شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م11:13 بتوقيت القدس

طفلٌ فقد بصره في عدوان مايو

دموع ما بعد الحرب "تحرق".. واسألوا "محمد"

19 اعسطس 2021 - 10:04

قطاع غزة | نوى:

الموت في قطاع غزة، لا يعني أن يتوقف قلب الإنسان عن النبض، لا.. قد يموت الإنسان "حيًا" بإصابةٍ بعد "حرب".

"الموت" يلاحقنا، حتى في هذه التي يسمونها فترات "تهدئة"، يسرق ما تبقى في جيب أيامنا من فرح، ويطلب منا التأقلم: أنت في غزة، وتحت احتلال، إذًا فلتستعد لتغرف "الحزن" حتى قعر الوعاء.

لدينا هنا –على سبيل المثال- محمد شعبان، الطفل الذي فقد بصره بعد قصف طاله عائدًا من السوق بملابس العيد خلال عدوان مايو.

في ذلك اليوم، قررت والدة محمد (8 أعوام)، الهرب من زحمة التفكير بـ"الموت" تحت نيران صواريخ "إسرائيل"، إلى حيث يمكن أن يجد ابنها الفرح. عيد الفطر على الأبواب، و"لعل النار تتوقف إلى ذلك الحين" كانت تحدث نفسها. ظنّت أنها قد تكسر حاجز الخوف في قلبه، وتخلق بعضًا من فرح وسط كل هذا الدمار.

في السوق، قصفت طائرات الاحتلال هدفًا. كان محمد وأمه قريبان حد الموت لولا لطف الله، "لقد أصيب بعينيه"، تحكي أمه بعد تنهيدةٍ عميقة.

انفجرت عينه اليسرى بشكلٍ كامل، ثم دخل في حالة نزيف، تم نقله إلى المستشفى لإسعافه، "الحدث كان مؤلمًا وصادمًا" يضيف والده، مؤكدًا أن أول عمليةٍ خضع لها كانت لإيقاف النزيف، "استأصل الأطباء خلالها جزءًا من العين المتفجرة، وبقي فيها عدة شظايا، ما دفع الأطباء لتحويله إلى العلاج في المستشفيات المصرية".

في وضع القطاع المحاصر منذ ما يقارب 15 عامًا، إجراءات السفر طويلة ومعقدة، بعد طول انتظار تمكن الطفل من المغادرة "لكن بدون أب أو أم" لإجراءاتٍ لم يصرح بها والده.

عشرات الأيام، مكثها محمد في مصر يُعالج. الأطباء هناك، قالوا: لا أمل في عودة الرؤية بالعين اليُسرى، نتيجة التهاب حاد في العصب البصري للعين، "حيث تم حقنها بمضاد حيوي، ولم تستجب نهائيًا، فقط استطاعوا إيقاف الصديد حولها" حسب والده.

لا يمر الوقت بالنسبة للطفل الذي يحنّ إلى الدوام في مدرسته مع أصدقائه بسهولة، تمامًا كما "ليس هينًا عليه أنه لن يراهم بعد اليوم"، كما لن يلعب كرة القدم، ولن يركب دراجته الهوائية.. "هذا كله أدى إلى تفاقم حالته النفسية، وصعّب على عائلته التعامل مع وضعه، عندما صار لزامًا عليه أن يتأقلم مع واقعه الجديد" يتابع.

من الجدير ذكره، أن قطاع غزة فقد 65 طفلًا وطفلة، خلال العدوان الإسرائيلي الأخير الذي شنته "إسرائيل" في العاشر من مايو/ آيار الماضي، في حين أصيب عشرات غيرهم، بجراح متفاوتة.

في غزّة، تتفاوت فجائع الإنسان، لكنها كلها تضربه بيد واحدة، بطرق مختلفة.

تمامًا كموتٍ يمرّ فوق أجساد الفلسطينيين بجولة تصعيد أو في عدوانٍ كبير، تأتي الضربة ربما بصاروخٍ موجه من طائرة تترنح في سماء البلاد، أو بقذيفةٍ مدفعية أو بنيران بارجة بحرية، لا فرق، إنه قائمٌ على أية حال.

كاريكاتـــــير