شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 20 ابريل 2024م06:01 بتوقيت القدس

من آخر ممتهني الحراثة التقليدية بنابلس..

محراث "دراغمة".. صديق الأرض في "اللُّبَّن"

08 فبراير 2022 - 11:11

شبكة نوى، فلسطينيات: بمحراثٍ تقليديٍ قديمٍ يجرُّه حِصان، يواصل المُزارع عبد الكريم دراغمة (64 عامًا) عمله منذ ساعات الصباح الأولى.

في أرضهِ فقط، يمكن أن ترى انسحابًا –بكامل الرغبة- من ركب الصراع التقني! هو، وحصانه، ورائحة الأرض وأشجار الزيتون، وحسب. تجمعهم كيمياء غريبة منذ ما يزيد على 30عامًا. برفقة محراثه القديم، يؤمن أن الأرض تبقى "ولّادة"، "فإهمال حراثتها يطفئ وهج التربة، ويضعف الإنتاج، ولا يشجّع على قطف الزيتون وقت نضجه بسبب عدم نظافة المكان" يقول.

ثلاثةٌ فقط بالإضافة إلى دراغمة، يمارسون مهنة الحراثة التقليدية في قريته "اللُبّن الشرقية" بنابلس، شمال الضفة الغربية، وهذا يدفعه كل يومٍ للتساؤل بينه وبين نفسه: ترى، ماذا سيحلُّ بالأراضي الزراعية حال اندثار هذه المهنة؟

يبحث دراغمة بين الفينة والأخرى عن الأراضي التي يهملها أصحابها فلا يحرثونها، فيستأجرها، ليجد النتيجة في النهاية مبهرة. يعقب: "كلما حرثتُ مساحةً أكبر، كلما أنتَجَت الأرض أكثر، وفي بعض الأوقات أحرث أربعة دونمات ما يزيد من رزق عائلتي".

يتابع: "لا يشعر صاحب الأرض بفائدة وأهمية الحراثة إلا في مواسم الحصاد.. هذه حقيقه، تحديدًا في موسم حصاد الزيتون، إذ تحتاج الأراضي إلى حراثةٍ مستمرة ليسهل حصادها، ويتضاعف رزقها".

ورغم أن الحراثة التقليدية تستنزف وقتًا وجهدًا كبيرين، ومردودها قد لا يتناسب مع حجم الجهد المبذول، إلا أن الرجل الستيتي يشبهها بـ "الدم الذي يسري في عروقه"، فهي مهنته التي ورثها عن والده وجدّه، ويأمل أن يورثها لأبنائه أيضًا.

وداخل فلسطين، حتى مهنة الحراثة لا تسلم من جبروت المحتل –وفق تأكيد دراغمة- الذي يتعرض للضرب والتضييق من قبل الجنود، وأحيانًا المستوطنين، كلما أراد أن يحرث أرضًا في أحد الجبال القريبة من المستوطنات.

يقول: "تعرضتُ للضرب كثيرًا، ولطالما هددني الجنود بمصادرة حصاني ومحراثي، لكنني أظل متمسكًا بهما، وأواصل حراثة الأرض رغم أي شيء، حتى أنني في بعض الأوقات، أتظاهر بعدم سماعهم وأواصل حتى أنتهي من عملي".

ما يوجع دراغمة، ابن الأرض، أنه يضطر أحيانًا لأخذ إذن الاحتلال، من أجل دخول الأراضي في بعض المناطق وحراثتها، "فكيف نستأذن لحراثة أراضينا؟!" يتساءل بانفعالٍ وغضب.

ويتألم الرجل كلما فكّر في إمكانية اندثار هذه المهنة، لا سيما في ظل المجهود الجبار الذي تحتاجه مقابل التطور التقني القائم، بالإضافة إلى تهديدات الاحتلال ومستوطنيه المستمرة، التي تجعل أي شخصٍ يهرب من التفكير بها كمصدر رزق، مؤكدًا أنّ ذلك "ولا شك، سينعكس سلبًا على مساحة وخصوبة الأراضي الزراعية، وجودة الإنتاج الزراعي الفلسطيني أيضًا".

يتمنى العم ضراغمة أن يتزايد الإقبال على مهنة الحراثة لتزداد خصوبة الأرض، وتزدان فلسطين بالأشجار المثمرة التي تحمل الخير لأصحابها، وتزيد من تمسكهم بها، والصمود فيها، والوقوف في وجه الاحتلال الذي يشد أغلال تضييقه في وجوههم ليجبرهم على الرحيل!

كاريكاتـــــير