شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 20 ابريل 2024م03:47 بتوقيت القدس

عقب قرار الجنائية الدولية

عيون ذرفت دموع الفقد تنشد العدالة

06 فبراير 2021 - 22:43

غزة:

في 7 يناير 2009 استقبلت أم أحمد الصعيدي ابنها محمد شهيدًا، إثر استهدافه وصديقه من قبل طائرة حربية إسرائيلية مزّقت جسديهما النحيلين تمامًا.

كان محمد وصديقه عبد الله يبلغان من العمر 15 ربيعًا، أرادا لعب كرة القدم في ساحة قرب بيتهم الكائن في الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، إبّان العدوان الإسرائيلي الذي بدأ في 28 ديسمبر 2008، وانتهى بعد أكثر من شهر مخلّفًا نحو ألفي شهيد وآلاف الجرحى والمنازل المدمرة.

تقول أم أحمد بينما تقلّب بين يديها ملابسه التي ما زالت تحتفظ بها رغم مرور 12 عامًا على استشهاده :"أذكر جيدًا ذلك اليوم المشؤوم الذي حُرمت فيه من ابني للأبد، بعد الحرب سعيت بكل الطرق للمطالبة بمحاكمة من تسبب في قتله دون جدوى، ولم أفقد الأمل يومًا فما ضاع حق وراءه مُطالب".

يوم أمس 5 فبراير 2021 أصدر قضاة المحكمة الجنائية الدولية قرارًا يقضي بأن المحكمة ومقرها لاهاي لها ولاية قضائية على الأراضي الفلسطينية ما يمهد الطريق للتحقيق في جرائم حرب فيها.

أم أحمد:الاحتلال وضباطه اعتادوا الإفلات من جرائمهم، وأنه لا أحد يحاسبهم، ولكن علينا مواصلة المطالبة بتقديمهم للعدالة

بالنسبة إلى أم أحمد فإن هذا القرار بمثابة فرصة لتقديم مرتكبي جريمة قتل ابنها للعدالة كما تقول:"واثقة أنها فرصة، صحيح أن الاحتلال وضباطه اعتادوا الإفلات من جرائمهم، وأنه لا أحد يحاسبهم، ولكن علينا مواصلة المطالبة بتقديمهم للعدالة".

الحال يبدو مشابهًا بالنسبة للسيدة رانيا أبو حسنين، التي قتل الاحتلال الإسرائيلي زوجها قبل 14 عامًا وترك طفليها الذين كانا في عمر ثلاث سنوات وعام واحد، أيتامًا، فكيف لها أن تنسى لحظة وصول جثمان زوجها ممزقًا كومة من اللحم المختلط بالدماء.

تقول رانيا :"قرار المحكمة الجنائية الدولية مهم، هو فرصتي لأخذ حقي ممن حرمني زوجي وحرم أبنائي من والدهم وجعلهم يعيشون أيتامًا، أنا أدعو جميع عائلات الشهداء إلى اتخاذ خطوات باتجاه تفويض من يمكنه تقديم قادة الاحتلال للعدالة الدولية".

ولكثرة خيبات الأمل السابقة، كانت السيدة رانيا تستبعد أن يأتي هذا اليوم، فلطالما كانت المنظومة الدولية غير عادلة تجاه الضحايا في فلسطين، فزوجها الذي كان يعمل في مؤسسة دولية، تم استهدافه وهو داخل سيارته وقتله، وحينها رفضت مؤسسته صرف مبلغ التأمين لأطفاله، بل طالبوها بعدم التقدّم بأي مطالبة قانونية بهذا الخصوص بحجة أن ما حدث تم في منطقة نزاع.

رانيا:مطلبي واضح للسلطة الفلسطينية أن تتابع ملف الضحايا من أجل إنصافهم وإنصافنا كعائلات

تكمل :"لا نريد شيئًا الآن سوى العدالة لنا كأهالي ضحايا، ربما لا نعرف تفاصيل كيف تجري الأمور داخل المؤسسات القانونية الدولية، ولكن مطلبي واضح للسلطة الفلسطينية أن تتابع ملف الضحايا من أجل إنصافهم وإنصافنا كعائلات".

اعتاد الاحتلال الإسرائيلي على الدوام الإفلات من العقاب على جرائم يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني منذ احتلاله عام 1948، ومجازره المتواصلة بلا توقّف، ربما أحدثها العدوانات الثلاث على قطاع غزة (2008-2012-2014) والتي خلّفت آلاف الضحايا والجرحى وتدمير عشرات آلاف المصانع والمنازل والأحياء السكنية بل إن عائلات بأكملها شُطبت من السجل المدني.

في مقابلة مع نوى يؤكد عصام يونس مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان أهمية هذا القرار، فهو تطور انتظرناه كثيرًا، فالشعب الفلسطيني توّاق للعدالة المغيّبة في هذا الجزء من العالم، وقرار انطباق الولاية المكانية لميثاق روما على الأراضي الفلسطينية يعني أن المدعية العامة بإمكانها الآن المباشرة في فتح تحقيق وأن الضحايا الذي لم يُنصفوا قد يكون بإمكانهم الآن الحصول عليها.

يونس:من غير الممكن ترك الضحايا الفلسطينيين دون حماية وقرار المحكمة قد يشكّل ضمانة لعدم تكرار ما حدث

إذن هي فرصة لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين من جهة، ومن جهة ثانية وفقًا ليونس، فإنه من غير الممكن ترك الضحايا الفلسطينيين دون حماية وقرار المحكمة قد يشكّل ضمانة لعدم تكرار ما حدث سابقًا من جرائم بحقهم، خاصة وأن الجرائم التي سيتم التحقيق بشأنها ليس فقط جرائم القتل، بل هي تطال استهداف المنازل والممتلكات والمرافق والخدمات ودور العبادة، كل تأتي في إطار جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

وبالطبع فالطريق لن تكون مفروشة بالورود- يقول يونس- فطريق العدالة طويلة وشاقة، ولسنا سذّج لنعتقد غير ذلك، فخلال الفترة الماضية ثمة ضغوط هائلة تسببت في تأخير صدور القرار، والاحتلال كان ينظر لنفسه أنه لن يكون في موضوع مساءلة أبدًا، لكن في النهاية صدر، فالعالم تغيّر الآن.

وبكل الأحوال، فالاحتلال سيضع كل طاقاته في عرقلة عمل محكمة الجنايات الدولية، وإخراج المؤسسات التي تعمل على هذا الملف عن دائرة العمل الشرعي والمهنية كما يتوقّع يونس، فالسنوات الماضية شهدت التحريض على مؤسسات حقوق الإنسان واتهامها تارة بالإرهاب وتارة باللاسامية، ولكن هي في النهاية تقوم بواجبها، والمحكمة الدولية الآن في موضع اختبار لمهنيتها ومصداقيتها ومدى قدرتها على الوصول إلى العدالة التي ينشدها الفلسطينيون.

الآن، باتت الجنائية الدولية في مرحلة ما قبل التحقيق الأولي، وهي المرحلة التمهيدية لجمع المعلومات، بعد أن تولّد لديها قناعة بأن ثمة جرائم ارتكبت هنا، وهي- وفقًا ليونس- لديها كم هائل من المعلومات بوسعها الاعتماد عليها، لكنها لا تنظر في قضايا فريدة، إنما تناقش ملفًا كاملًا، ولديها آليات للوصول على الضحايا، أما بالنسبة لمؤسسات حقوق الإنسان، فالآن بات دورها التعاون في تقديم ما لديها من معلومات للمحكمة الدولية.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير