شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م21:44 بتوقيت القدس

"الفسيخ".. سيّد إفطارات العيد في ميزان علم التغذية

01 مايو 2022 - 11:24

غزة- شبكة نوى :

تتجول المواطنة أم رائد صالح (55 عامًا) في سوق مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة حيث ينتشر بائعو السمك؛ بحثًا عن "فسيخ" لشرائه كوجبة إفطار في أول أيام عيد الفطر.

تشقُّ السيدة طريقها وسط الجموع في السوق المكتظ بالمتسوقين. تمسك واحدةً من "فسيخ الجرع"، وتقربها من أنفها لتشمها. تطلبٌ بعدها من البائع أن يزن لها كيلوان "فرائحته جيدة، ولا تبدو على أية واحدة ملامح فساد" تقول لـ "نوى".

تخبرنا أن أكل الفسيخ عادةٌ اجتماعية نشأت عليها منذ كانت صبية في أول أيام عيد الفطر، وبعد صيام شهر رمضان، وتكمل: "خلال الصيام نمتنع عن أكل الأشياء المالحة لما تسببه من مشكلات صحية، وعطش شديد، وبالتالي نحتاج إلى شيء بطعم مختلف يشعرنا بأن وقت الفطر جاء".

الحقيقة إن قلة من الناس يتفقدون الفسيخ "السمك المملح" قبل شرائه كما فعلت أم رائد، وقلة أيضًا من يتنبهون إلى الظروف الصحية التي ترافق أكله سواءً نتيجة ملوحته الزائدة، أو سوء التخزين أحيانًا.

والفسيخ - السمك المملح- هو أحد الأكلات الموسمية التي ابتكرها قدماء المصريين باستخدام سمك البوري الذي يتميز برائحته النفاذة، والمنتشر أيضًا في قطاع غزة، حيث يتناوله الفلسطينيون لفتح شهيتهم بعد صيام شهر رمضان.

في السوق المذكور يصطف العشرات من باعة الفسيخ باعتباره سلعة موسمية يتم التحضير لها قبل شهر رمضان، وبيعها مع بدء العشر الأواخر منه.

قبل أسبوع عمل البائع أحمد أبو عاصي على إخراج الفسيخ من براميل البلاستيك، وبيعه في السوق باعتباره من أساسيات المائدة الفلسطينية يوم العيد.

يقول أبو عاصي: "وجود السمك المُملح أو الفسيخ على المائدة الفلسطينية صباح يوم العيد، من العادات القديمة التي تعود لأزمانٍ بعيدة، وأنا أعرف أن له فوائد لجسم الإنسان".

وتطرق الرجل إلى آلية تجهيز الفسيخ التي تبدأ قبل 6 أشهر من عيد الفطر السعيد، حيث يتم إحضار كميات من الأسماك، وغمرها بكميات كبيرة من الملح بعد تنظيفها، ثم وضعها في براميل بلاستيكية تُغلقُ بإحكام. "وعند إخراجها بعد ستة أشهر، يتم تلوين السمك بالصبغة الصفراء باعتباره لون محبب للزبائن".

تُستخدمُ ثلاثة أنواع من الأسماك لإعداد الفسيخ، وهي السردين، والجرع، والبوري، لكن الإقبال على الأخير أكبر وفقًا لأبو عاصي، "كما أن سعر الفسيخ يعد في متناول الأيدي، فالبوري يبلغ سعر الكيلو منه 35 شيكلًا والجرع 25 شيكلًا".

ولاحظ أبو عاصي أن الإقبال على شراء الفسيخ هذا العام مرتفعٌ جدًا مقارنة بالعام الماضي الذي مرّ فيه عيد الفطر وقطاع غزة يعيش ويلات العدوان الإسرائيلي الذي بدأ في 28 من رمضان. "حينها استمر 11 يومًا مخلّفًا أكثر من 200 شهيد وشهيدة، ومئات المصابين، ودمار هائل في البنية التحتية.

بدوره يقول أخصائي التغذية د.محمود الشيخ علي مدير مركز ابن النفيس: "إن الفسيخ هو نوع من السمك المملح، الذي لا يحتوي قيمة غذائية كبيرة بسبب اختفاء جزء كبير من الفيتامينات والمعادن منه نتيجة عملية التفسيخ "وضعه بالملح""، موضحًا أنه يؤدي إلى احتباس السوائل في الجسم، وارتفاع ضغط الدم، ومشاكل صحية أخرى، "إضافة إلى أن عملية التفسيخ قد تكون غير صحيحة، وتؤدي إلى حالات تسمم، لذا لا بد من شرائه من ثقات".

ويكمل: "أكل الفسيخ في أول أيام الفطر جزء من العادات الفلسطينية، لكن يجب الأخذ ببعض النصائح كنقعه بالماء والخل قبل استخدامه، ووضع القليل منه على الطعام كي لا يضطر الإنسان إلى تناول كميات كبيرة منه"، مردفًا: "يجب أن يتم فحص الفسيخ جيدًا عند شرائه، فوجود تجمعات بيضاء داخله يعني أن هناك نوع من الديدان أو البكتيريا، كما أن علينا النظر جيدًا في عيني الفسيخ وتحديدًا الرنجة التي يجهل كثير من الناس طريقة تحضيرها".

ويوصي الشيخ علي بضرورة شرب كميات كبيرة من المياة لدى تناول الفسيخ، تجنبًا لأي مشكلاتٍ في الكلى، أو البول نتيجة زيادة الأملاح.

ساعات وينبلج النهار معلنًا أول أيام عيد الفطر السعيد، حيث ستنبعث رائحة الفسيخ من كل البيوت تزامنًا مع صوت تكبيرات العيد وألعاب الأطفال، "وكي يمر العيد بسلام، علينا الحذر من ضيوف المعدة، وكل عام أنتم بخير.

كاريكاتـــــير