شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م04:17 بتوقيت القدس

التقدير الاستراتيجي الإسرائيلي: إبقاء رأس غزة فوق الماء

12 يناير 2021 - 11:42

غزة:

في ظل جملة من التعقيدات السياسية التي تشهدها القضية الفلسطينية، أصدر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي تقديره الاستراتيجي السنوي.

وقد درج التقدير الأمني الإسرائيلي الذي يصدر سنويًا عن مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي التابع لجامعة تل أبيب والذي يرأسه الجنرال عاموس يادلين إلى تصنيف ما يسموه "المخاطر المحيطة بدولتهم" التي أسسوها عام 1948 على ركام المدن والقرى الفلسطينية التي قتلوا أصحابها وهجّروا من بقي حيًا منهم.

 أبرز التوصيات الواردة في هذا التقدير كما ذكرتها وسائل إعلام عبرية هي ضرورة كبح التعاظم العسكري لحماس في قطاع غزة وربما توجيه ضربة للذراع العسكري، بناء علاقة سليمة مع إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن وتبني أسلوب غير تصادمي، توسيع قاعة التطبيع مع الدول العربية، الاستعداد لاحتمالية الحرب على عدة جبهات، العمل على دمج مصر والأردن والسلطة الفلسطينية في التعاون الإقليمي، وتقوية السلطة الفلسطينية التي تشكل عنواناً شرعياً لتسوية مستقبلية.

حول أهمية هذا التقدير بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي يوضح الباحث السياسي عزيز المصري إنه صادر عن معهد دراسات الأمن "القومي الإسرائيلي"، وهو خلاصة عمل مجموعة من خبراء الأمن وجنرالات متقاعدين من الجيش الإسرائيلي، ويعتبر بمثابة توصية غير ملزمة للحكومة الإسرائيلية التي لها حساباتها الخاصة التي قد تتوافق أو تتعارض مع مراكز البحث لديها.

المصري:الاحتلال ما زال يتعامل مع قطاع غزة حسب التقدير الاستراتيجي وفق سياسة إبقاء الرأس فوق الماء

"الاحتلال ما زال يتعامل مع قطاع غزة حسب التقدير الاستراتيجي وفق سياسة إبقاء الرأس فوق الماء، وهي سياسة ذات مخاطر كبيرة على المدى البعيد بالنسبة للاحتلال"، يقول المصري الذي يتوقّع أيضًا أننا نقترب من مواجهة عسكرية مفتوحة في القطاع وقد تأجّلت بسبب جائحة كورونا لديهم.

ويعتقد المصري إن الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن لن يعارض هذا التوجه في التعامل مع قطاع غزة لصالح تقوية السلطة الفلسطينية بالمعني السلبي وليس الإيجابي، أي نقل المعركة إلى الملعب الفلسطيني الفلسطيني الداخلي.

إلا أنه لا يمكن الجزم بكيفية تعامل الاحتلال الإسرائيلي مع الإدارة الأمريكية الجديدة قبل نتائج الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، وفي حال استمرار نتنياهو؛ فهو لديه خبرة في التعامل مع الديمقراطيين في الولايات المتحدة، بالتالي هو لا يحسب حسابات التصادم أو عدم التصادم، فالاحتلال الإسرائيلي بكل الأحوال سيفعل ما يراه مناسبًا بغض النظر عن مدى توافق هذا الأمر مع إدارة بايدن أم لا.

فلسطينيًا بشكل عام علينا إعادة دراسة خياراتنا من جديد بإصلاح النظام السياسي وتوحيد القوى الوطنية قبل خوض الانتخابات التشريعية وليس العكس، وإلا- يقول المصري- سنكون أمام مشهد مماثل لمشهد 2006 وبشكل أخطر بكثير.

تتفق مع المصري إلى حد كبير الباحثة السياسية ميس القناوي التي تعتقد أننا دون اللجوء إلى مبالغات في حجم قدرات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة؛ فإن القيادة العسكرية والأمنية للاحتلال لا ترتاح لتنامي قدرات المقاومة العملياتية والتدريبية وتعزيز قدراتها في المناورة والصمود، فالاحتلال يسعى إلى فرض خناق على عمليات توريد أو تطوير أسلحة نوعية إلى أو في غزة، وهي تقوم بجهود لتحييد خطر الأنفاق العابرة ومجهودات استخبارية لفك لغز الأنفاق غير العابرة.

وعلى الجانب الآخر- تقول القناوي- فالاحتلال يحاول تمرير رسالة إلى غزة مفادها أن القدرة على الاستمرار مرتبط بعوامل اقتصادية ومالية تملك هي مفاتيحها بشكل مباشر وغير مباشر، لذا فإن تجنّب المواجهة يعني الكثير والذهاب لها يعني خسارة لا يستهان بها.

القناوي:الاحتلال سيُبقي العلاقة مع المستوى الفلسطيني الرسمي الفلسطيني بالحد الأدنى اللازم لتواجد الطرفين

وبالنسبة لتوقعاتها بشن الاحتلال حرب على قطاع غزة، قدّرت أنه في علوم السياسة واستراتيجية التخطيط القائم على مجموعة سيناريوهات؛ فإن الحرب يجب أن تكون متوقعة في كل وقت، لكن يبقى السؤال لماذا الذهاب إلى الحرب؟ وما المكاسب المتوقعة؟ وما التكلفة؟ وما هي النقطة التي يكون فيها خيار الحرب أفضل؟

وشرحت القناوي إن الحرب في عُرف الاحتلال الإسرائيلي يكون لتحقيق أحد هذه الأهداف أو جميعها وهي تحييد تهديد وشيك أو محتمل، وقف تعاظم قوى قد تشكل تهديدًا محتملًا غير محسوب العواقب، فرض معادلة سياسية أو ديموغرافية جديدة، احتلال أو ضم أراضي، إسقاط نظام قائم واستبداله بآخر، وأغلب التقدير فإن الاحتلال يفاضل ويخطط لواحدٍ أو أكثر من الخيارات الثلاث الأولى.

وعلى ضوء ما ورد في التقدير من توصية بضرورة تقوية السلطة الفلسطينية، تعتقد القناوي إن الاحتلال سيُبقي العلاقة مع المستوى الفلسطيني الرسمي بالحد الأدنى اللازم لتواجد الطرفين، ليس من مصلحة الاحتلال غياب شريك فلسطيني، فالضفة أصبحت قريبة من يافا التاريخية والإبقاء على معادلة محسوبة ودقيقة جدًا تمنع الانفجار مهم، لكنها لا تسمح بتشكيل ضغط سياسي وغير سياسي من الضفة وهذا رأس أولويات حكومة الاحتلال، فهي غير مستعدة لأي "فوضى" الآن ولا لأي خطط استبدال إلا أن ينضج الإقليم وتكون الظروف مواتية.

وتوقّعت القناوي أن يستمر مسلسل التطبيع بشكل حثيث، فالاحتلال يعلم إن التطبيع علامة ضعف للمطبّعين وهي سعيدة بهذا وستساهم من خلاله في تعزيز حالة الضعف والاعتمادية على الخارج وعلى شرعية الإشارات الصادرة من تب أبيب وواشنطن، تحالف القوي والضعفاء أمام دول متمردة كإيران وسوريا.

وعلى ضوء كل هذه التغيرات لا يبقى أمام الفلسطينيين- كما ترى القناوي- سوى إعادة التذكير بما نقوله دومًا وهو الوحدة وإنهاء الانقسام وإزالة آثاره، إعادة ترتيب الأولويات، إعادة رسم تحالفات دولية وإقليمية جديدة، التوافق على استراتيجية مقاومة جديدة تكون قادرة على الصمود في ظل معطيات اقتصادية وسياسية أخرى، سياسة موجهة نحو إضعاف شرعنة إسرائيل على الساحة الدولية.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير