شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 18 ابريل 2024م20:32 بتوقيت القدس

دمع فرحٍ أمطر بقلب أم "جودي": أخيرًا قالت "ماما"

26 سبتمبر 2022 - 10:27

قطاع غزة:

"لم تسمع صوت القصف". بدت الصدمة هنا، "لماذا لم تخشَ الضربة القريبة؟" كانت أمها تسأل نفسها وتستغرب، فهي تعيش معها هنا "في قطاع غزة" الذي تمطره النيران بين فينةٍ وأخرى.. هنا حيث صوت تهاوي العمائر والبيوت يدوي في القلب، لا في الأذن وحدها.

إنها الطفلة جودي الأعرج التي تعيش منذ سبع سنوات في مدينة "خان يونس" جنوبي قطاع غزة. وقد وُلدت لا تسمع ولا تنطق.

فرحة ولادتها تحوّلت إلى جحيمٍ بعيون أمها التي صارت أمنيتها في الحياة أن تسمع صوت طفلتها ذات العينين اللامعتين. أن تستيقظ على ضحكتها، أو حتى على بكاءها لا فرق. أن تناديها "ماما" على الأقل مثل بقية الأطفال.

أول ما يخطر ببال الأمهات أثناء الحمل كلمة "ماما"، كيف ستقولها طفلتي؟ وكيف ستسمع صوتي وأنا أغني لها كي تنام بهدوء. "جودي لم تنطقها، ولم تسمع أغنياتي، كانت تلمس دموع عيني وتمسحها دون أن تدرك السبب"، تقول أمها سماهر الأعرج.

ولادة جودي لم تكن طبيعية، أنجبتها في شهرها السابع من الحمل، ومكثت في الحضانة نحو 10 أيام. بدت تظهر عليها لاحقًا علامات تؤكد أن لديها مشكلة في السمع، حتى أكد الأطباء ذلك، وقالوا إنها تحتاج لـ "علاج طويل الأمد".

لم تكف أسرتها عن التوجه بها إلى أطباء ومختصين حتى ذهبوا إلى مستشفى حمد المختص بهذه الحالات حين بلغت من عمرها عامين لمتابعة حالتها، وهناك تم تركيب سماعة في أذنها، لكن عبثًا، "لم تستجب ولم أشعر بتحسن في صحتها، وهنا كان الخيار الأخير.. زراعة القوقعة" تكمل.

وزراعة القوقعة في قطاع غزة الذي يعاني حصار الاحتلال الإسرائيلي المتواصل منذ 16 عامًا ليست سهلة، إذ تحتاج إلى دخول وفود طبية من الخارج، وهذا كلّف جودي خمس سنوات من عمرها في الانتظار دون جدوى، حتى نجحت في انتزاع تحويلة علاج بالخارج، فوصلت الجمعية العربية للتأهيل في بيت جالا بالضفة الغربية.

أطباء الجمعية قيموا حالتها في زيارة أولى، وبعد خمسة أشهر بدأت إجراءات زراعة القوقعة، ثم غادرت إلى غزة حيث كان من المقرر تركيب جهاز خارجي بعد نحو شهر، لكن تصريح الخروج تأخر لمدة تزيد عن الثلاثة أشهر من موعد العملية المقرر، حتى تمكنت من السفر وإجراء العملية. 

"ماما" حلمٌ تحوّل إلى حقيقة. "يوم ميلاد جديد، نطقت جودي وقالتها. دوّت في أذني وعادتها. لم أصدق فطلبت أن تنطق "بابا"، قالتها مرارًا، وعادت لتقول لي ماما بمشاعر ممزوجة. خفتُ أن يكون حلمًا. يا رب لا أريد أن أستيقظ منه إن كان كذلك!" تقول الأم بانفعال.

وتضيف: " "وكأنها الحياة الوردية التي نسمع عنها ولا نراها. حياتي أصبحت هكذا عندما لمستُ نتائج عملية جودي التي صارت تبادلني الحديث. حقيقةً ليس أجمل من هذا الشعور في العالم".

تبدو الطفلة اليوم أكثر ثقة وحيوية. ترغب بالانضمام إلى المدرسة، وأسرتها سارت نحو الخطوة باتجاه مدرسة خاصة لتساعدها أكثر على النطق والاندماج مع الأطفال، لكن أكثر ما يخيفها "ردة فعلها حين تسمع صوت القصف وتبعاته النفسية. وهذا ما لا يخفى على أطفال غزة حتى لو خبأناهم في أحشائنا مجددًا" تختم.

كاريكاتـــــير