شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاحد 19 مايو 2024م02:21 بتوقيت القدس

تغيّر المناخ يضرب رأس الزراعة في غزة

09 نوفمبر 2022 - 11:22

خانيونس:

بالكاد استفاقت المزارعة الفلسطينية نسرين قديح من خسارة محصول الصيف الذي كانت تزرعه في أرضها، حتى مُنيت بخسارة جديدة مع أول زخات المطر بسبب تلف شتلات الكوسا التي تزرعها.

نسرين "38 عامًا" والتي تسكن في منطقة خزاعة شرق مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، تمتلك قطعتي أرض أحداها على الحدود الشرقية للقطاع والثانية في منطقة آمنة، تعاني كما غيرها من آلاف المزارعات الفلسطينيات تبِعات التغّير المناخي والتي عايشتها على مدار 25 عامًا من عملها في الزراعة.

تقول نسرين لنوى: "التغير المناخي أثّر سلبًا على الزراعة، انخفضت كمية الإنتاج، وزادت ملوحة التربة وملوحة المياه وأصبحنا بحاجة إلى السماد الكيماوي الذي أثّر على طعم الخضار والفواكه، وأيضًا أصبحت شحيحة وارتفع ثمنها، نحن في أمسّ الحاجة للبحث عن بدائل لهذه الأسمدة".

تعتمد نسرين في أرضها على الزراعات الموسمية مثل الكوسا والباذنجان والملفوف والشعير والقمح، وتوضح إن ارتفاع درجات الحرارة نتيجة التغيّر المناخي تسبب في نضج مبكّر للمحاصيل ما ينعكس سلبًا على جودتها، إضافة إلى تأثير المناخ على شحّ مصادر المياه التي ازدادت ملوحتها، ما أجبرهم على اللجوء للمياه المشتراه بسعر مرتفع، وحتى مع ارتفاع ملوحة التربة زاد الاعتماد على السماد وهو ليس الخيار الأفضل مثلما تؤكد.

توضح: "هذه التفاصيل أثّر مباشرة على طعم المنتجات وجودتها، أضيفوا إلى ذلك انتهاكات الاحتلال ورشّ المبيدات السامة على أراضينا ما تسبب في تلف التربة، والحاجة المستمرة لتزويدها بالغاز، قديمًا كان المزارعون أفضل الناس حالًا والآن كلنا نشتكي الواقع".

وتجزم نسرين إن العدالة غائبة في هذا العالم، فبينما تنتج الدول الغنية أبخرة تسبب تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة والمنخفضات، وهي تفاصيل بجملها تؤثر على الزراعة، نجد المجتمعات الفقيرة مثلنا هي من تدفع ثمن زيادة غنى هذه الدول.

تقدّر مساحة الرقعة الزراعية الفعلية في قطاع غزة بـ 100 ألف دونم، ويعمل في الزراعة نحو 15.600 مزارعًا ومزارعة، يعانون من واقع صعب نتيجة الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة وشحّ المواد اللازمة للزراعة، وندرة مصادر المياه والاعتماد على مياه مشتراه مرتفعة الثمن، يضاف إلى كل هذا تبعات التغير المناخي التي أثّرت على الأراضي الزراعية، وهو ما انعكس سلبًا على قدرة القطاع الزراعي على تغطية احتياجات السوق المحلي.

وتنعقد حاليًا في مدينة شرم الشيخ المصرية قمة المناخ السنوية بمشاركة نحو 120 دولة لمناقشة تبعات أزمة المناخ التي تهدد حياة ملايين البشر على كوكب الأرض، خاصة في الدول الفقيرة غير القادرة على مواجهة آثار الأزمة، في وقت تتجه فيه الأنظار نحو البيان الختامي للقمة انتظارًا لما يمكن أن تصدر عنه من بنود ومخرجات تخص الدول الفقيرة الأكثر تضررًا من الأزمة.

منسقة الإعلام والمناصرة في الإغاثة الزراعية نهى الشريف تقول لنوى، إن تغيّر المناخ نتج عنه أزمة في الأمن الغذائي وانخفاض مساحة المراعي وزيادة الضغط على مخزون المياه الجوفي في قطاع غزة وارتفاع نسبة الملوحة وانخفاض دخل المزارعين والمزارعات وزيادة أعداد الآفات والحشرات الضارة والأمراض النباتية وتساقط زهر النباتات قبل انعقاده، وهي ظواهر لم نلحظها قبل عشرين عامًا.

وتابعت الشريف إن ملامح التغير المناخي في فلسطين ظهرت بارتفاع درجات الحرارة وارتفاع نسب الرطوبة ومستويات سطح البحر وتطرف تقلبات الطقس، وهي ملامح لها تداعيات فعلية على القطاع الزراعي في قطاع غزة من حيث شح المياه التي يتحكم بها الاحتلال وملوحتها وتلوثها، وظهور مناطق غير صالحة للعيش، وازدياد خطر الكوارث الطبيعية وتأثر البلاد بموجات ساخنة وتلوث الهواء ومشكلات صحية.

وتتطلب ظاهرة التغير المناخي زيادة رقعة الأراضي الزراعة، واستخدام الطاقة البديلة ومنع استخدام المبيدات الكيماوية وتشجيع الزراعة العضوية، وتسعى الإغاثة الزراعية حسب الشريف إلى اعتماد تكنولوجيا الزراعة الجديدة للتخفيف من الآثار الناجمة عن تغير المناخ وتآكل التربة وفقدان التنوع البيولوجي.

وتجزم الشريف إن التغلب على مشكلة التغير المناخي يلزمها زيادة دعم الدول الغنية للدول الأكثر تضررًا، ووجود إطار لإدارة الكوارث واستراتيجيات واضحة في إطار مؤسسي محوكم والإكثار من الزراعة وتوزيعها الصحيح في الأرض.

صــــــــــورة