شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 18 ابريل 2024م22:33 بتوقيت القدس

"برج حمام" على الطريقة المصرية بخان يونس!

20 فبراير 2022 - 11:48

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

عندما فكرت "أم أسامة" في بناء "برج حمام" من أجل إعالة أسرتها، لم تكن تعلم أنه سيحظى بهذا القدر من الإعجاب، بل وسيتحول إلى "معلم" يسترشد به جيرانها من سكان منطقة "قاع القرين" في مدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة، للمنطقة التي لم يسبق للكثير من الغزيين زيارتها، أو السماع بها من قبل.

بعد سنوات من هوايتها في تربية الطيور، اهتدت أم أسامة أبو سالم إلى مشروع بناء برجٍ لتربية طيور الحمام وتفريخها، "يشبه أبراج الحمام التي تشتهر بها أرياف مصر"، على أن تستلم للواقع الاقتصادي المتردّي لأسرتها المكونة من سبعة أفراد.

تقول لـ "نوى": "زوجي لا يعمل، ولا دخل ثابت يعيل أطفالنا أو يلبي احتياجاتهم، ولهذا كان لا بد من تفكيرٍ مختلف يوفر لنا ما يمكن أن نعتاش به".

أم سالم: لفتتني أبراج الحمام التي يبنيها المصريون، وتستوعب أعدادًا كبيرةً منها، ولطالما تمنيت بناء واحد

بدأت حكاية أم سالم مع تربية الحمام كهواية، ثم تحولت إلى مصدر رزقٍ "بسيط" قبل ثمانية أعوام. خلال تلك الفترة، كانت مهتمة بمتابعة كل ما يتعلق بهذا المجال عبر القنوات والصفحات المتخصصة على شبكة الإنترنت، تضيف: "لفتتني أبراج الحمام التي يبنيها المصريون، وتستوعب أعدادًا كبيرةً منها، ولطالما تمنيت بناء واحد، إلا أن التكاليف المادية كانت تعيقني عن تحقيق ذلك".

تلك الفكرة بقيت حبيسة العقل الباطن، وحلم تنفيذها كان لصيق الصحو والمنام، إلى أن جاءت الفرصة على قدميها تمشي. تشرح: "سمعت بمشروع قروض دعم المشاريع الريادية الصغيرة، الذي ينفذه "صندوق دعم الشباب" التابع لـ "هيئة الشباب والثقافة" في غزة، بدعمٍ مالي ماليزي، وحينها لم أتردد في التقدم للمنافسة من أجل الحصول على قرض تمويلي لمشروعي المنزلي".

مشروع أم أسامة تقدم للمنافسة مع آلاف المشاريع الصغيرة الأخرى، وكانت سعادتها "غامرة" حينما وقع الاختيار على مشروعها هي: "تمويل بناء البرج، وتوفير كمية من طيور الحمام".

تعقب: "صحيحٌ أن المبلغ كان أقل مما رصدته لتنفيذ المشروع، ولكنه كان كافيًا للبدء، أما فكرة التطوير فكنت على يقينٍ بأنها ستتحقق ذاتيًا".

حصلت أم أسامة على مبلغ 3500 دولار، خصصتها لبناء البرج باستخدام الطين والفخار، إضافةً إلى طبقةٍ خارجيةٍ عازلة من الأسمنت، لحماية البرج من العوامل الجوية

حصلت أم أسامة على مبلغ 3500 دولار، خصصتها لبناء البرج باستخدام الطين والفخار، إضافةً إلى طبقةٍ خارجيةٍ عازلة من الأسمنت، لحماية البرج من العوامل الجوية والتغيرات المناخية، ومن الداخل (والحديث لها) استخدمت الخشب في بناء "بيوت" للحمام، مع تصميم "سلم" داخلي لتسهيل الصعود داخل البرج للمتابعة اليومية، وتوفير احتياجات الحمام من الطعام والشراب والنظافة.

تؤكد السيدة أن البرج بإمكانية أن يستوعب 700 زوج حمام، "إلا أن التمويل كان كافيًا لشراء 400 زوج" اختارتهم من النوعية الجيدة لتستطيع المنافسة في السوق المحلية.

وتعمل أم أسامة برفقة زوجها بكل جد من أجل سداد قيمة قرض التمويل، وإنجاح المشروع، والبناء عليه، فالحلم بالنسبة إليها لا يتوقف هنا، بل يمتد لإنشاء مزرعةٍ مختصة بتربية طيور الحمام وتفريخها عبر أبراجٍ شبيهة، والمنافسة في الأسواق المحلية، وتلبية احتياجاتها بأصناف مميزة وبأسعار تنافسية.

أبو أسامة لا يخفي فخره بزوجته، وطريقة تفكيرها التي يصفها بأنها "غير تقليدية"، ويقول: "تميز الفكرة جعلت برج الحمام مكانًا مميزًا وملفتًا في منطقةٍ صغيرة مثل "قاع القرين"، بل إن كثيرين أصبحوا يسألون عن طريقة تصميمه وتنفيذه، فيما يسترشد به آخرون في وصف الأماكن والعناوين داخل المنطقة".

وشكّل ذلك أحد أبرز عوامل نجاح مشروع برج الحمام، بدءً من الحصول على التمويل، بحسب مدير عام "صندوق دعم الشباب" علاء الباز، الذي قال لــ"نوى": "الصندوق يحرص على دعم المشاريع الريادية والمميزة وغير التقليدية، التي تحظى بنسب نجاح عالية"، موضحًا أن الصندوق يعمل في إطار برنامج "دلني على السوق"، على دعم المشاريع الريادية في مجالات مختلفة: حرفية، ومهنية، وإعلامية، واقتصادية، وزراعية وغير ذلك، مما يستهدف تشغيل الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عامًا.

الباز: تمويل المشروع الواحد يتراوح ما بين ألف و5 آلاف دولار

وقام الصندوق خلال الفترات السابقة بتنفيذ نسختين من هذا البرنامج، الممول من ماليزيا، استفاد من النسخة الأولى 19 مشروعًا بقيمة تمويل إجمالية قدرها 51 ألف دولار، فيما استفاد 30 مشروعًا آخر من النسخة الثانية بقيمة تمويل إجمالية بلغت 80 ألف دولار. ويعكف الصندوق حاليًا على تنفيذ النسخة الثالثة بكلفة إجمالية تصل قيمتها إلى 150 ألف دولار، لتمويل 50 إلى 60 مشروعًا تخص الشباب من ضحايا العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة في مايو/أيار من العام الماضي.

وبحسب الباز فإن تمويل المشروع الواحد يتراوح ما بين ألف و5 آلاف دولار، كما في حالة المواطنة أم أسامة، التي كان تقدير مشروعها "برج الحمام" من اللجنة المختصة بمنحها مبلغ تمويل مقدر بـ 3500 دولار.

ويشترط البرنامج -وفقًا للباز- أن يتقدم صاحب المشروع بدراسة جدوى، مع أفضلية للمشاريع التي تتصف بالاستدامة، والقدرة على تشغيل أيدي عاملة من فئة الشباب، حرصًا على المساهمة في تخفيف حدة أزمة البطالة المستشرية في غزة، بفعل الحصار الإسرائيلي الخانق والمتواصل منذ نحو 16 عامًا.

الباز: سداد قرض التمويل يكون عبر دفعات منتظمة تبلغ قيمتها (100 دولار شهريًا)

وحول آلية الاختيار، أشار الباز إلى وجود لجنة عليا مؤلفة من وزارات مختصة وممثلين عن القطاع الخاص، إضافة إلى لجنة فرز مهمتها تقييم المشاريع واختيار الريادية والنوعية، والقابلة منها للتنفيذ، "ثم تنتقل المشاريع المختارة إلى لجنة تقييم من خبراء في مجالات مختلفة، وبعدها تباشر لجنة البحث الميداني عملها بالتحقق من صحة ودقة البيانات والمعلومات عن صاحب المشروع" يزيد.

وبناء على نتائج تلك المراحل يخضع أصحاب المشاريع لبرنامج تدريبي مالي وإداري، يساعدهم في النجاح قبل الحصول على التمويل، "وهي إجراءات تهدف إلى تحقيق العدالة والشفافية واختيار الأفضل"، وفق تأكيد الباز.

وتبعًا للباز، فإن سداد قرض التمويل يكون عبر دفعات منتظمة تبلغ قيمتها (100 دولار شهريًا)، "ويمنح الصندوق صاحب المشروع الممول فترة سماح ثلاثة شهور لبدء سداد دفعاته من تاريخ استلام القرض، مع إمكانية إعفائه بنسبة تتراوح بين 10 و15% من قيمة القرض في نهاية المدة، تشجيعًا له في حال نجاح المشروع وسعيه إلى تطويره".

كاريكاتـــــير