شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 20 ابريل 2024م11:56 بتوقيت القدس

استوديو تصوير في القدس المحتلة..

"إيليا فوتو".. شاهدٌ "حي" على ملامح الحياة قبل النكبة

22 اعسطس 2022 - 13:06

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

رجالٌ يلعبون النرد، وآخرون يقفون قرب النبع. صورٌ لميناء يافا، وسوق الجمعة فيها، وموسم قطاف الحمضيات، وغيرها الكثير من الصور للحياة اليومية الحضرية والقروية في فلسطين بدءًا من العام 1924م، التقطها المصور الأرمني إيليا قهوجيان الذي جاء من تركيا إلى القدس طفلًا، إثر مذبحة الأرمن عام 1915م.

هذه الصور كانت بذرة البدء في جذع شجرةٍ صمدت حتى يومنا هذا في "عقبة الخانقاة" في البلدة القديمة بالقدس، وأزهرت في استوديو "إيليا فوتو" الذي افتتحه قهوجيان عام 1930م، بعد أن تتلمذ على يد المصوّرَين غرايد كريكوريان، وتوميان، وعمل في استوديو الأخوين "حنانيا" في شارع يافا.

الاستوديو الذي يعدُّ واحدًا من شواهد التاريخ والحضارة الفلسطينية، يعدُّ -حتى اليوم- وجهةً رئيسة لمن يريد الحصول على صورٍ فوتوغرافية مميزة، سواءً من الفلسطينيين، أو من الأجانب المقيمين في القدس.

"نوى" قابلت الحفيد إيليا قهوجيان الذي ورث المهنة عن والده وجده، وبدأ حديثه بسرد تاريخ الاستوديو الذي اشتراه جدّه بعد أن قررت عائلة "حنانيا" الهجرة إلى المملكة المتحدة، "بسعرٍ مضاعف ثلاث مرات كأحد شروط التملّك"، رغم عدم امتلاكه المقدرة المالية آنذاك.

استمرّ عمل الاستوديو جيدًا حتى عام 1948م. عام النكبة، الذي ساعد فيه "الحظ" الجد إيليا على حفظ أرشيف الاستوديو المصوّر، الذي ترجع أقدم صوره إلى عام 1860م، بعيدًا عن أيدي العصابات الصهيونية، "عندما نصحه أحد الأصدقاء بإخراج المسودات والأرشيف لمكانٍ آمن في حي الأرمن عبر عربات نقل. وبالفعل، بعد وقتٍ قصير أُحرق الاستوديو على أيدي أفراد العصابات الصهونية" يضيف الحفيد إيليا.

في عام 1949م، أعاد الجد افتتاح المحل الحالي بعد حرقه في البلدة القديمة. يعقب "إيليا" المسؤول عن الاستوديو في الوقت الحالي: "وصف الناس جدي بالجنون. من يفتتح مشروعًا خلال حرب؟"، مستدركًا بنبرة فخر: "جدي كان محاربًا لا ينظر إلى الخلف أبدًا. كان دائمًا يتطلع نحو الأمام، فافتتح محله، وبدأ العمل بالتصوير العادي أيضًا".

ما أنقذه الجد عام النكبة، بقي حبيس مخزن دير الأرمن لمدة 40 عامًا، حتى عام 1987م، عندما قرر الابن "كيفورك"، والحفيد "إيليا" إخراجه، وفرز الصور. "كان عددها نحو 3500 صورة، وكلها  للحياة اليومية الحضرية والقروية في فلسطين في تلك الفترة" يكمل.

ما أعاد استوديو "إيليا" إلى واجهة الحديث، كعلامةٍ من علامات الوجود الفلسطيني قبل تاريخ النكبة، مشاركة ابن الجد إيليا "كيفورك" في معرض "أمريكان كولوني"، بصورٍ لأبيه، وله، وأخرى من الأرشيف القديم. يتابع: "أثارت تلك الصور الدهشة، فالإنسان بطبعه يحن لكل ما هو قديم. لديه فضول للتعرف على أصالة الحياة وعراقتها قبل طغيان الحداثة".

أرشيف الاستوديو اليوم لا يضم صور الجد إيليا فقط، ولا حتى صور ابنه، وحفيده. "هناك صور للفنان يساى جرابيديان يرجع تاريخها لعام 1960 (..) يعني لدينا تراث وتاريخ من الصور نطمح لنقله إلى الأجيال المقبلة حتى يروا الحياة كيف كانت، وكيف يمكن أن نجعلها أفضل".

والأرمني "يساي جرابيديان" هو أول مصور في القدس، وهو الذي يُحسب له إيصال التكنلوجيا إلى المدينة بعد 15 عامًا من اكتشاف التحميض، وافتتاح مدرسة للتصوير داخل الحي الأرمني، وهي التي خرج منها المصوّرَين "كريكوريان" و"تومايان".

إيليا قهوجيان، الذي قدِم طفلًا من تركيا مع الأطفال الأرمن المهجّرين عام 1915م، حيث جمعتهم "المؤسسة الأمريكية للإغاثة في الشرق الأدنى" وأخذتهم إلى لبنان، ومن ثم إلى مدينة الناصرة، هو اليوم أيقونة "الصورة" في المدينة التي ينخر جسدها الاحتلال، ووجود حفيده الذي يحمل اسمه على رأس العمل هناك هو دليل ثباتٍ وبقاء وأصالة أمام محاولات التهويد الشرسة.

كاريكاتـــــير