شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م18:40 بتوقيت القدس

خسارةٌ جديدة.. "فراولة غزة" سُقيَت مُرّ "كورونا"

29 سبتمبر 2020 - 16:52

شبكة نوى، فلسطينيات: بيت لاهيا:

على الشريط الحدودي لبلدة بيت لاهيا شمال شرق قطاع غزة، تنهمك المزارعة جازية فلفل في متابعة عمالها الذين يواصلون لليوم الثاني على التوالي، زراعة أشتال الفراولة في أرضها البالغة مساحتها ثماني دونمات.

"جازية" هي واحدةٌ من ضمن عشرات المزارعات والمزارعين الذين تضرروا بفعل جائحة "كورونا"، عندما واجهتهم صعوباتٍ كبيرة في تأمين عمّال، "فالكل متخوف، ويخشى انتقال العدوى له ولأفراد عائلته"، بالإضافة إلى فرض وزارة الداخلية في قطاع غزة حظر التجول، ما حرمها من الوصول إلى أرضها، وتلف قرابة دونم ونصف من الأشتال التي أعدّتها استعدادًا للموسم.

تحتاج جازية لكل يومٍ زراعي إلى 20 عاملًا، وبالكاد تمكنت من تأمين عددٍ قريبٍ قبل بدء العمل بساعات، ما دفعها إلى العمل بنفسها معهم في حمل الأشتال وزراعتها، بالإضافة إلى زوجها وابنيها.

لقد تكبدت السيدة الستينية خسارةً فادحة، عندما اضطرت إلى استبدال شتلاتها التالفة بأشتالٍ جديدة، لا تعلم ما إذا كانت ستنمو بشكلٍ جديٍ أم لا، في ظل جدول الكهرباء والماء غير المنتظم في منطقتها، الأمر الذي دفعها قبل يومين إلى المبيت في الأرض التي تواجه دبابات الاحتلال، كي تسقي الأشتال بمجرد وصول المياه تمام الثانية فجرًا.

المزارعة جازية: دفعت حتى الآن  15 ألف شيكل وأخشى عدم التمكن من التسديد إن استمرت الجائحة

تضيف لـ "نوى": "يومية العامل هنا 50 شيكلًا، لقد دفعتُ حتى الآن مبلغ 15 ألف شيكل، في ظروفٍ اقتصاديةٍ صعبة، ولا تخفى على أحد"، معربةً عن خشيتها عدم تمكنها من تسديد هذا المبلغ إن استمرت الجائحة، "وهذا قد يعني خسارةً إضافية بالنسبة لي".

ما بين جائحة "كورونا" التي داهمت قطاع غزة قبل نحو شهر، وإجراءات الاحتلال الإسرائيلي ضد المنطقة المحاصرة منذ 14 عامًا، يُطبِقُ الواقع المرُّ بفكيه على أحوال مزارعي ومزارعات التوت الأرضي "الفراولة" شمال قطاع غزة. جازية ليست الوحيدة، فليس ببعيدٍ عن حالها المزارع الفلسطيني رائد قعدان.

يقول قعدان لـ "نوى": "إن مزارعي الفراولة يعانون منذ خمس سنوات بسبب توقف تصدير الذهب الأحمر إلى أوروبا بفعل إجراءات الاحتلال، وها هي كورونا جاءت لتكمل الغمة".

ويشرح المزارع الذي يمتلك 15 دونمًا بالقول: "أحتاج يوميًا إلى 40 عاملًا، كلهم مطلوب مني أن أدفع أجرتهم، ناهيك عن أن بعض ما زرعناه كان بالدَين، على أمل أن يكون الموسم جيد".

يشكو قعدان هو الآخر، فرض حظر التجوّل، الذي حرمهم من الوصول إلى أراضيهم، ولكن بعد تواصل الجمعية الزراعية في بيت لاهيا مع لجنة طوارئ "كورونا"، تم السماح لهم بعددٍ من الساعات، يستطيعون خلالها الزراعة، "رغم أنها غير كافية" يعلق.

قعدان: موسم الفراولة مشغّلٌ رئيسي لنحو 5000 يد عاملة، وإن استمرت جائحة كورونا، واستمر الإغلاق بشكلٍ جيد، فسنتعرض لخسارةٍ لا سابق لها

ويتابع: "موسم الفراولة مشغّلٌ رئيسي لنحو 5000 يد عاملة، وإن استمرت جائحة كورونا، واستمر الإغلاق بشكلٍ جيد، فسنتعرض لخسارةٍ لا سابق لها بسبب فشل التسويق أيضًا".

الفراولة ليست بالفاكهة التي يمكن أن تصبر، وفقًا لقعدان، الذي وصف حالها بقوله: "من المنتج إلى المستهلك مباشرة، إذا ظلت بدون تسويق بتخرب".

في قطاع غزة تتم سنويًا زراعة 1700 دونمًا من الفراولة، التي يبدأ غرسها في أيلول/ سبتمبر، لتثمر في مطلع كانون أول/ ديسمبر، أما هذا العام، فما تم زراعته 2700 دونمًا، يعمل فيها سنويًا 5500 عاملة وعامل، تغطي حاجة قطاع غزة، ويتم إرسال 9000 طن منها إلى الضفة الغربية.

إبراهيم مطر، رئيس الجمعية الزراعية في بيت لاهيا يقول لـ"نوى": "إن الموسم الزراعي للفراولة، بدأ مع مطلع الشهر الجاري، لكن عدم قدرة المزارعين والمزارعات على الوصول إلى أراضيهم نتيجة فرض حظر التجول، وفصل المناطق، كان كفيلًا بإصابة الموسم بالضرر البالغ".

مطر: لا مجال لتأخير الزراعة، فكل يوم محسوب بالضبط بالنسبة للمزارع، والآن بات المزارعون على وشك الانتهاء من إتمام عملية الزراعة

مع بداية الجائحة داخل قطاع غزة، تم التواصل مع لجنة الطوارئ –وفقًا لمطر- ونقاش الأزمة، وقد توصل الطرفان إلى السماح للمزارعين بالعمل منذ الصباح حتى الساعة الثالثة، "وهو ما لم يكن معقوًلا، فعملية نقل الأشتال تتم فجرًا، بينما تتم عملية الغرس بعد العصر، وبالتالي سمحت اللجنة بتمديد الموعد حتى السادسة، وهو ما عدّتهُ الجمعية فرصةً جيدة".

يعمل موسم التوت الأرضي على المساهمة في حل مشكلة رئيسيةٍ داخل قطاع غزة، وهي "البطالة"، إذ يسهم موسمه في تشغيل 5000 من الأيدي العاملة سنويًا.

يردف مطر: "لا مجال لتأخير الزراعة، فكل يوم محسوب بالضبط بالنسبة للمزارع، والآن بات المزارعون على وشك الانتهاء من إتمام عملية الزراعة، إلا أن التخوّف الفعلي يكمن في استمرار الجائحة"، مبينًا أن هذا إن حصل، سيكبد المزارعين خسائر فادحة، بسبب توقف التسويق، أو ضعفه، "وهي معاناة تضاف إلى تبعات الحصار الإسرائيلي، الذي أوقف إمكانية التصدير لأوروبا منذ خمس سنوات، بعد أن كان منتج الفراولة المحلي من قطاع غزة، واحدًا من أهم المنتجات التي تصل السوق الأوروبية، وكان يتميز بجودته العالية طعمًا ورائحة".

ويتساءل: "كيف سيتمكن المواطن الفلسطيني من الشراء في ظل استمرار حظر التجوّل، بينما الفراولة هي منتج يومي لا يمكن أن يبقى في السوق طويلًا؟"، ملفتًا إلى أن قطاع غزة، يرسل سنويًا لسوق الضفة قرابة 9000 طن استعاضوا بها عن المنتج الإسرائيلي، "لكن من يضمن عملية التسويق؟" يضيف.

كاريكاتـــــير