شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م22:35 بتوقيت القدس

عُنق "القطاع الحقوقي" في قبضة القرار بقانون رقم (7)

06 مارس 2021 - 09:12

غزة/ فلسطينيات- شبكة نوى:

ينظر المجتمع الحقوقي في فلسطين، بعين الخطورة، إلى القرار بقانون رقم (7) لعام 2021م، المتعلق بتعديل قانون الجمعيات الخيرية والأهلية.

فالقرار الذي يتيح للسلطة التنفيذية، تدخلًا مطلقًا يمس بجوهر عمل المؤسسات الأهلية حد الإقصاء، يضيق مساحات عمل القطاع الحقوقي منها، لا سيما قبيل انطلاق الانتخابات الفلسطينية العامة في مايو/ آيار المقبل.

ونشرت "جريدة الوقائع الفلسطينية" في عددها الصادر بتاريخ 2 مارس/ آذار الجاري، قرارًا بقانون حمل الرقم (7) لسنة 2021، ينص على تعديل قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية رقم (1) لسنة 2000.

القرار تيح للسلطة التنفيذية، تدخلًا مطلقًا يمس بجوهر عمل المؤسسات الأهلية حد الإقصاء.

والقرار بقانون الذي صادق عليه الرئيس محمود عباس، جاء في ثماني مواد، تفرض على الجمعيات والهيئات أن تقدّم تقارير مالية، وميزانيات مدققة بشكل سنوي، ووفق مواعيد محددة، تتضمن جميع المصاريف والإيرادات إلى الوزارة المختصة، وأن تقدّم أيضًا تقارير مفصلة بالأنشطة التي قامت بها طوال العام.

الحقوقي مصطفى إبراهيم، يؤمن بأن القرار –وبقدر الخطورة التي يمثلها- فإنه يتناقض أيضًا مع تعزيز الحريات العامة، ويمس ببيئة الحقوق قبيل العملية الانتخابية، "لا سيما وقد تعهدت جميع الأطراف والفصائل الفلسطينية بصون الحريات في الضفة الغربية وقطاع غزة، سعيًا لإنجاح الانتخابات خلال حوارات القاهرة مطلع شباط/ فبراير الماضي".

ويقول إبراهيم لشبكة "نوى": "هذا القرار بقانون، يأتي في وقتٍ تواجه فيه المؤسسات الحقوقية أصلًا، حملةً منظمة من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، التي تسمُها بـ"الإرهاب"، خصوصًا بعد قرار المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق في جرائم الحرب الناتجة عن الأعمال العسكرية الإسرائيلية".

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يصفُ فيها الاحتلال، المنظمات والهيئات الحقوقية الفلسطينية بالإرهاب، ففي مطلع عام 2020، دعا وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، غلعاد إردان، الاتحاد الأوروبي، إلى وقف تمويل مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية كونها "منظمات لها علاقة بمنظمات إرهابية" على حد تعبيره.

وتزيد خطورة القرار – بحسب إبراهيم – كونه يأتي على ضوء ما تقوم به المؤسسات الحقوقية من مناهضة عنف الاحتلال، والدور المهم الذي تؤديه، سواءً على المستوى الداخلي بمتابعة الانتهاكات العامة وحقوق الإنسان، أو على المستوى الخارجي في القضايا ذات العلاقة بمقاضاة الاحتلال والمسؤولين الإسرائيليين أمام الجنائية الدولية.

نص قرار الرئيس على تعديل قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية رقم (1) لسنة 2000.

ويرى إبراهيم، أن الأخطر من هذا كله في القرار بقانون، يكمن فيما يمثله من "تناقض مرعب" مع طبيعة عمل المؤسسات الأهلية والحقوقية منها، إذا ما صارت تتبع للسلطة، مشيرًا إلى أن مبرر وجود هذه المؤسسات في الحيّز العام، ليس مبنيًا فقط على الحقوق، بل في إتاحة الفرصة أمام الكل الفلسطيني للعمل في الشأن العام.

ويضيف: "المؤسسات الأهلية باعتبارها جهات رقابية وشريكة في التنمية وإعداد السياسات الوطنية، إلا أنها ومن خلال الدور القانوني المنوط بها كجهة رقابية مدنية، تعمل على مراقبة أداء المؤسسة الرسمية الفلسطينية"، ملفتًا أن القرار بقانون رقم (7) الخاص بالجمعيات، يلزمها وكل الهيئات الأهلية، بأن تكون خطة عملها السنوية منسجمة مع خطة وزارة الاقتصاد، البعيدة عن برامج المؤسسات الأهلية وأهدافها".

يتسائل مستهجنًا: "كيف سنقوم بعملنا كمؤسسات حقوقية، ونراقب عليها كمؤسسة رسمية، وخطتنا غير منسجمة معها؟!".

ويتابع: "القرار يُعدُّ امتدادًا لقراراتٍ سابقة، اتُخذتْ ضد الجمعيات، مثل إغلاق حسابات بعضها، واستهداف مؤسسات غير ربحية، وإجبار كل واحدة من الشركات غير الربحية على تقديم أوراقها للحكومة، من أجل الحصول على موافقتها قبل الحصول على أي منحة، وهو ما يعدُّ تقييدًا كاملًا لحرية عملها"، واصفًا ما يجري بأنه "تغول على المجتمع المدني في بلد واقع أصلًا تحت نير الاحتلال".

احتكار للشأن العام

من جهته، يؤكد الحقوقي عصام يونس، أن القرار بقانون الجديد، ينطوي على مساسٍ غير مسبوق بحرية عمل الجمعيات، ويتناقض مع الاتفاقيات الدولية بشأن الحريات، التي انضمت إليها السلطة الفلسطينية ومنها: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

ويقول يونس وهو مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان في غزة: "ما يجري هو تغول واحتكار للشأن العام، ويؤثر على عمل المؤسسات الأهلية، وحقوق الإنسان على وجه الخصوص".

ويكمل يونس: "المؤسسات الحقوقية تتعرض لأشكال مختلفة من التغول الإسرائيلي ضدها، من خلال وسمها بـ "الإرهابية واللا سامية"، وقرار الرئيس الجديد يضع المزيد من القيود على مساحات عملها".

والمطلوب بنظر يونس، التراجع الفوري عن القرار، "فلن يمضي المجتمع قدمًا، ولن يتوازن في عمله، وسط تقليص مساحة الحريات الموجودة في الفضاء العام".

ويزيد: "المؤسسات الحقوقية لها دور وطني، حتى من قبل تأسيس السلطة الفلسطينية، وقد كنا بانتظار توسيع الهوامش أمام الفاعلين السياسيين في فلسطين، لا تدخلًا سافرًا بالقضاء على هذه الشاكلة".

يبلغ عدد المؤسسات المتضررة من القانون نحو (4616) مؤسسة مجتمع مدني فلسطينية

ويوضح يونس، أن القرار بقانون سيؤثر بشكل مباشر على قدرة المؤسسات ودورها في عملية الرقابة على الانتخابات، "فالكل يتطلع إلى مجلس تشريعي بصفته المنوط به تشريع القوانين، وما يجري هنا، هو استباقٌ لعمل المجلس التشريعي، وهذه بيئة لا نستطيع العمل فيها بكل تأكيد".

وعن الإجراءات التي تسعى المؤسسات الحقوقية لاتخاذها من أجل مواجهة القانون، يوضح يونس أنه "لا خيار سوى إلغاء القرار والتراجع عنه"، ملفتًا إلى أن مؤسسات المجتمع المدني، أمامها العديد من الخطوات التي ستسعى من خلالها لتوضيح الأمر للحكومة، وحثها على سحب القرار بقانون، القاضي بتعديل قانون الجمعيات الخيرية والأهلية.

ويبلغ عدد المؤسسات المتضررة من القانون نحو (4616) مؤسسة مجتمع مدني فلسطينية، موزعة: (42% في الضفة- 31% في قطاع غزة، 11% في القدس، 14% خارج فلسطين، و2% في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948).

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير