شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م10:15 بتوقيت القدس

تحت الركام تعب سنين..

"شقا العمر راح".. شهقاتٌ وكأنها "احتضار"

15 مايو 2023 - 12:21

شبكة نوى، فلسطينيات: يعانق الطفل زين المصري حصّالته التي انتشلها للتوّ من تحت ركام منزله الذي دمرته طائرات الاحتلال. يغلق عينه اليُسرة، وينظر بالثانية من الفتحة ليطمئنَّ بأن الشواكل التي وضعها فيها ما زالت بداخلها، و"لم يدمّرها الصاروخ" كما يقول.

وبينما كان والداه يبحثان تحت الحجارة عما يمكن أن ينقذاه من متاع، اتجه يزن نحو الصحفيين ليخبرهم قصته. "اشتريتها قبل العيد، وجمعت فيها مصروفي كله، وما تبقى من عيدية الفطر. أخبرتني أمي أن حصولي على سريرٍ جميل منوطٌ بقدرتي على جمع ثمنه" يروي، متابعًا بقهر: "المُحزن أن أفراد عائلتي كلهم اليوم صاروا بدون أسرّة، ولا حتى جدران تأويهم".

ما حدث تشرحه الجدة انتصار (63 عامًا)، فتقول: "كانت الساعة العاشرة مساءً عندما فوجِئنا بطرقات متسارعة على باب منزلنا من جارنا الذي أخبرنا بضرورة إخلاء المنزل في الحال، بعد تلقيه اتصالًا هاتفيًا من شخصٍ عرف نفسه بأنه من جيش الاحتلال".

"كان الأمر مريعًا" تصف الحال، وتكمل: "الأطفال كانوا نيامًا، وكنا في سباقٍ مع الوقت. بدأنا بإيقاظهم تباعًا لنتمكن من النجاة، خرجنا حفاةً بملابس البيت، ولم نفكر سوى بسلامة الأرواح".

"لم يمضِ وقتٌ طويل حتى كان الجميع في الخارج. رأينا تعب سنوات العمر ينهار أمام أعيننا وأصبح في خبر كان" تزيد الجدة وهي تحاول لجم دموعها السيالة. وتستدرك: "لكن لا، دارنا ومالنا فداء للوطن، وإن هدموا سنعود لنبني".

وأشار المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، في تقريرٍ نشره مؤخرًا إلى ارتفاع عدد المنازل والشقق المستهدفة بالقصف المباشر لـ 24، منها 22 دمرت كليًا.

كانت ليلةً عصيبة على عائلة ياسين أيضًا، التي أصبح منزلها في حي الزيتون جنوب مدينة غزة أثرًا بعد عين، وهو الذي كان بالأمس ممتلئًا بالحياة. تقول جيهان : "لم أنم لحظة واحدة طوال الليل بعد أن أصبحنا في لحظةٍ بلا مأوى. خرجنا نهرول ولا نفكر إلا بالنجاة.. من أجل أولادنا يا رب".

تبحث جيهان ياسين برفقة طفليها بين الأنقاض عن أي شيء نجا ويمكن الاستفادة منه، وتزيد: "أتمنى لو أجد أوراقنا الثبوتية، فأنا وطفلي مريضين، ولنا مواعيد طبية في مستشفى الشفاء، ولا أعرف كيف سأتصرف بدون الأوراق الثبوتية، ولا كيف ستمضي أيامنا القادمة بعد أن فقدنا منزلنا وكل ذكرياتنا".

أما سراج وشقيقته، فكانا يبحثان عن أحلامهما المردومة تحت أنقاض المنزل، عسى أن يعثروا على ألعابهم المفضلة التي حرصوا على شرائها بعيديتهم مؤخرًا. أما والدهما إبراهيم، فكان مشدوهًا يقف أمام شقاء عمره، يضرب كفًا بكف.

يقول: "تحت أنقاض هذه البناية ترقد أحلام ما يقارب 70 شخصًا، خمس عائلاتٍ تشرّدت، وخرجت من شققها بدون شيء، لا مأوى لها سوى العراء".

يؤلمه أن يرى مشهد أطفاله وهم يبحثون بين الأنقاض عن ملابسهم التي اشتروها في العيد، وبعضًا من ملابس أمهم، متسائلًا: "لماذا يتم استهداف منزل سكني مدني آمن غالبية سكانه من الأطفال؟ لماذا لا يفكرون بهذه الحجارة التي دفعنا كي نشتريها دمًا وتعبًا وبكاء. لقد فتت هذا الصاروخ قلبي أيضًا".

ويبكي السبعيني شحدة طه منزلِه، وتعب سنين عمره كلها. بالأمس كان يقف أمام بابه، ويتذكر كم بذل من أجل تشييده ليجمع فيه أبناءه حوله. يدور بعينيه في أرجاء المكان. يتوقف عند كل زاويةٍ بضع لحظات، ويتساءل: "وين بدنا نروح؟ كل حاجة راحت، ما ظل شي".

حتى الحجر لم يسلم من صواريخ الاحتلال التي تلقي بحقدها على الآمنين في بيوتهم، تارة تغتال البشر، وتارة أخرى تغتال الحجر، وكليهما "حسرة" "فالمال يعادل الروح" كما يقول الرجل!

 

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير