شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 20 ابريل 2024م08:52 بتوقيت القدس

أزمة في العملتين بسبب سياسات الاحتلال..

الدولار والدينار في غزة.. أوراق بالية و"فكّة" بخسارة

19 اعسطس 2021 - 14:36

غزة:

لأكثر من ساعة ظلّت الشابة رفيف أحمد (25 عامًا) بانتظار دورها في أحد محلات الصرافة، من أجل سحب حوالة مالية بعملة "الدولار". تمكّنت أخيرًا من تسلّمها، لكن ضمن أوراقٍ ماليةٍ متهالكة، ومعظمها من فئة (20 دولارًا)!

الشابة التي لم تكن تعرف أن أحدًا من الصرافين لن يقبل تصريف هذه الدولارات لها "إلا بخسارة"، فرحت على شكل الكومة الكبيرة، فأخذتهم ومضت. في اليوم التالي، أتاها رد أحدهم صادمًا مع ضحكةٍ حاول أن يخفيها تحت كمامته: "هذه العشرينات (من عملة الدولار) ستخسر مبلغًا ليس بالهين، والله المستعان".

ويعاني قطاع غزة المحاصر منذ 15 عامًا؛ من أزمةٍ في توفّر عملتي الدينار والدولار، الأكثر تداولًا في القطاع، الأمر الذي تسبب في ضعف حركتي البيع والشراء، وأثّر بشكلٍ كبيرٍ على طلبة الجامعات الذين يدفعون رسومهم الدراسية بعملة الدينار الأردني، أضف إليهم من يتلقون حوالات مالية من الخارج.

شحُّ الأوراق النقدية منها، بات يدفع الغالبية العُظمى إلى الموافقة على صرفها بعملة الشيكل، بمبلغٍ أقل من سعر الصرف الرسمي.

عودةٌ إلى رفيف التي تعمل عن بعد، في ظل ضعف الفرص داخل قطاع غزة، وتتقاضى أجرها عنه شهريًا عبر تحويل المقابل من خلال محلات الصرافة، تقول: "هبوط سعر صرف الدولار، ناهيك عن شحه لدى الصرافين، جعلني أخسر كثيرًا من أجري، لا سيما وأن المبلغ الذي أتقاضاه ليس كبيرًا أصلًا".

محمد الجمل، والد الطالب المتفوق خالد الجمل، أراد دفع رسوم الفصل الدراسي الأول لابنه، ففوجىء باختفاء الدينار! وهو العملة التي تتعامل بها الجامعات الفلسطينية في قطاع غزة، على مستوى دفع الرسوم، وتوفير رواتب موظفيها.

يقول الجمل: "عندما ذهبتُ لتحويل المبلغ الذي أملكه لعملة الدينار، فوجئت به غير متوفر في السوق، وحتى إن توفر، فسعر الصرف هبط بشكل كبير، كنا نحوّل كل 100 دولار، إلى 70 دينارًا والآن هبط المبلغ إلى 68 دينارًا"، متابعًا: "اتصلتُ بالعديد من الأصدقاء، وذهبتُ إلى أكثر من محل صرافة، حتى تمكنتُ من توفير المبلغ المطلوب للجامعة".

لكن الجمل اكتشف أن المشكلة عامة؛ فصديقه الذي ينوي تزويج ابنه، أراد دفع المهر للعروس بالدينار –كما تجري العادة- ما اضطره للجوء إلى العديد من المعارف، والبحث عن محلّات صرافة لتوفير المبلغ المطلوب. "المشكلة هنا أن الكثير من الأوراق النقدية كانت بالية وقديمة، وواضح أن هناك مشكلة حقيقة يعانيها قطاع غزة" يعلق الجمل.

أصحاب محلات الصرافة بدورهم، أكدوا أن الأزمة موجودة، ويعاني منها قطاع غزة منذ مدّة، وقد أثّرت على عملهم بشكل كبير.

ويرجِع أبو صالح حرز الله صاحب أحد محلات الصرافة، أسباب شحّ عُملتي الدينار والدولار في قطاع غزة إلى عدة عوامل، أولها قلة السيولة النقدية التي تدخل القطاع بسبب الحصار.

فالمنحة القطرية التي تصل قيمتها إلى 30 مليون دولار شهريًا -وفق أبو صالح- كانت سابقًا تدخل نقدًا إلى قطاع غزة، ويتم توزيعها على الناس، وتداولها في السوق، فتؤدي إلى وفرة الدولار، لكنها مقطوعة منذ عدة أشهر، "أما السبب الثاني، فهو تأخّر صرف رواتب الموظفين، وهو مؤثّر، لكن ربما بدرجة أقل".

وبالنسبة لعملة الدينار الأردني، التي يجري تداولها أيضًا في قطاع غزة، فهي أكثر شحًا من الدولار كما يلحظ المواطنون.

ويعزو أبو صالح شحّ الدينار، إلى توقّف تبادل السيولة النقدية بين الضفة الغربية وقطاع غزة منذ مدّة، "فسابقًا –والحديث له- كان شحّ عملة يقابله وفرة في العملة الأخرى، ولكن هذه المرة الشحّ يطال العملتين معًا"، فالدينار يأتي عادةً من الضفة الغربية التي تحصل عليه من الأردن، ولكن التبادل متوقف بين الضفة والقطاع، ولهذا توقف دخول الدينار إلى غزة.

ويجزم أبو صالح أن عمل مكاتب الصرافة تأثّر بسبب الأزمة، فهي أوجَدَت فجوةً في سعر الصرف، بين السعر العالمي، وسعر صرف السوق المحلي، إضافةً إلى تأثيره على حركة السوق للمواطنين الذين تضرروا بشكلٍ كبير.

المحلل الاقتصادي محمد أبو جياب قال لـ "نوى": إن غزة تعاني من أزمة في توفر السيولة النقدية، والبنوك لم تتخذ سياسات احتياط، كما أنها تفرض قيودًا على إخراج الدولار من فروعها".

وعزا أبو جياب الأزمة إلى منع الاحتلال إدخال عملة الدولار إلى قطاع غزة، وعرقلة الجهود الدولية وتراجع التمويل، بالإضافة إلى الاستنزاف المستمر للعملة عبر البوابة المصرية للتجارة، التي تستهلك رصيد عملة الدولار باتجاهٍ واحد "من غزة للخارج"، دون تمكين الشركات الفلسطينية من تصدير منتجاتها للخارج، وتعويض العملة الصعبة، وعودتها باتجاه غزة.

ويرى أبو جياب، أن الحل يكمن في منح الشركات الفلسطينية، الصناعية والزراعية، مجالًا أوسع للتصدير إلى الخارج عبر البوابة المصرية، بما يقلل من انعكاسات الأزمة، والوصول إلى نقطة توازن تتجاوز السياسات الإسرائيلية ضد غزة، والإصرار على دخول المنح المالية، والمساعدات الدولية، نقدًا إلى غزة، ورفض أي محاولات لتحويلها إلى توريدات سلعية.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير