدة الإنارة وإشارات المرور ومكيفات الهواء.

يتساعد الأبوان في بناء العش من الأعشاب الجافة والأغصان والأوراق ومخلفات الإنسان، ويحدث في أحيان كثيرة أن يحتل زوجان من المينا عش زوجين آخرين، الأمر الذي يؤدي إلى اندلاع معارك عنيفة، يصبح العش بعدها مُلكاً للزوج المنتصر.

ولكن ماذا عن صوت زقزقة العصافير الذي تمتلكه طيور "المينة؟"، وماذا عن صوصوتها الرقيقة؟ تجيب لارا: "بالفعل، صوته جميلٌ جدًا فهو يمتلك 7 نغمات، منها صوت العصافير أو الببغاء البلدي، وبوسعه تقليد الأصوات إن تم تدريبه، وهناك شاب من الخليج درّبه على عدة أصوات وبالفعل أتقنها، مثل صوت كلب أو قطة! لكن لا يمكن تربيته في أعشاش، فهو خُلِق للبر، وهذه طبيعته".

وينتمي المينا لعائلة الزرزور، وهي طيور نشيطة، اجتماعية، ودودة، ذكية، سريعة التأقلم في البيئات الجديدة. يسميه بعض مربي الطيور بالببغاء الرمادي، إذ يمكنه أن يتعلم استعمال 100 كلمة بذكاء، ولذلك يختلف عن الببغاء الذي يقلد الأصوات فقط دون أن يستطيع تمييز معناها أو وقت استعمالها الصحيح.

تكمل عنها ماندي الحديث: "صحيح أن موطنه الأصلي هو الهند، ولكنه يستطيع التأقلم مع بيئات أخرى، وإلا لما تأقلم وتكاثر هنا، وكثيرًا نجده في الحر الشديد يبلل نفسه بالمياه".

وبحسب المهتمين بعالم الطيور البرية فإن طائر المينا يُعد من الآفات، رغم أنه أحد أكثر أنواع الطيور انتشارًا في العالم، وقد وصل الحال بمنظمة البيئة العالمية أن صنّفته من ضمن أكثر ثلاثة طيور إضرارًا بالنظام البيئي.

ولأن الطبيعة لا شيء فيها عبثي أبدًا، فكل كائن يحفظ التوازن البيولوجي لكائنات أخرى، وهذا يعني أن هناك فائدة لطائر المينة الهندي، تعقب الفتاتان لارا وماندي: "بالطبع، فهو يقضي على سوسة النخل، ويأكل الديدان الضارة، وأحيانًا يهاجم الفئران والحشرات أيضًا"، ورغم ذلك لكن لا يوجد أي معلومة حتى الآن حول كيفية حماية المزارع وأعشاش الطيور منه!

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير