شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 18 ابريل 2024م09:30 بتوقيت القدس

حقدٌ أشعل "حوارة" وأسقطَ تواقيع "العقبة"

27 فبراير 2023 - 13:27

غزة:

قبل أن يجف الحبر على الورق الذي وُقِّعَ نهاية اجتماع "قمة العقبة الخماسي" يوم أمس، وورَد فيه نصًا، تأكيدٌ فلسطيني- إسرائيلي، على "خفض التصعيد ومنع العنف"، كان آلاف المستوطنين المسلّحين يهاجمون أهالي بلدة حوارة في نابلس، ويحرقون بيوتها وسياراتها، فقتلوا شابًا، وأصابوا نحو 300 فلسطينيٍ هناك.

في التفاصيل، الاجتماع الأمني في مدينة العقبة الأردنية جاء بدعوة من مصر والأردن، وبمشاركةٍ من السلطة الفلسطينية، وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، والولايات المتحدة، بهدف السيطرة على الأوضاع داخل الأراضي الفلسطينية، ومنع التصعيد قبل شهر رمضان.

وبينما أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيانٍ له جملة مطالب، كان في مقدمتها وقف الاعتداءات الإسرائيلية، جوبهت القمة برفض غالبية الفصائل الفلسطينية، واستنكار مشاركة السلطة فيها.

القمة عُقدت، وانتهت باتفاقٍ على عدة بنود أبرزها: عقد اجتماع في شرم الشيخ بمصر الشهر المقبل، واتخاذ ما أطلق عليه المجتمعون اسم "خطوات بناء الثقة"، لكن الأمور لم تنتهِ على ما كان المجتمعون يرجون أبدًا.

اعتداءات المستوطنين على حوارة

سرعان ما نفّذ فلسطينيٌ عملية إطلاق نار قرب حاجز حوارة، قتل خلالها اثنين من المستوطنين، بالتزامن مع هجومٍ شنته ميليشيات المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين هناك، وما رافقه من جرائم قتل وتدمير وحرق.

كفاح حرب، عضو المجلس الثوري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"- إقليم نابلس، أدانت في حديثها لـ "نوى"، جرائم المستوطنين على المواطنين العزّل وممتلكاتهم، باعتبارها جرائم ضد الإنسانية، معقبةً على قضية غياب قوات الأمن الفلسطيني هناك بالقول: "تلك المنطقة لا تخضع للسيطرة الفلسطينية بالكامل، ولكن كانت فتح موجودة مع غيرها من التنظيمات، للمشاركة في حماية المواطنين وصد الهجمات من خلال النفير العام".

وأضافت: "الشعب الفلسطيني جاهز دومًا لمواجهة خطر الاستيطان والمستوطنين الذي يحاولون قضم المزيد من الأراضي الفلسطينية، والتنظيمات هي المسؤولة عن وضع السياسات لحماية المواطنين، من خلال التواجد المستمر على الأرض، والتجمهر الدائم".

وتوضح أن هناك محاولات إقليمية ودولية لإعادة العملية السلمية للأراضي الفلسطينية، "لكن يبدو أن الأحداث على الأرض هي التي تجيب" تقول.

وتكمل: "حتى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وعضو الكنيست سموتريتش، قالوا إن القمة أصبحت خلفهم، وبالتالي الأفق السياسي مسدود، والمطلوب من العالم النظر بجدية للمطلب الفلسطيني بتوفير حماية دولية".

وحول رفض الفصائل الفلسطينية المسبق مشاركة السلطة الفلسطينية بالقمة، ترى حرب أن من حق الفصائل أن يكون لها وجهة نظرها الخاصة، "والقيادة ذهبت للمشاركة لأنها لا تريد قول لا لكل المبادرات التي يتم تقديمها، خاصة أننا الطرف الأضعف في المعادلة الدولية"، مشيرةً إلى أن أن السلطة "ليس عليها ترك المسار السياسي، كما أنها ترد على الاعتداءات من خلال المقاومة الشعبية، سواء بالحجارة أو السلاح".

بدوره يرى عصمت منصور، المحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي، أن ما حدث في حوارة يدلل على طريقة تفكيرٍ وعملٍ جديدة للمستوطنين تجاه الفلسطينيين، "وتجربة لما يمكن أن يكون عليه الحال".

ويقول: "هناك قيادات وجماعات صهيونية أبدت دعمها لهذه الممارسات، وعدّتها رادعًا للتحرك الفلسطيني على الأرض، على اعتبار أن دخول المدن الفلسطينية وتنفيذ الاغتيالات غير كافٍ، بل على الفلسطينيين جميعًا أن يدفعوا الثمن".

وأشار إلى أن الصهيوني "سموترتيش"، يسعى إلى تثبيت فكرة أن يقبل الفلسطيني العيش على أرضه كمواطن درجة ثانية، أو أن يختار الهجرة، "وإلا فليَعِش تحت ضربات المستوطنين، وهذا ما يحدث فعليًا كون الفلسطيني لن يقبل بما تخطط له إسرائيل".

وتابع: "إن دخول المستوطنين على هذا المستوى من التسليح ليس مصادفة، بل ضمن سياسة ممنهجة مدروسة ولها أهداف، وما حدث في حوارة هو البداية لرصد ردات الفعل، ويعكس أيضًا استقلالية المستوطنين الذين باتوا يتحركون بمعزلٍ عن حكومتهم، ويستفيدون من الصلاحيات التي حصلوا عليها في الوزارات التي يقودونها؛ ليتعاملوا مع الضفة بشكل مستقل، وكأنهم خارج حسابات حكومتهم".

وحسب منصور، فإن هذه السياسة تقودها الصهيونية الدينية والأحزاب اليمينية المتطرفة، وتفرضها على الحكومة من خلال موقعها في المستوطنات وتمركزها في مدن الضفة، معلقًا بالقول: "هم لا يجدون أي مقاومة من قبل الجيش، فقد أصبح لديهم نفوذ، ولم يعد أحد قادر على إيقافهم".

ويقدر أن من الصعب إسقاط هذه الحكومة، لأن اليمين يدرك بأن ليس لها بديل، ناهيكم عن ضعف الضغط الأمريكي عليها، "فالعلاقة بين الجانبين متوترة منذ البداية، والضغط الوحيد الموجود عليها يكمن في العمليات الفلسطينية الفردية".

وتابع: "قمة العقبة لم تحقق شيئًا، وحتى نتنياهو قال: لم نتعهد بشيء. القمة أعطت متنفسًا لـ(إسرائيل) من أجل تنفيذ جرائمها، وضغطها على الطرف الفلسطيني الذي فرضت عليه التزامات امنية ستضعفه"، واصفًا إياها بالقمة "الأمنية" لا السياسية، "إذ لم تقدم أي التزام سياسي، بل إن ما يعرف بخطة "فينزل" لتدريب قوى الأمن ومواجهة العمليات الفلسطينية ما زالت ماضية".

وشدد منصور على أن الوقت يضيق أمام الفلسطينيين، "وبات على الحكومة الإقدام على خطوات تسهم فعليًا بإنقاذ وجودنا كشعب، وحمايتنا، فما يجري يمنح حكومة الاحتلال فرصة تثبيت الوقائع على الأرض وتهجير المواطنين"، مردفًا: "ولذلك مطلوب فورًا التوقف على الرهان على الخارج، واتخاذ خطوات لتحصين الجبهة الداخلية الفلسطينية، وأولها إنهاء الانقسام".

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير