شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م19:48 بتوقيت القدس

"التلاعب" بسجل الناخبين.. "صندوق أسود" هل تُكشف تفاصيله؟

28 ابريل 2021 - 10:25

غزة- شبكة نوى :

في 17 من فبراير الماضي؛ فوجئ الناشط عيسى عمرو بنقل مركز اقتراعه من مدرسة خديجة عابدين وسط مدينة الخليل إلى مدرسة قلقس الأساسية التي تبعد 10 كيلو مترات عن بيته، ما خلق لديه حالة من الريبة والشك إزاء وجود تلاعب في سجلات الناخبين.

ويتساءل ابن مدينة الخليل عن السر خلف نقل مركز الاقتراع الخاص به الذي سجّله عبر الموقع الالكتروني للجنة الانتخابات في المنطقة القريبة من سكنه بمدينة الخليل الواقعة جنوب مدينة القدس.

عمرو: علامات استفهام على تأخير إعلان الكشف عن الفاعلين بنقل مراكز اقتراع ناخبين

عقب ذلك تقدّم الشاب عمرو بشكوى رسمية إلى لجنة الانتخابات والنيابة العامة برفقة العشرات من أصدقائه، لكنه وضع علامات استفهام على سبب تأخرها بالكشف عن الفاعلين حتى كتابة التقرير.

وكانت اللجنة المركزية للانتخابات أنهت منتصف فبراير مرحلة تسجيل الناخبين بتسجيل 421 ألفًا، ليصبح العدد الكلي لأصحاب حق الاقتراع 2,809 لكنها سرعان ما أعلنت تلقيها شكاوى من ناخبين حول العبث في بياناتهم ونقل مراكز الاقتراع التي سجلوا فيها، حيث تعرض لهذه الجريمة 300 ناخب، وعلى الفور أعادت الأمور لما كانت عليه، وهو ما أكده عمرو، مع استمرار قلقه على نزاهة الانتخابات.

ويرى أن عدم الكشف عن الفاعلين حتى الآن :"دليل على وجود جهات تنوي تزوير السجل الانتخابات واستهتاراً بالعملية الانتخابية ونزاهتها"، مشككاً بإعلان لجنة الانتخابات تحويل 10 أرقام هواتف ممن عبثوا بالسجل.

لم يقتصر الحال على عمرو فحسب، يقول الناشط صهيب زاهدة وهو أحد المتضررين في القضية ذاتها، إنه ما زال يُتابع هذه القضية مع لجنة الانتخابات، رغم عودة اسمه لمركز الاقتراع الذي سجّله في بادئ الأمر.

زاهدة: اللجنة المركزية تلبغنا أنها تتابع القضية مع النيالة وأن هناك تقدّم دون تفصايل

ورأى أن النيابة العامة "غير جادة" في الكشف عن معلومات حول القضية رغم امتلاكها المعلومات والبيانات الكافية، مستدركاً "لكن يبدو أن لديهم حالة خوف من ردّة فعل المواطنين بعد كشف الحقيقة".

وحمّل المسؤولية الكاملة للجنة الانتخابات بالدرجة الأولى والنيابة العامة لدورها في كشف الحقيقة، لافتاً إلى أن جميع أرقام الهواتف لها مصدر حتى لو لم تكن مسجلة، "وهو ما يضع علامات استفهام حول عدم جدية الكشف عن الفاعلين".

وأضاف: "هذه القضية مصدر قلق لي، لأن من استطاع تزييف مراكز الاقتراع، يستطيع تزييف نتائج الانتخابات كاملة، وهو ما يُشكك المواطنين بإجراءات اللجنة".

إعادة الأمور

مدير المكتب الإقليمي للجنة الانتخابات المركزية في قطاع غزة، جميل الخالدي، يرد إن "لجنة الانتخابات اكتشفت حادثة نقل أماكن الاقتراع لعدد من المواطنين دون علمهم في الخليل فور حدوثها، وأعادتها ثم أبلغت النيابة العامة".

وأشار الخالدي خلال حديث خاص إلى أن النيابة تتواصل باستمرار مع اللجنة، وأبلغتهم بالنتائج الأولية للتحقيقات.

ويزيد صمت اللجنة حالة الشك حول عملها، في حين أكتفى الخالدي بالرد "تم تحويل القضية إلى نيابة الخليل، وسيتم الإعلان عن النتائج عند الانتهاء من التحقيقات".

من الفاعل؟

بدوره، قال الخبير في الشأن القانوني الدكتور نافذ المدهون، "الأصل ألا يكون أي مدخل للتلاعب في بيانات الناخبين، وهذه مسؤولية لجنة الانتخابات"، منبّهاً إلى أن أي خلل تقني سيؤثر على العملية الانتخابية ونتائجها.

المدهون :لماذا لم يتم متابعة الخلل لحظة حدوثه ومعالجته، ومحاسبة الفاعلين لضمان نزاهة العملية الانتخابية؟

ووجه المدهون تساؤلاً للجنة "لماذا لم يتم متابعة الخلل لحظة حدوثه ومعالجته، ومحاسبة الفاعلين لضمان نزاهة العملية الانتخابية؟"، معتبراً ما جرى "مخالفاً للقرار بقانون الخاص بالانتخابات رقم (1) لعام 2007 الذي يعتبر التلاعب ببيانات الناخبين جريمة انتخابية".

وتنص المادة (108) من قانون الانتخابات الفلسطيني على أن "من ارتكب جرمًا مثل العبث بأي صندوق من صناديق الاقتراع أو السجلات الانتخابية أو الأوراق المعدة للاقتراع أو سرق أي من هذه السجلات أو الأوراق أو أتلفها أو لم يضعها في الصندوق، أو قام بأي عمل بقصد المس بسلامة الإجراءات الانتخابية وسريتها وفي هذه الحالة يعاقب بالحد الأعلى للعقوبة المنصوص عليها في هذه المادة بإحدى العقوبتين التاليتين أو بكلتيهما: ‌أ) الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر. ‌ب) غرامة لا تقل عن خمسمائة دولار أمريكي أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانوناً.

وقال المدهون "نخشى أن تقع هذه الحوادث مستقبلاً على مستوى سياسي وليس فقط اختراقات الكترونية".

وشدد على ضرورة أن "تنشر لجنة الانتخابات كل ما يتعلق بهذه القضية عبر موقعها الالكتروني، كونها تمس عملية ديمقراطية انتخابية كاملة".

ونبّه إلى أهمية إطلاع الجمهور الفلسطيني على نتائج التحقيقات بهدف التأكد من نزاهة اللجنة في إدارة العملية الانتخابية، منوهاً إلى أن التحركات التي تبذلها بعض الجهات الحقوقية لا ترتقي للمستوى المطلوب بحجم الحدث.

أين وصلت القضية؟

في السياق، تواصلنا مع مديرة المناصرة والمساءلة المجتمعية في مؤسسة الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، هامة زيدان التي تراقب عمل لجنة الانتخابات، حيث أفادت بأن مؤسستها طلبت من النيابة العامة الإعلان عن نتائج التحقيق، عدا أنها تواصلت مع لجنة الانتخابات بذات الشأن.

وأوضحت زيدان أن هذه القضية أثارت الخوف والشكوك لدى المواطنين حول نزاهة العملية الانتخابية، خاصة أنها حدثت في أولى مراحل التحضير للانتخابات، "وهو ما دفعنا للتدخل السريع".

زيدان: القضية أثارت الخوف والشكوك لدى المواطنين حول نزاهة العملية الانتخابية، خاصة أنها حدثت في أولى مراحل التحضير

وقالت: "سنتابع نتيجة التحقيق بعد تحويله إلى نيابة الاختصاص في الخليل، ثم سنعاود مراسلة النيابة مرة أخرى، حال لم يتم الوصول لنتيجة نهائية في هذه التحقيقات".

وأكدت زيدان، أن أمان تسعى لتعزيز نزاهة العملية الانتخابية، وفي حال اكتشاف تجاوزات أو اختراقات يتم مخاطبة الجهات القانونية المختصة لمتابعتها، معتبرة الحادثة "فعل غير قانوني ويجب محاسبة الفاعلين".

هل تنجح؟

وبالعودة إلى الخالدي، إذ يقول إن هذه القضية جعلت اللجنة موضع اختبار أمام الجمهور لإثبات مدى نزاهتها في العملية الانتخابية ككل، متابعاً: "من مصلحة اللجنة الوصول لنتائج نهائية وإطلاع الجمهور على حقيقة ما جرى، لأن ما حدث شكّل ثغرة في النظام الالكتروني لها".

وشدد الخالدي على ضرورة أن "تستخلص اللجنة العبر مما حدث، ونحن حريصون أن تتم مصارحة الجمهور لكن يبقى الأمر لدى المحكمة".

الخالدي: هناك ضرورة لاستخلاص العبر مما حدث، ونحن حريصون أن تتم مصارحة الجمهور لكن يبقى الأمر لدى المحكمة

وعن طول مُدة الكشف عن مُجريات القضية حتى الآن، ردّ الخالدي "هذا الأمر لدى النيابة، ونحن حريصون على إظهار الحقيقة، لإنهاء شكوك المواطنين".

وبعد محاولات عدّة أجراها معد التقرير للتواصل مع النيابة العامة في رام الله، للوقوف على تفاصيل مُجريات التحقيقات بشأن القضية، لكنها اكتفت بالرد أنها "باشرت بالتحقيق منذ اللحظة الأولى ضمن إجراءات سرية وفقاً للقانون" دون الإفصاح عن أي تفاصيل أخرى.

وكان الرئيس محمود عباس أصدر في منتصف يناير الماضي مرسوماً رئاسياً لإجراء الانتخابات التشريعية في 22/5/2021، ثم يليها الرئاسية في 31/7/2021، ثم استكمال المجلس الوطني في 31/8/2021.

وفي النهاية، ترك معد التقرير تساؤلاً حول مدى قدرة لجنة الانتخابات والنيابة العامة للكشف عن العابثين وإعلان أسماءهم أمام الجمهور، أم ستبقى القضية طي الكتمان؟

كاريكاتـــــير