شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م18:51 بتوقيت القدس

مرضها نادر وعلاجه في الداخل المحتل..

"إسرائيل" تساوم "أبًا": تعترف.. أو تموت "ريماس"

28 اعسطس 2020 - 06:35

شبكة نوى، فلسطينيات: لطالما أخفت "ريماس" دمعاتها وهي تنصتُ لضحكات صديقاتها، اللاتي كُن يواصلن اللعب في ساحة المدرسة. إنها تدركُ جيدًا أنها محرومةٌ حتى من مجرد التفكير في مشاركتهن اللهو، فكيف تفعل؟ وهي التي تعاني مرضًا نادرًا عُضال أصابها بينما كانت رضيعةً لم تكمل عامها الثاني بعد.

هشاشة عظام، وانتفاخٌ في البطن، ورعاف، وقيء، مع تغيير في لون الجلد إلى الأزرق، هكذا بدأت الحكاية، ريماس البنا، التي تبلغ من العمر اليوم ستة أعوام، كانت تستمع بإصغاءٍ لأمها، وابتسمت عندما سمعت هذه العبارة: "كانت صغيرة كتير، يمكن بعد ما فطمتها مباشرة".

تقول الأم: "بدأت تنتابها موجات من البكاء المتواصل دون أن أعي السبب، ثم بدأ انتفاخ البطن يزيد شيئًا فشيئًا".

ورغم وجود أعراض واضحة لخللٍ ما في جسد الطفلة، إلا أن الأطباء الذين عُرِضت عليهم، لم يُظهِروا أي قلق بشأن ذلك، وطمأنوا الأم مع كتابة بعض أنواع الأدوية التي لم يكن لها أي أثر.

تضيف: "زاد الأمر بأن أصيبت بالرعاف، وأصبح توازنها يختل كثيرًا، ومع كل سقوطٍ مفاجئٍ على الأرض، تصاب بكسرٍ جديد".

قلق الأم الذي بدأ يتزايد مع حالة التراجع الصحي لطفلتها، دفعت بها لاصطحابها إلى مستشفى النصر للأطفال، وهناك توافق الأطباء على ضرورة إجراء صورة تلفزيون عاجلة، ليكتشفوا بعدها أن لديها تضخم في الكبد والطحال، ما استدعي تحويلها إلى مستشفيات الداخل المحتل، بأقصى سرعة.

في مستشفى "هداسا عين كارم" اكتشفوا من خلال الصور والتحاليل، والفحوصات السريرية، أن الطفلة مصابة بمرض نادر يسمى (جوشير)، لكنه مزمن وبحاجة لجرعة علاج مرتين شهريًا، تكلفة الجرعة الواحدة ثلاثة آلاف دولار أمريكي.

عادت الطفلة إلى قطاع غزة، وبدأت العائلة تعمل من أجل توفير الجرعة العلاجية من خلال وزارة الصحة، كما كل الأمراض المزمنة التي تتطلب علاجًا مكلفًا.

مرت شهور عدة والعائلة تنتظر خبر وصول الجرعة العلاجية لطفلتهم، كانوا يحملون يقينًا بأن العلاج سيجعلها تواصل حياتها بشكلٍ طبيعي، وهذا بالفعل ما حدث، تم توفير الجرعات العلاجية، وبدأت ريماس تعود إلى الحياة رويدًا رويدًا.

"ثمانية أشهر (والقول لأمها) كانت الجرعات العلاجية تصل خلالها للفتاة بانتظام، انخفض انتفاخ بطنها، وبدأت عظامها تصبح أكثر قوة، واختفى الرعاف بينما لم يعد توازنها يختل أبدًا"، ما أعاد الشعور بطعم الحياة الحلو للعائلة بأسرها، لولا أن لا حلو يدوم أمام ظروف غزة.

أبلغت وزارة الصحة الأسرة، بأن العلاج لم يتم توفيره من قبل نظيرتها في رام الله، فبقيت تتابع أخبارها أسبوعًا بأسبوع، بينما الرد كما هو لا يتغير.

"لم تصل بعد" كانت عبارةً قاتلة بالنسبة لأم ريماس، التي عادت إليها خلال أشهر الانتظار هذه كل أعراض المرض، وفوقها قيءٌ متواصل أنهك جسدها وأتعب روحها، تردف الأم: "كانت حالة ريماس مشابهة لأخرى وحيدة في قطاع غزة، ما علمته أن الحالة الثانية تمكنت من الحصول على تحويلة لأخذ الجرعة في مستشفى بالداخل، ورغم أن حالة طفلتي مطابقة لحالتها، إلا أن جميع محاولاتنا للتحويل باءت بالفشل، وفي كل مرة يأتينا الرد بالرفض لأسباب أمنية".

"عن أي أسباب أمنية تتحدث "إسرائيل" والمريض طفلة لم تتجاوز السادسة من عمرها؟" تتساءل الأم، وتتابع: "هل ذنب طفلتي أن والدها أُسر لدى سلطات الاحتلال أثناء مسيرات العودة، بينما كان يحاول أن يُخلي أحد الجرحى، واضطر لعبور الخط الفاصل".

ما علِمَته الأم مؤخرًا من أحد المحامين الذين يتابعون أوضاع الأسرى، أن زوجها تعرض للتهديد الصريح بإيذاء ابنته، من قبل أحد ضباط المخابرات أثناء التحقيق، في محاولة لانتزاع اعترافات منه.

"ما هو الذنب الذي اقترفه وهو يعمل في انقاذ الجرحى" ولماذا تعاقب طفلتي وتحرم من العلاج الذي هو أحد الحقوق الأساسية التي كفلتها القوانين الدولية لها ولكل أطفال العالم؟"، تقف الأم عاجزةً أمام هذه الأسئلة، خائرة القوى أمام مرض طفلتها الذي يستشري ويتمكن منها شيئًا فشيئًا. وتدركُ تمامًا أنها لا تملك من أمرها شيئًا، في ظل عدم توفر العلاج في مخازن وزارة الصحة الفلسطينية بقطاع غزة، وفشل كل المحاولات لتحويل الطفلة إلى مستشفيات الداخل، لتلقي جرعاتها العلاجية هناك.

كاريكاتـــــير