شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م09:28 بتوقيت القدس

حياة البادية كما لم يمسَسْها "احتلال".. في دكّان عائشة

15 ابريل 2022 - 09:34

شبكة نوى، فلسطينيات: "ياريت بيت الشعر ما طويناه، وما سكنّا في عاليات العماير، وياريت يرجع الوقت اللي قضيناه، وقت القلوب الصافية والضماير"، هكذا اختصرت عائشة أبو جريدة تعلّقها بحياة البادية، التي كبُرت على سماع حكاياتها من جدّها وجدّتها مذ كانت طفلة. وهكذا تربّى في قلبها "شغفٌ" لهذا العيش دفعها للبحث عن تفاصيل لم تعاصرها في محاولةٍ لإحياء تراثها "الذي أوشك على الاندثار" تقول لـ "نوى".

تبدو عائشة فخورةً بما وصلت إليه اليوم بعد 12 سنة من محاولات استحضار حياة البادية وفق قدراتها، "التي كثيرًا ما كانت تبوء بالفشل"، لقد حاولت إعادة إحياء كل ما يتعلق بتراث البدو القديم، من خلال منتجاتٍ تصنعها بيديها، وتزين أركان الغرفة التي تتخذها معرضًا لتسويقها.

تشير إلى سلةٍ صنعتها من الخيطان الملونة، وتشرح بالقول: "كانت بداياتي مع هذه السلة، وهي عبارة عن غطاء مروحة قديمة، صحيحٌ أنها ليست بهذا الجمال أو الجودة، لكنها شكلت بالنسبة لي نقطة الانطلاق".

تخرّجت عائشة قبل 12 عامًا، ومنذ ذلك الوقت بدأت بالعمل على تطوير ذاتها في الأعمال التراثية التي ترتكز على الصوف، لتبدأ من المنزل عبر الترويج لمنتجاتها من خلال المعارف والأصدقاء، قبل أن تتجه لاستثمار "السوشال ميديا" في الإعلان عن نفسها، ليزيد الطلب على منتجاتها التي تتميز بأنها مختلفة عن كل ما هو موجود.

تحتفظ الشابة الثلاثينية بمغزلٍ بدائي، وتحاول من الحين للآخر الحصول على بعض شعر الغنم، أو وبر الجمال من بعض المعارف، لتعزز شغفها بصناعة منتجات البادية، ونظرًا لعدم توفره دائمًا، تعتمد عائشة على الصوف الصناعي في عملية المد، وهو المرحلة التي يتم فيها تشكيل النول "بتثبيت أربع أوتاد على شكل مستطيل في الأرض، واثنتان بشكل مخالف من الأمام والخلف، ثم تبدأ بمد الصوف بينها، وتشكيل الغرز لصناعة قطعٍ تسمى (رواق) يستخدم في بناء بيت الشعر، وإنتاج بُسط تفرش داخل البيت".

شاركت عائشة في معارض تراثية عديدة، ونسقت لمعارض أخرى. كانت تترك من خلال زاويتها كل مرةٍ بصمةً مختلفة، فتضيف لمسات "لا يكررها أحد" ترصد حياة أجدادها في البادية.

وأكثر ما تحاول تسليط الضوء عليه من خلال التعريف بمنتجاتها؛ بلدتها "نوران" قضاء بئر السبع في الجنوب الفلسطيني، التي هجر منها أجدادها عام 1948م.

تزيد: "أحاول تطوير تراث أجدادي مع إبقاء البصمة الأساسية. كل ما أتمناه أن يأتي جيل يستطيع إكمال مشوار الحفاظ على التراث حتى تحرير فلسطين".

تحاول الشابة ربط التراث بالواقع الحالي من خلال إعادة تدوير المخلفات، فتحوّلها إلى تحفٍ فنية، وسيوف، وأشكال مختلفة من زينةٍ للأفراح والمناسبات، وشِباكٍ للسيارات، وسلالٍ ومضايف، وما يثير فخرها بنفسها أنها تتربع اليوم على عرش مُزينيي صالات الأفراح بكل متعلقات البيئة البدوية، في تغيير لطقوس الأعراس هذه الأيام.

تتحسر الشابة على التراث الفلسطيني الذي سرقه الاحتلال، ويشارك فيه بمعارض دولية، وترى أن على جميع المؤسسات المهتمة بالثقافة أن تعمل على إعادة إحيائه، وتحويله إلى أسلوب حياة.

تمكنت عائشة هذا العام فعليًا من افتتاح محلٍ صغير في أحد شوارع حي الجنينة بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، وتحقيق حلمٍ لطالما راودها صغيرة. تختم ضاحكةً: "صحيح أنه صغير، وفي شارع داخلي، إلا أنني أراه خطوة في طريق تحقيق الحلم الأكبر بتأسيس معرضٍ دائم يوثق البيئة البدوية التي أفتخر بانتمائي إليها".

كاريكاتـــــير