شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 20 ابريل 2024م09:02 بتوقيت القدس

قفزت عن ملفات مهمة

حوارات القاهرة ... أولى الخطوات نحو ثلاثية بناء النظام السياسي

10 فبراير 2021 - 20:18

غزة- شبكة نوى :

أخيرًا، تم إنجاز أولى مراحل ثلاثية إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني في طريق الخلاص من 15 عامًا قاسية، لكن هذه الحوارات التي استمرت ليومين، قفزت عن الكثير من القضايا المهمة.

الفصائل الفلسطينية المتحاورة في القاهرة، أصدرت يوم أمس 9فبراير 2021، البيان الختامي لاجتماعات استمرت ثلاثة أيام أكدوا فيها التزامهم بالجدول الزمني للانتخابات الفلسطينية التشريعية المزمعة في 22 مايو القادم، يليها انتخابات المجلس الوطني والانتخابات الرئاسية.

الخطوة الأولى المُتفق عليها – أي الانتخابات التشريعية- تمت يليها المرحلة الثانية وهي الإجراء الفعلي للانتخابات ومن ثم المرحلة الثالثة ما بعد الانتخابات أي إعادة بناء النظام السياسي.

أبرز ما جاء في بنود البيان الختامي -الذي لاقى ترحيبًا واسعًا من مكوّنات المجتمع الفلسطيني- هو التعهّد بحماية نتائج الانتخابات وتذليل العقبات أمام اللجنة المركزية للانتخابات، لكن ثمة بنود فضفاضة تركت المجال واسعًا للتساؤل حول مصير الكثير من التفاصيل التي يحمل الفلسطينيون تجربة سلبية في إمكانية أن تقلب النتائج ونعود للنقطة صفر.

أبو ركبة:هذه المرة عكس المرات السابقة من التفاهمات وصلنا إلى مرحلة تحديد موعد الانتخابات والحالة لا تحتمل فشلًا

البيان لم يأتي بجديد وفقًا للباحث السياسي طلال أبو ركبة، فهذا ما تم التوافق عليه في اجتماع بيروت أواخر العام الماضي، لكنه اتصف في كثير من بنوده بالعموميات، مثلًا تخفيض سن الترشّح وخفض التكلفة المالية للقوائم ونسبة مشاركة المرأة، تركها كتوصية أي أنها غير مُلزِمة، لكن الجيد هو تشكيل محكمة للانتخابات تشمل الجغرافية الفلسطينية كاملة، لنتجاوز ما حدث في الانتخابات المحلية لعام 2016 حين أبطلت محكمة غزة قوائم لحركة فتح فألغيت الانتخابات، وتحديد الجهات المشرفة على الانتخابات وهي الشرطة الفلسطينية بعيدًا عن تدخلات أي أذرع أخرى ضمانة للشفافية.

ولأن الشيطان يكمن دومًا في التفاصيل، يُخشى أن تؤدي هذه العموميات إلى قلب حالة التفاؤل وفقًا لأبو ركبة، هذه المرة عكس المرات السابقة من التفاهمات وصلنا إلى مرحلة تحديد موعد الانتخابات والحالة لا تحتمل فشلًا في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية، لذا فما زالت الأمور جادّة حتى الآن انتخابات تحرّك المياه الراكدة، والذهاب نحو نظام سياسي تعددي تنموي قائم على أساس الشراكة الوطنية، فالانتخابات هذه المرة بنظام القائمة ولا يوجد أي قائمة يمكنها إحراز 50% من الأصوات +1 بالتالي فالذهاب نحو تحالفات سيؤدي إلى إعادة بناء النظام السياسي.

لكن علينا الانتباه أن هذه الانتخابات هي بداية نحو إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني، وهي فعل نضالي بامتياز كما يقول أو ركبة، فحين نكون أمام برلمان تعددي نعيد الاعتبار لبرنامج موحد ورؤية فلسطينية موحدة تنهض مجددًا بالمشروع الوطني في ظل ما نشهده من تطبيع عربي مع الاحتلال الإسرائيلي، وتخلي المجتمع الدولي عن دره في تطيق القوانين.

عودة:اللافت هو غياب أي معلومة متعلقة بانتخابات المجلس الوطني وكل الأطراف ما زالت تتجنب الشفافية في هذا الشأن

وتتفق الباحثة السياسية نور عودة مع أبو ركبة في أن البيان ملئ بالعموميات، بل إنه ترك بعض الأسئلة بحاجة لإجابات، مثل طلب عدم محكومية المرشح، وهذا سابقة خطيرة فيه ليّ عنق القانون وفكرة الحكم الرشيد لتكون على مقاس الإرادة السياسية للأطراف كافة، ناهيك عن ترحيل الكثير من الأمور لشهر مارس في الاجتماع المقبل للفصائل، ورغم أن الجميع يبدي جدّية كبيرة هذه المرة، لكن خطر التراجع دومًا موجود، فنحن لدينا تجارب متكررة ومريرة، وأي انتكاسة سيكون ثمنها باهظ جدًا.

اللافت أيضًا، هو غياب أي معلومة متعلقة بانتخابات المجلس الوطني، تقول عودة، وكل الأطراف ما زالت تتجنب الشفافية في هذا الشأن، ولم نسمع أي أخبار حول تسجيل الناخبين- الفلسطينيون في الخارج- ولا من المسؤول عن تسجيلهم وكثير من الأمور التفصيلية، معربة عن خشيتها أن تكن هذه محاولة من قبل الأطراف للتوافق على محاصصة بدلًا من الانتخابات وهذا أمر سلبي رغم أن هناك أماكن لا يمكن إجراء الانتخابات فيها.

تصرّ عودة على أن الضمانة لتنفيذ ما تم التوافق عليه هو الوعي الشعبي الفلسطيني، فحتى الآن 90% من الناخبين سجّلوا أسماءهم وحدّثا بياناتهم، وهذا يعكس إرادة جامحة لدى الناس للتغيير، لذا يجب أن يشعر الأطراف أن الثمن السياسي سيكون باهظ جدًا حال حدث التراجع، وينغي أن يستمر الضغط الشعبي والمؤسساتي، فالملفات التي تم تأجيلها لما بعد الانتخابات كبيرة ومهمة وهي بحاجة إلى رؤية وطنية لحلها وليس الحكومة التي ستعقب الانتخابات فقط.

المصري:قد يستغل الطرفان المحكوميات الظالمة التي جاءت في إطار الانقسام لإسقاط شخصيات أو قوائم

ويبدو الباحث السياسي عزيز المصري أكثر حذرًا من سابقيه في التعامل مع مخرجات اللقاءات ككل، فهو يرى إن الحوار بشكل أساسي لم يتناول قضية إنهاء الانقسام بشكل كامل، واقتصر على مناقشة تسهيل الوصول إلى الانتخابات وتحديدًا مرجعية المحكمة الدستورية في النظر في الطعون وإدارتها، ولم يناقش البيان بجدّية جزئية المحكوميات في الضفة والقطاع واكتفى بتركها توصية غير ملزمة حسب صياغة البيان، وقد يستغل الطرفان هذه المحكوميات الظالمة التي جاءت في إطار الانقسام لإسقاط شخصيات أو قوائم لا ترغب حماس فتح بوجودهم.

ووفقًا للمصري فإن هذه العموميات يمكن أن تفجّر أزمة لاحقًا، فالبنود فضفاضة وحمّالة أوجه، والأزمة برزت منذ اللحظة الأولى لصدور البيان ورأينا كيف اختلف الشارع الفلسطيني في تفسيره، بالمحصلة؛ ويبدو من صياغته أن الجميع لا يريد تسجيل الفشل أمام الوسيط المصري والشارع الفلسطيني، لكن من المستبعد –والقول للمصري- أن يكون هذا البيان هو خلاصة ما جرى في القاهرة، فأغلب التفاهمات والتوافقات بين فتح وحماس لم تُنشر فيه وما زالوا في حالة حوار مستمر بينهم، وعمليًا لا يُنظر للبيان بشكل جدّي بقدر ما ننتظر ما يجري سرًا ين الفصيلين في الاجتماعات المغلقة التي لم يرشح منها شيئًا للإعلام.

ولا ينظر المصري بإيجابية نحو تأجيل الكثير من القضايا المهمة وتحميلها للحكومة التي سيتم تشكيلها بعد الانتخابات، فكان الأولى الانتهاء من أزمة موظفي قطاع غزة وملفات التقاعد القسري والمالي وتفريغات 2005 وهي أزمات أوجدتها حكومة الحمد الله ولم تحلها حكومة اشتيه، بالتالي لم يكن من المناسب تحميلها إلى حكومة لاحقة مثقلة بملفات ما أفرزته 15 عامًا من الانقسام، وعليه فالمعوقات التي يمكن أن تعرقل تنفيذ الاتفاق ما زالت موجودة فعليًا وقوية تتمثل في اللوبيات بالضفة القطاع ومن استفادوا من واقع الانقسام، ولكن هذه المرة يوجد إصرار مصري على عدم الفشل، ورسائل أمريكية ودولية قد تدفع للمواصلة.

كاريكاتـــــير