شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م23:46 بتوقيت القدس

مخططات الاحتلال في الضفة ...خطرٌ داهِم وتراخٍ سياسيٍ مفجع

15 يناير 2023 - 13:11

شبكة نوى، فلسطينيات: غزة:

لن يبذل الناظر إلى حجم الاعتداءات الإسرائيلية على الضفة الغربية جهدًا ليدرك أن الاحتلال شنّ حربًا غير معلنةٍ على الشعب الفلسطيني منذ بداية العام، حيث ارتقى 13 شهيدًا في أول 15 يومًا فقط، في عملياتٍ عسكريةٍ استهدفت قلب المدن الفلسطينية وعلى رأسها جنين التي فقدت العام الماضي 59 شهيدًا قتلتهم إسرائيل بدمٍ بارد.

خطرٌ يطلّ بأنيابه على كل ما هو فلسطيني، وحكومة استيطانية لا تتردد في ممارسة كل ما هو عنصري نتاج أفكار دينية تعتبر الفلسطيني غازيًا لهذه الأرض، وسط ضعف وتهلهل الحالة الفلسطينية، ليكون الدم الفلسطيني وسيلة لبقاء حكومة نتنياهو الجديدة.

حسب المحلل السياسي د.بلال الشوبكي رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل، فإن حكومة الاحتلال تضم وزراءً جزءٌ من عقيدتهم استدعاء الحرب مع الفلسطينيين والعرب، وهم معنيون بتصعيد ليس بالضرورة خاضعًا لحسابات سياسية وأمنية بقدر ما هم منسجم مع هذه العقيدة التي ترى أن خلاص دولة الاحتلال من حالة الصراع مع الفلسطينيين يتطلب حرب شاملة.

لكن ما يعيق هذه الجماعات الصهيونية، حسب الشوبكي، هو وجود أحزاب وتيارات سياسية تريد تحقيق نوع من التوازن بين إقامتها لعلاقات على المستويين الإقليمي والدولي، وفي نفس الوقت تنفيذ أجندتها في الضم والتوسع، وفي ظل أن حكومة الاحتلال حديثة، فإن هذه الأفكار ما زالت تحظى بقبول لأن نتنياهو غير معنيّ بانهيار التحالف في وقت قريب، بالتالي سنشهد المزيد من التصعيد نتاجًا لتشكيلة هذه الحكومة.

أما العامل الآخر، يُكمل، فهو عدم وجود رؤية فلسطينية واضحة للتصدّي للاحتلال، وضعف الرد الدولي، إذن لا شيء يحول دون مواصلة هذه الجرائم.

ويوضح الشوبكي، إن الاحتلال يرى الضفة الغربية امتداد طبيعي لـ"دولتهم"، وهناك نية لعميلات تشريع تجعل من هذه المناطق تابعة لهم مباشرة، وبدأت خطوات عملية في هذا المجال، فبناء مستوطنة كان يتطلب موافقة وزارة الجيش سابقًا، والآن أحيلت للجهة المختصة وهذا أمرٌ خطير باعتبار كل هذه المناطق تحت سيطرتهم خاصة شمال الضفة والقدس والخليل.

أما على مستوى قطاع غزة، فهم تعاملوا معه باعتباره أداة لترويض الفلسطينيين، رغم الأداء النضالي العالي للقطاع لكن لو حدثت أي تطورات يكون الرد عادة أقسى وهو نموذج لعقاب الفلسطيني.

ويبدو رد الفعل الفلسطيني غير متناسب مع ما يجري على الأرض، في ظل عدم وجود استراتيجية موحّدة للنضال.

يقول الشوبكي إننا نتحدث عن عدة جهات، فعلى المستوى الرسمي الفلسطيني للأسف الخيار الوحيد هو اللجوء للمؤسسات الدولية، دون استثمار في النضال الفلسطيني، إذ يمكن تحريك عمل نضالي شعبي لمواجهة المستويات الاستعمارية، وحالة الانقسام تضعف الجبهة الداخلية، وحتى اللحظة الرد الفلسطيني ضعيف من كل الجهات، وليس هناك توقعات أن يكون هناك تحوّل جوهري في الأداء الفلسطيني، ما دامت العلاقات الداخلية متوترة ولا يوجد أفق للمصالحة.

واستبعد الشوبكي حدوث حرب بالمفهوم الكلاسيكي، وإنما تتجه الأمور للتصعيد في الضفة الغربية، ورغم المواقف المتواضعة للسلطة الفلسطينية والفصائل، لكن الشارع الفلسطيني سيتحرك من تلقاء نفسه بعيدًا عن الفصائل.

ورغم اعتقاد الشوبكي إن نتنياهو غير معنيّ بالمواجهة في ظل تركيزه على المستوى الإقليمي، فهو انشغل في تفكيك المخاطر وعمليات التطبيع على المستوى العربي، وهو لا يريد أن تنفجر الأوضاع بما يدمر ما بناه، فمثلًا هو أنجز تطبيعًا مع الإمارات لكن تدهور الأوضاع بالضفة قد تؤدي إلى تراجع علاقته مع الأردن التي تعدّ أكثر أهمية بالنسبة له على المستوى الاستراتيجي.

بدورها ترى المحللة السياسية ريهام عودة، إن ما يحدث في الضفة الغربية يأتي ضمن سياسة وزير جيش الاحتلال يوآف غالانت منذ توليه منصبه أواخر العام الماضي 2022، وسياسته العدوانية مستمرة ضد الفلسطينيين، فهم يحاولون بكل الطرق السيطرة على المقاومة بالضفة الغربية مهما أدى ذلك إلى سقوط ضحايا، بغية إنهاء ملف المقاومة بأسرع وقت حتى يتفرغوا لمخططاتهم الأخرى المتمثلة في المستوطنات والملف الإيراني والتطبيع.

وتشرح عودة إن القضاء على المقاومة أولوية للاحتلال، خاصة مع امتدادات حماس والجهاد الإسلامي وعرين الأسود وغيرها تكبر يوميًا، وهم لا يريدون لهذه الحركات أن تظهر لها إنجازات تؤثر على وضع الضفة الغربية مستقبلًا.

فالاحتلال يرى أن وضع قطاع غزة يمكن مواصلة السيطرة عليه عبر معادلة الهدوء مقابل التسهيلات الاقتصادية مع عمليات عسكرية محدودة بين فترة وأخرى تُبقِي جبهة غزة هادئة، أما بالنسبة للضفة الغربية، كما توضح عودة فالوضع مختلف كونها موضوع استراتيجي بالنسبة لهم، ولديهم خوف من انهيار السلطة، فخروج الأوضاع عن السيطرة هو خطر على المستوطنين، والاحتلال يسعى أيضًا إلى عدم وصول قوة المقاومة لأن تشن عمليات بالداخل المحتل.

ويشهد الشارع الإسرائيلي حاليًا مظاهرات داخلية تضعف من هذا التحالف الذي يريد تحقيق ما يسميه إنجازات بأسرع وقت ممكن للظهور بأنهم حكومة قوية وبإمكانهم الدفاع عن المستوطنين، ووفقًا لعودة فإن الاحتلال يشن عدوانه على الضفة فعليًا ضد المقاومة، لكن جغرافية الضفة مختلفة عن غزة، فهو يستطيع الدخول في أي وقت لاستهداف المقاومين.

أما على المستوى الفلسطيني، فخطابنا منقسم إلى قسمين كما توضح عودة، الأول خطاب المقاومة الذي تدعمه فصائل المقاومة وعرين الأسود وغيرها، والثاني الخطاب الدبلوماسي الذي تدعمه وتقدمه السلطة الفلسطينية، حول استخدام أدوات القانون الدولي ومحكمة الجنايات الدولية، ولا يوجد رؤية موحدة للجمع بين الخطابين، فكل خطاب له دوره وأهميته.

وفي ذات الوقت، تكمل، الخطابان لا يستطيعان التكامل بسبب حالة الانقسام التي شتت جهود الفلسطينيين، وعدم الاتفاق على رؤية موحدة للنضال والكفاح، وهو ما يضعف الموقف الفلسطيني، ويعيق أي إنجاز يمكن تحقيقه.

 

كاريكاتـــــير