شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م12:04 بتوقيت القدس

موظفو تفريغات 2005: لن يستمر صمتنا

04 سبتمبر 2019 - 12:59

غزة:

"250 شيكلًا/ فقط هو كل ما تبقى من راتبي، فهل ستكفي الزي الجديد والقرطاسية لطفلي في المدرسة، أم التزامات البيت، أم الطوارئ التي قد تحدث في أي لحظة"، بهذه الكلمات بدأ الشاب ياسر هاشم من مدينة رفح جنوب قطاع غزة حديثه لنوى، وهو يصف الحال بعدما تلقى هذا المبلغ من راتبه الذي كان 750 شيكلًا.

ويحكي الشاب الثلاثيني وهو أب لثلاثة أطفال- ما حدث باستنكار: "ومَن مِنا لا يُخصم على راتبه!! كل ما نتلقّاه مبلغ 750 شيكلًا فقط -نحو 210 دولارًا- وتم خصم مبلغ 400 شيكلًا/110 دولارًا- قرض للبنك وخصم 100 شيكل كهرباء، كل ما تبقّى إذن هو 250 شكيلًا / 70 دولارًا".

هاشم واحد من نحو 6000 موظف تُعرف مشكلتهم باسم تفريغات 2005، ممن تم تعيينهم في ذلك العام بعد خوضهم لدورة عسكرية تؤهلهم للحصول على وظيفة على الكادر العسكري، وكان من المنتظر تثبيتهم بشكل رسمي، لكن أحداث الانقسام عام 2007 عطّل ذلك وبقي ملفهم عالقًا.

كان الموظفون يتلقّون راتبًا شهريًا في البداية لا يتجاوز 1200 شيكلًا فقط، وفي عام 2010 تم رفع قيمة المبلغ إلى 1500 شيكلًا، وظلّ الملف عالقًا، رغم تواصلهم بشكل مستمر مع كافة الأطراف المسؤولة من أجل حل مشكلتهم، لكن المفاجأة الصادمة هي تخفيض نسبة الرواتب إلى النصف لتصل 750 شيكلًا فقط، ليزداد الأمر تعقيدًا خاصة بالنسبة لمن لديهم قروض للبنوك.

عودة إلى الشاب هاشم الذي أقدم قبل ثلاث سنوات على سحب قرض من أجل بناء إتمام بناء بيته ليكون مناسبًا له ولزوجته ولأطفاله الثلاثة، لجأ لسحب قرض يتم تسديده على 7 سنوات بواقع 400 شيكل شهريًا، ولكن كانت الصدمة.

يقول الشاب - وهو خرّيج قسم التاريخ والسياسة -: "كان لزامًا عليّ بناء البيت، ولو علمت أن الراتب سيصل النصف لما فعلت، الآن مطلوب مني العيش على 250 لأربع سنوات قادمة، فهل هذا عدل؟ هل من العدل أن يذهب طفلي إلى المدرسة بلا ملابس جديدة مثل باقي الأطفال، وأن تقتصر قرطاسيته وهو في المرحلة الابتدائية على أقل القليل؟ هل من المنطقي أن أقدّم لزوجتي مبلغ 250 شيكلا، عليها أن تكفينا لشهر بأكمله، خضار وطعام ومياه صالحة للشرب وحتى مصروف أطفالي الذي سيصل إلى 60 شيكلًا شهريًا".

ولأن الكوارث لا تأتي فرادى، فإن الشاب كما غيره الكثير من الموظفين محروم من الكوبونات التي تقدمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا، ومحروم من العمل بأي وظيفة أخرى، وحتى زوجته الحاصلة على شهادتين إحداها في اللغة الإنجليزية والثانية معلم صف تُحرم أيضًا والسبب أنه مسجّل كموظف، ليعلق على الأمر ساخرًا: "أصبحت الوظيفة نقمة".

يضيف أبو هاشم: "لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فوزارة التربة والتعليم أيضًا قامت بخصم قرض تعليم سابق رغم أنه كان قرض غير مسترد، ولكن ها هي الوزارة دخلت على خط الخصومات، ماذا تبقى لنا ولعائلاتنا".

لكن هاشم الذي يؤمن بأنه لم يعد هناك مجال للصمت أكثر، فهذه حياة بطعم الموت، بالتالي جاري العمل الآن على تشكيل لجنة من المتضررين لحمل الملف والخروج بخطوات تصعيدية لا تستثني أحدًا حتى الرئيس.

في يوم الرواتب نشر الناطق باسم تفريغات 2005 رامي أبو كرش منشورين على الفيس بوك، الأول هو إصابة الشاب أحمد أبو نحل بجلطة إثر تلقيه راتبًا قدره 55 شكيلًا فقط، والثاني إقدام الشاب رامي الشريف على الانتحار وتحويله إلى المستشفى بسبب تلقيه أقل من 250  شيكلاً بينما تنتظره عشرات الالتزامات والديون.

هذا الواقع الصعب دفع موظفي 2005 للتشاور فيما بينهم من أجل الخروج بخطوات لتفعيل قضيتهم، وأكد لنوى إنه من الناحية العملية لم يكن هناك أي وعود بتحسين واقعهم، ولكن حكومة اشتيه تتعامل مع هذا الملف بغموض شديد.

التصريح الوحيد حول الأمر؛ هو ما تحدّث به وزير التنمية الاجتماعية أحمد مجدلاني أنه لا يمكن تحويل ملف موظفي 2005 إلى وزارته، لأنهم موظفين عسكريين، أما باقي تصريحات الحكومة فهي كما وصفها أبو كرش "للاستهلاك الإعلامي فقط".

وفي التفاصيل كما يشرح أبو كرش، فإنهم تفاجأوا بتصريح لرئيس الحكومة محمد اشتيه يقول فيه إن تفريغات 2005 غير مرتبطين بملف الموظفين، وإنهم يتلقوا منحة مالية من مكتب الرئيس قدرها 1500 شيكلًا، وعندما تم الخصم على رواتب الموظفين العموميين استغلت الحكومة هذه الفرصة لتخفيض رواتب تفريغات 2005 إلى النصف.

وفقًا لتوضيح أبو كرش فإن قيمة رواتب قيمة رواتب موظفي 2005 هي الآن 750 شيكلًا بالكامل وليست 50% من الراتب، مضيفًا: "الحكومة تعاني من أزمة مالية وبدلًا من تخفيض رواتب كبار الموظفين قرصنت على من يتلقون فتات الرواتب وفقراء الموظفين".

ويؤكد إنه منذ بداية عام 2019 تم إعادة الرواتب باعتبارها مساعدة على هذه القيمة، وتابع: "تفاءلنا بقدوم حكومة اشتيه الذي صرّح بأنه لن يفرّق بين الموظفين، ولكن يبدو أن الأمور كانت فيما مضى أفضل".

وذكّر أبو كرش بأن حكومة اشتيه لم تحظ بثقة المجلس التشريعي ولا الفصائل الفلسطينية، وعليه كان يجدر أن تكسب ثقة الجماهير، لكن اليوم هو يفقد ثقة الجميع، اليوم هو يخسر شريحة واسعة من الموظفين كون الحكومة لا تقدم لهم حلولًا ولا تحترم القانون.

وتحدّث عن ضرورة حماية الموظفين الذين حصلوا على قروض من البنوك وباتت تأكل ما تبقى من رواتب، وهذا تتحمله سلطة النقد الفلسطينية، كذلك هناك موظفين حصلوا على قروض من مؤسسات أخرى وليس البنوك، بالتالي مطلوب هذا الاستغلال، فالبنوك هي التي استفادت وليس نحن.

وأكد أبو كرش أنهم لن يصمتوا وسيخوضوا خطوات نضالية مطلبية، ستبدأ ولن تنتهي حتى يتوقف التمييز القائم بين موظفي قطاع غزة والضفة الغربية، وإرجاع الحقوق لأصحابها.

كاريكاتـــــير