شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م15:44 بتوقيت القدس

شتاء غزة.. المرُّ تحلّيه "عوامة"

10 فبراير 2023 - 22:33

قطاع غزة:

تصل المنخفضات الجوية إلى فلسطين، "فيبدأ موسم الحب" يقول أحد الصغار، الذين تحلّقوا حول بائع "لقمة القاضي"، أو "العوامة" في حي الأمل بخان يونس جنوبي قطاع غزة.

لعل المشهد بالنسبة لميسرة (11 عامًا) بات مألوفًا، ويغدو أحلى عندما يتسابق الأطفال نحو العم أبو محمد، الذي يبيع "الحلوى الأحب" إلى قلوبهم تحت المطر.

يقول: "توصينا أمهاتنا بأن ننتبه لمروره ولصوته الرنان قرب النافذة، كي نشتري منه بعض العوامة، وأصابع زينب لأجل السهرة قرب الكانون، والنار".

وأمام نفس الصوت يضعف قلب أيوب الغفير: "حلب يا حبايب، وصل بياع الحلب". ينطلق الصغير كالصاروخ ليخبر أمه أن تعطيه بعض المال ليشتريها"، وكذلك معظم أبناء حيه. "نشتريها ساخنة، مشبعة بالقطر. آكل حبتين أو ثلاثة قبل وصولي المنزل، وقد يعطيني عمو حبة على البيعة لا أخبر عنها أحدًا كي لا تنقص حصتي" يقول ويضحك.

يقول الطفل الذي يبلغ من العمر (12 عامًا): "أنتظرُ الشتاء من أجلها ومن أجل الكستناء أيضًا"، فهي تهوّن البرد على قلبه ويستأنس بعائلته التي تحبها، وتجتمع على أكلها بشكل يومي في أيام البرد، مع إبريق من الشاي يغلي على نار الحطب، وجلسات وناسة تحكي فيها الجدّات عن أيام الزمان".

أمّا أمه التي تجهز القهوة للكبار، فتزيد على كلامه: "سعرها في متناول اليد، نحبها جميعًا لأنها تدفّئ القلوب، وتهوّن علينا البرد القارس، وانقطاع الكهرباء".

يقال إن أصل لقمة القاضي، يعود للشعب اليوناني الذي يطلق عليها "لوكوماديس"، وهي مشهورة في قبرص أيضًا بنفس الاسم، وتعدُّ من الحلويات المحلية حتى وصلت إلى بغداد، ثم انتشرت بين العرب حتى وصلت إلى الأتراك واليونانيين، وهي عبارة عن عجين يتم تحويله إلى كرات، تُقلّب بالزيت حتى يحمرَّ لونها، ثم توضع في وعاء من السكر المغلي، أو ما يسمى بـ "القطر".

وتشتهر المدن الفلسطينية بصناعتها في أماكن بيع الحلويات، أو يتم ترويجها عبر العربات الصغيرة في الشوارع، فتوفر مدخولًا جيدًا لأصحابها، "لكن عيبها أنها من الحلوى الموسمية الخاصة بالشتاء، ونادرًا ما يشتريها أحد في الصيف" بحسب البائع أحمد خضر.

يوضح أحمد، أن لقمة القاضي تكسبه مدخولًا جيدًا في فصل الشتاء، تحديدًا في أيام المنخفضات، برغم قسوة البرد عليه خلال خروجه لبيعها، لكنه يرى الناس تأتي للشراء بلهفة، ويلمح عيون الصغار تلمع وهم يبتلعون ريقهم قبل تناولها. 

ويضيف: "تعب العمل يهون عند بيعها، والجميل أنني أعتمد وأمي وشقيقاتي على صناعتها لتوفير المال بدلًا من اعتمادي على المصانع". 

ووفق مركز الإحصاء الفلسطيني، فقد وصلَت البطالة إلى ما نسبته (51%)، وهي واحدة من بين أعلى معدلات البطالة في العالم، وهذا ما يفسر اعتماد (80%) من الغزيين -وغالبيتهم من اللاجئين- على معوناتٍ إنسانية تقدمها منظمات محلية ودولية، وفي مقدمتها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا).

كاريكاتـــــير