شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م11:31 بتوقيت القدس

"تيتة مها" تحقق حلم ثلاثة عقود.. بمعدل 91%

05 اعسطس 2021 - 13:52

شبكة نوى، فلسطينيات: خان يونس:

من بين مئات المتفوقين والمتفوّقات في الثانوية العامة لهذا العام؛ خطفت الجَدّة مها الحصيني الأنظار بحصولها على معدّل 91% في الفرع الأدبي.

السيدة التي تبلغ من العمر 51 عامًا، ما زالت منشغلةً حتى اللحظة، باستقبال التهاني في بيتها بحي الأمل في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة. تنصت إلى أصوات الزغاريد، فتلمع عيناها حمدًا لله على "نعمة تحقيق الحلم".

تركت الحصيني مقاعد الدراسة قبل 35 عامًا، عندما تزوجت، وبدأت بإنجاب الأطفال، وذابت بين تفاصيل تكوين بيتٍ وعائلة. كانت تخشى "جدًا" من فكرة التقصير، فركنت إلى البيت وتربية الأطفال، لكن "الحلم" ظل يلاحقها مع كل شهادةٍ يجلبها ابنٌ أو ابنة إلى بيتها نهاية كل عام.

تقول لـ "نوى": "كنت متفوّقة في الدراسة، لكنني تزوجت بعد إتمامي الصف الثالث الإعدادي، وأنجبت أربعة أبناء تزوّج ثلاثة منهم، والأخير سيلتحق بالثانوية العامة العام المقبل".

الجدة لسبعة أحفاد، تحدّثت عن حنينٍ كان يلاحقها لأيام الدراسة لم يفتر مع كل تلك السنين، تفاصيل المدرسة، والدوام الصباحي، والمقعد، والصديقات، كلها ظلت تراودها لحظةً بلحظة.

قبل أن تخطو خطوة العودة، اتجهت مها خلال السنوات الماضية، لحفظ القرآن الكريم، فحصلت على دورات متقدمة في عدة تلاوات، "وهذا جعلني أؤمن بأنني ما زلت قادرةً على تلقّي العلم وحفظه وفهمه، وجدتُ نفسي أجيد الشرح الحل، وسألت نفسي في لحظةٍ لا أنسى تفاصيلها: لماذا لا أكمل تعليمي؟" تضيف.

هنا، قررت مها الالتحاق بالعام الدراسي الجديد، فحظيت بتشجيع كبيرٍ من قبل العائلة، خاصةً من زوجها الذي سرعان ما أكد ثقته بقدرتها على النجاح، وحمل أوراقها، وذهب لتسجيلها بنفسه في برنامج الدراسات.

"لكن واجهتني معوقات كثيرة ولا شك" تزيد السيدة مها، وتشرح: "أولها صعوبة المنهاج الدراسي، فبعد سنوات من الانقطاع وتغيّر المناهج، وجدت نفسي كالتائه في صحراء، لكنني سعيت للتغلب على ذلك بتكثيف الدراسة، والالتزام بمواعيد الدروس، ولا أنسى هنا مساعدة تلقيتها من جارنا وهو مدرس رياضيات".

أما المعوقّات الأكثر صعوبة من وجهة نظرها؛ فهي جائحة كورونا. تزيد: "لقد أثرت على وضعي النفسي إثر وجود إصابات في العائلة مع بداية العام، تلاها العدوان الذي شنه الاحتلال على قطاع غزة قبل الامتحانات بوقتٍ قصير، وحالة الرعب التي تملكتني وأنا أتخيل ما يمكن أن يحصل لبيتي، أو لأحد من أبنائي أو أحفادي حال تم قصف المنطقة".

لفترةٍ ليست بالبسيطة بعد انقضاء العدوان، وضعت مها الدراسة جانبًا، لكن بعد وقت، استيقظت من تلك الحالة، قررت أن لا تعطي الفرصة لأي هزيمة، ومضت تثابر. عادت تقلب كتبها، وتحضر دروسها، وقد وضعت نصب عينيها هدفًا عاهد نفسها أن لا تحيد عنه.

الجدة الطيبة، لا تخفي سعادتها بتلك البهجة التي كانت سببًا في دخولها بيت العائلة، وتقول لـ "نوى": "أحلم بالالتحاق بالجامعة، لكنني ما زلت حائرةً بين تخصصي اللغة العربية والإنجليزية (..) لا أعرف سأترك للأيام حسم القرار".

وتوجه الجدّة المتفوقة رسالة لكل النساء فتقول: "العلم هو سلاحكنّ لمواجهة الحياة، فيه القوة والمتعة والنفع"، مؤكدةً أن الإنسان كلما اتجه إلى التعلم، شعر بحاجته إلى المزيد.

تختم: "كل بدايةٍ صعبة، لكن الاعتياد والتأقلم طبع من طباع الإنسان السوي، والحياة بلا هدف ضياع".

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير