شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الثلاثاء 16 ابريل 2024م23:29 بتوقيت القدس

مديرة "صحة الأم والطفل" بوزارة الصحة:

الصحة الإنجابية بغزة رهن السياسة والاقتصاد

30 مايو 2022 - 15:33

غزة:

"الصحة الإنجابية للنساء في قطاع غزة"، واحدٌ من الملفات الصحية المعقّدة في فلسطين، كيف لا؟ وهو الذي تُكبّلهُ الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، انقسامًا، وحصارًا، وبطالةً، وفقرًا فاقت نسبته مؤخرًا 54%!

نساءٌ يعجزن عن توفير الغذاء والدواء المناسبين، وأخرياتٌ يركبن قطار الزواج المبكر، وما يليه من حملٍ مبكر -ومنه ما يقع تحت تصنيف الخطر- وأمومةٍ مبكرة، ثم مسؤوليات جسدية ونفسية لا تتناسب والعمر الزمني الذي جئن منه.

وتحيي الأمم المتحدة، في الثامن والعشرين من مايو/ أيار من كل عام، اليوم العالمي لصحة المرأة، الذي أُقرَّ للفت الانتباه حول الصحة البدنية، والنفسية، والعقلية للنساء. وفي فلسطين، تعاني المرأة -لا سيما في قطاع غزة-  تدهورًا في الواقع الصحي عمومًا، وفي الصحة الإنجابية على وجه الخصوص. وعليه، تُسلّطُ "نوى" الضوء على واقعها ومشكلاتها في قطاع غزة عبر هذا الحوار مع مديرة دائرة صحة الأم والطفل في وزارة الصحة د.نهلة حلس.

وتؤكد د.حلس في بداية حديثها، أن الوزارة بغزة، تتبنى تعريف منظمة الصحة العالمية للصحة الإنجابية، الذي لا يكتفي بخلو الجهاز التناسلي للمرأة من الأمراض، ولكنه يشمل بالإضافة إلى ذلك اكتمال الصحة النفسية، والجسدية، والاجتماعية للنساء في سن الإنجاب.

وتحدثت د.حلس حول سعي الوزارة عبر برامجها المختلفة، ومن خلال وسائل الإعلام، والمجموعات التثقيفية، والمواد الإرشادية، لإيصال المعلومات الصحية للنساء في مواضيع متعددة، مثل التغذية، والحفاظ على الوزن السليم، والنظافة الشخصية، وفحص الثدي، وكل مواضيع الصحة الإنجابية.

وقالت: "عدد المراكز الصحية التي تغطي كافة المناطق في قطاع غزة هي 49 عيادة، 27 منها تتبع لوزارة الصحة، و22 تتبع لوكالة الغوث"، ورغم أنها لم تؤكد إن كانت تكفي للوصول إلى كل النساء، إلا أنها أشارت إلى افتتاح الوزارة حديثًا مركزًا صحيًا في بلدة خزاعة شرق مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة بسبب مطالبة المواطنين بذلك، رغم وجود مركز صحي لـوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

وأضافت: "الوزارة تعكف على دراسة كل المناطق سنويًا لتحديد مدى الحاجة لافتتاح مركز صحي، لكن الأمر أكبر من مجرد افتتاح مركز، فالمركز حتى يُفتتح ويؤدي مهامه المخطط لها، يحتاج إلى كوادر بشرية، وأدوات، واحتياجات مختلفة"، منبهةً إلى أن المراكز الموجودة تعمل على تقديم الرعاية الصحية للنساء، وتحويل الحالات التي تحتاج إلى مراكز متخصصة للعلاج هناك.

ووفقًا لإحصائية وكالة الأنباء الرسمية "وفا"، فإن نسبة الحمل الخطر في فلسطين بلغت وفق آخر تسجيل 18.6%، وهنا تبين حلس أن نسبته في قطاع غزة، وصلت إلى 32%، حيث تتبع وزارة الصحة سياسات وبرتوكولات منظمة الصحة العالمية في تقصّي عوامل الخطورة، ومنها الولادات القيصرية، وفقر الدم، "بل إنها توسع شبكة تقصي الخطورة، بهدف خفض نسبة المريضات والوفيات".

وقالت: "إن أسباب الحمل الخطر في قطاع غزة متعددة، وعلى رأسها تأتي الأوضاع الاقتصادية، والنفسية، والاجتماعية السيئة للنساء، بالإضافة إلى زيادة السمنة، وعدم التغذية السليمة نتيجة الفقر، وعدم الاهتمام لعوامل الخطورة والعوامل الوراثية".

وشرحت حلس أن الحمل بحد ذاته يشكل عبئًا نفسيًا على النساء، ويستهلك جهاز المناعة، "بينما هن في قطاع غزة يعانين تغذيةً سيئة بسبب الطعام غير الصحي، الذي يعتمد على السكريات، والكربوهيدرات، ويفتقد للحوم، والأسماك، والأجبان، والفواكه.

بالتالي تصبح السيدة -حسب حلس- عرضة لأمراض الضغط، والسكر، والسمنة، وبالتالي يصنف حملها ضمن "الحمل الخطر"، ناهيك عن التوتر المستمر، والضغوطات النفسية، التي تعانيها، والعنف الأسري من قبل الزوج أو العائلة، وغالبًا بسبب الفقر، "وهذا يؤثر على الهرمونات، ويحرمها الشعور بالأمان والاستقرار، ويصيبها بالاكتئاب، ويؤدي إلى أن لا ينمو الطفل بشكلٍ طبيعي، وقد تحدث إجهاضات".

وتابعت: "توفر الوزار كميات كافية من الحديد "الفوليك اسيد"، والفيتامينات، للنساء الحوامل بغرض تعويض فقر الدم الناتج عن سوء التغذية، بالإضافة إلى جلسات التثقيف والتصوير المستمر بأجهزة الألتراساوند، وإجراء كافة الفحوصات للأم بعد الولادة مع كل تطعيم لطفلها".

وتحدثت حلس عن تدهور الوضع النفسي للنساء في قطاع غزة نتيجة العوامل سالفة الذكر، وهو ما جعل الوزارة وعبر برنامج مناهضة العنف ضد المرأة، تنفذ برنامج التدخل الطبي، والإحالة، والتحويل، بالشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة بصحة النساء.

وتطرقت حلس للحديث عن تزويج الصغيرات دون سن 18، ما يعني تعريضهن للحمل المبكر، وهو ما يؤثر سلبًا على الفتاة وجنينها، "وفي هذا الصدد تجتهد الوزارة في إقناع الصغيرات بتأجيل الإنجاب إلى ما بعد 18 عامًا، عبر التوعية والتثقيف".

ومع ذلك تبقى نسبة حمل الصغيرات دون سن 18 عامًا ما بين 3 و4% من بين إجمالي حالات الحمل، رغم الانخفاض النسبي في نسبة تزويج الصغيرات، مشيرة إلى أن "الصحة" تنسق مع مؤسسات المجتمع المدني بشكل مستمر، وتقيم الشراكات للتوعية بخطورة الزواج المبكر، وذلك عبر ورشات تتم في المدارس، وفي المؤسسات والجامعات.

وتشير إحصائيات وزارة الصحة في قطاع غزة إلى أن نسبة حمل الصغيرات دون 16 عامًا بلغت العام الماضي 1.7% من مجموع الحوامل.

وحول النسبة التي تغطيها الوزارة بالرعاية الصحية، قالت حلس: "الوزارة تغطي 18 ألف حامل سنويًا، بنسبة 35% من الحوامل في قطاع غزة، بينما تغطي وكالة الغوث ما نسبته 60%، والباقي تغطيه مؤسسات أخرى".

وحسب بيانات وزارة الصحة في القطاع، فإن عدد النساء المستفيدات من خدمات تنظيم الأسرة بلغ 14.537 سيدة، بواقع (4.073 وزارة الصحة، و 10.464 وكالة الغوث).

وتشير بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في اليوم العالمي للسكان عام 2021م، إلى أن 13% من النساء الفلسطينيات لديهن احتياجات غير ملبّاة لتنظيم الأسرة، بواقع 14% في الضفة الغربية، و12% في قطاع غزة، بينما تلقّت 95% من النساء الفلسطينيات الرعاية الصحية قبل الولادة، واللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 15و49 سنة، وهو ما يفسر عدم تغطية وزارة الصحة ووكالة الغوث لكافة احتياجات النساء المتعلقة بصحتهن الإنجابية.

وبخصوص نقص الحديد وإبر الهيبارين، قالت: "هذا كان يحدث سابقًا بسبب الانقسام السياسي، إلا أن هذه المشكلة تم حلها الآن ولم تعد موجودة، فالأدوية تتوفر بشكل دائم".

وتابعت: "المرحلة الماضية سجلت 34 حالة وفاة لنساء أثناء الولادة منذ جائحة كورونا، لكن الوزارة شكلت لجنة لدراسة سبب هذه الوفيات، وبحث إمكانية تجبنها، فهناك 4 نساء من أصل 17 توفين بسبب جلطات أثناء الولادة، وعملت الوزارة على بروتوكول أثناء الحمل لمنع التجلطات، ومنع التسمم الدموي، ومنع التشوهات في القلب، وخفض الولادات القيصرية.

وبخصوص الولادات القيصرية لفتت إلى إنها ارتفعت إلى 29% عام 2021م، "وهي نسبة مرتفعة، تحاول الوزارة بحث أسبابها"، معقبةً بالقول: "في مستشفى الشفاء مثلًا تحدث الولادة القيصرية بسبب مضاعفات تتعرض لها المرأة، وهناك من يستسهل الولادة القيصرية خاصة في المراكز الخاصة، وهذا أحد الأسباب التي استدعت البحث في المشكلة".

أما ما تطمح إليه "الصحة" وتأمل تحقيقه -وفقًا لـ د.حلس- هو تحسين جودة الخدمات المقدمة للنساء، ومحاولة الوصول إلى رضا المستفيدات، وإزالة كل المعوقات أمامهن، وزيادة مراكز الرعاية، وتوسيع الانتشار أكثر، وتحسين جودة التدريب، وإدخال النظام المحوسب على خدمات الصحة الإنجابية كونها تعطي مؤشرات تسهل التقييم، بالإضافة إلى سرعة الوصول، وتطبيق البروتوكولات المحدّثة، وتقليل المريضات والوفيات.

تستدرك د.حلس بالقول: "لكن هناك معوقات تجاه تحقيق ذلك الطموح، وأبرزها النقص الحاد في الكادر البشري، فالصحة الإنجابية تعمل فيها فقط 30 طبيبة، و100 ممرضة، وهذا لا يكفي مطلقًا، كما أن افتتاح مراكز جديدة يتطلب تزويدها بالأجهزة، والمعدات، والتدريبات اللازمة والاحتياجات".

كاريكاتـــــير