شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م22:18 بتوقيت القدس

بالصدفة.. "فانوس" يفتح "طاقة القدر" لعلا

21 مارس 2023 - 12:36

دير البلح:

بحرفيةٍ وإتقان، تجمع الشابة علا أبو سليم (33 عامًا) عيدان الخشب، وتصمّمها على شكل مثلثات بأربع جهات متساوية، وقمة دائرية، وقاعدة كذلك.

بعد ذلك تقصّ القماش الملّون لتغطية جوانبه الأربعة، ثم تزيّنه بالخيطان الذهبية وتضع في منتصفه مصباحًا لتنتج فانوسًا رمضانيًا زاهي الألوان.

تتوسط الشابة كمية كبيرة من الفوانيس، وهي تعمل على إنتاج المزيد منها؛ لتلبية طلبات الزبائن التي لم تتوقف منذ علم الجميع أنها ماهرة في هذه الصناعة التي تحوّلت من هواية تحبها وتصنعها لنفسها ولبعض المعارف، إلى مهنة ومصدر دخل لها.

ومن وسط انشغالها، تروي علا قصتها مع صناعة الفوانيس: "موهوبة في صناعتها منذ كنت في الإعدادية، صنعتها بدءًا من الورق والكرتون إلى الفوم، وكنت بارعة في تشكيلها وتصميمها، واستمرت معي الهواية".

تزوجت علا بعمر (18 عامًا)، وأنجبت أطفالَهَا الثلاثة الذين منحتهم كل وقتها واهتمامها، وفي ذات الوقت برعت في إعادة التدوير، حيث صنعت من الأخشاب أسرّة ومكاتب وكراسي، وصممت لوحات تعليمية للمدارس، ومجسمات زينة للبيوت، وجمّلَت كل ما وقعت عليه يدها.

تعقّب: "شاركت في العديد من المعارض للمنتجات النسوية، وكانت مشغولاتي تلقى قبولًا من الناس وهذا يشجعني أكثر، لكن عملي في الفوانيس جاء بمحض الصدفة".

كانت علا تصنع الفوانيس بشكل شخصي لها ولبعض المعارف، وحين طلبت كمية من حبال الإضاءة من أحد المتاجر أرسل نوعًا ليس كما المطلوب، فطلبت منه التبديل، ولم يعجبها أيضًا، وهنا سألها عن سبب حاجتها لكل هذه الحبال، فأجابت بأنها تصنع الفوانيس، الأمر الذي جعله يطلب منها إحضار واحدٍ إلى متجره ليراه.

تكمل: "حين رأى الفانوس أعجبه العمل والسعر، وطلب مني كمية 600 فانوس لبيعها، وبالفعل صنعت له العام الماضي الكمية المطلوبة وباعها في متجره. كنتُ سعيدة جدًا، وما حدث شجعني أكثر على احتراف المهنة حين أثنى عليها الناس، ولاقت رواجًا".

في العام الحالي كررت علا التجربة، لكنها بدأت مبكّرًا بسبب كثرة الطلبات التي تلقّتها، تعقّب: "رغم أن الأمر جاء بالصدفة البحتة بعد أن كان فقط هواية، لكنني كنت سعيدة بالنجاح الذي حققتُه ومتشجعة للمواصلة".

صناعة الفوانيس بالنسبة لعلا هو نشاط موسمي، ونشاطها العادي والمستمر هو إعادة التدوير، وتصميم اللوحات، والتطريز، وصناعة الكروشيه.

لكن هذه المهن لا تمرّ بسهولة على الأمهات، فجدول علا مزدحم نهارًا، وهي مضطرة للعمل ليلًا، لكن يعيقها بشكل كبير انقطاع الكهرباء المتواصل.

تشرح بالقول: "أصغر أبنائي في الصف الأول، بعد ذهابه للمدرسة صباحًا أنام حتى الساعة 11 حتى يعود، فيما يذهب ابنَيَّ الآخرين للدراسة في الفترة المسائية. هنا أبدأ بمهام المنزل ما بين ترتيب وطبخ وتنظيف، وأستمر حتى الساعة الرابعة حين يعود أبنائي من المدرسة، لأبدأ معهم جولة أخرى من تحضر الغداء، والتدريس، والعناية وتستمر حتى الساعة التاسعة ليلًا حين يذهب الصغار للنوم، وفي الليل تبدأ حكاية أخرى بالعمل على تصنيع الفوانيس".

يستهلك الفانوس الصغير ساعة كاملة من الصناعة والتركيز، بينما يحتاج الكبير منها إلى ثلاث ساعات والمتوسط أقل نسبيًا، وكل هذا جهد تدعو علا الناس لتفهّمه، فكي تخرج بمنتج جميل يستهلك الكثير من جهدها وتركيزها، خاصة في ظل وجودها ف يبيت عائلة لا تمتلك فيه سوى غرفة واحدة فيها تعيش ومنها تمارس عملها.

تتابع: "مع ذلك فأنا سعيدة. الفوانيس ألوانها مبهجة وجميلة، وهي تضفي حالة من السعادة والسرور بين الناس في شهر رمضان. القماش متوفر، والمواد الخام كلها موجودة، والأسعار مناسبة هناك فوانيس سعرها 30 شيكلًا، وأخرى لا تزيد على 10 شواكل، وهذا سعر يناسب أصحاب الدخل المحدود".

تطمح علا لأن تمتلك ذات يوم، مكانًا خاصًا للعمل تستطيع من خلاله توسيع نشاطها، والعمل مع المزيد من النساء اللواتي توجه لهنَّ النصيحة بأن يكنَّ قويات أكثر في وجه الحياة، وأن يمتلكن الثقة بأنفسهن، فالحياة لا تبتسم للصامتين.

مشغولات أخرى لعلا:

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير